وهل يمكن لحمى الحملة الإنتخابية أن تنسينا رموز وأعلام النبوغ الجزائري في دنيا الأدب والفكر والصحافة؟ ..تساؤل مشروع واجهني هذه الأيام، بعد أن مرت ذكرى وفاة الأديب الناقد الدكتور محمد مصايف مر الكرام. وقد سبق لي أن كتبت مقالة إفتتاحية عقب وفاته منتصف جانفي 1987، نشرت بملحق النادي الأدبي لجريدة الجمهورية بتاريخ 25 جانفي 1987، ضمن عدد تذكاري خصصناه لرحيل المرحوم محمد مصايف، ويتضمن كتابات وصور وشهادات كل من: عبد المالك مرتاض، أمين الزاوي، الحبيب السائح، ربيعة جلطي، أم سهام، بختي بن عودة، مخلوف عامر، شايف عكاشة، عياش يحياوي، خليل بن الدين.. وظهرت تلك المقالة في أربع صفحات ضمن كتابي: بصمات وتوقيعات، الصادر سنة 2007 عن وزارة الثقافة. ينبغي للأديب كما يوضح مصايف في كتابه "دراسات في النقد والأدب" ألا ينسى أنه يكتب لقراء نصف مثقفين ولجماهير ترى نفسها فيما يكتب عنها، وأن يعتني بعبارته، ويوضح أفكاره ومواقفه، فيظهر عمله في متناول أغلبية القراء، والقضية تخص اللغة والأسلوب والمضمون ذاته. ويعتمد الدكتور مصايف في منهجه النقدي، على الدقة والوضوح، حيث يؤكد بأن الوضوح في اللغة والأسلوب شيء أساسي بالنسبة للأدب الحديث، الذي يهدف إلى خدمة الجماهير، فوضوح الأفكار مرحلة هامة تمهد لوضوح الأسلوب واللغة، وإن أكثر الغموض الذي نصطدم في بعض الأساليب إنما هو من آثار الغموض في الموقف والأفكار. يعتبر الدكتور محمد مصايف، من أبرز رواد الحركة النقدية في بلادنا، قدم للمكتبة الجزائرية تسعة كتب أدبية ونقدية قيمة تحمل العناوين التالية: 1 - فصول في النقد الجزائري الحديث (1974) 2 - في الثورة والتعريب (1974) 3 - جماعة الديوان في النقد (1974) 4 - النقد الأدبي الحديث في المغرب العربي (1981) 5 - القصة القصيرة الجزائرية في عهد الإستقلال (1982) 6 - الرواية العربية الجزائرية الحديثة (1983) 7 - دراسات في النقد والأدب (1984) 8 - النثر الجزائري الحديث (1985) 9 - المؤامرة. رواية (1985) وما بين سنة 1985 وجانفي 1987، حيث رحل عنا في عز الشتاء. نشر الدكتور محمد مصايف عدة دراسات ومقالات في الصحف الوطنية: الشعب والنصر والمجاهد الأسبوعي ومجلة الرؤيا الصادرة عن إتحاد الكتاب الجزائريين، كما أشرف على إعداد حصص أدبية بالإذاعة الوطنية. وبعد مرور شهر على ذكرى وفاة أديبنا الدكتور محمد مصايف، نعود اليوم لنؤكد بأن خلود الأديب أو المفكر أو الفنان غير مرتبط بفترة زمنية محددة أو لدى مجموعة معينة، فأعماله وآثاره هي التي تحكم له أو عليه في حياته أو بعد مماته، ولعل أفضل تكريم وتخليد لهذا الناقد الجزائري يتمثل في جمع وطبع أعماله المخطوطة والمغمورة، وتوفيرها بين أيدي القراء من محبي الأدب ومتتبعي الحركة النقدية في بلادنا، خدمة لثقافتنا الوطنية. ومع هذا وذاك، يظل التساؤل قائما: هل نال أديبنا المرحوم الدكتور محمد مصايف حقه من الدراسة والتقدير ؟.. ولماذا لم يطلق إسمه حتى الآن على أي معهد جامعي أو مؤسسة تربوية وثقافية؟..