عشرون فتاة من بين ثلاثين تتزوجن يوميا بوهران دون حضور آبائهن بعض الفتيات وجدن في فكرة الزواج دون حضور آبائهن فرصة النجاة من قمعهم وطغيانهم، و بعضهن الآخر لم تجدن بديلا عن هذا الحل لتؤسسن أسرا ...و في كلتا الحالتين تبقى معاناة المرأة متواصلة في مجتمع فقد العديد من مقوماته وتماسكه و احترامه للمرأة. النصر حاولت رصد بعض الآراء وحالات بنات دخلن المغامرة. تنص المادة 7 معدلة من القسم الثاني من الباب الأول من قانون الأسرة لسنة 2005،على ما يلي "تكتمل أهلية الرجل والمرأة في الزواج بتمام 19سنة..."، عدلت هذه المادة وفقا للأمر رقم 05-02 المؤرخ في فيفري 2005، وكانت قبلها تنص على أن أهلية الرجل للزواج تكتمل في سن 21 سنة وللمرأة في ال18. لعل هذا التعديل سمح باعتماد سن موحد للجنسين لإعتبارهما زوجين ولم يؤثر على الميزة الإجتماعية للقران. لكن المادة 11 معدل تقول " تعقد المرأة الراشدة زواجها بحضور وليها، وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص آخر تختاره". بينما كان نص المادة قبل التعديل "يتولى زواج المرأة وليها وهو أبوها أو أحد أقاربها الأولين والقاضي ولي لمن لا ولي له". و تناولنا للموضوع جاء بعد أن عرف هذا النوع من الزواج ارتفاعا كبيرا في المجتمع ونتائجه كانت وخيمة على بعض الفتيات. العقد في البلدية فقد معناه قال ضابطان للحالة المدنية بمصلحة إبرام عقود الزواج ببلدية وهران، أنه من بين 30 عقدا يبرم يوميا يوجد ما لا يقل عن 20 عقدا يتم دون حضور الولي الشرعي وهو الوالد،لأن أغلب الفتيات يصطحبن الأخ أو العم أو الخال أو أحد الأقارب معلقين:"لم نعد نرى الآباء إلا في حالات نادرة"، وأضاف المتحدثان :" بالنسبة للشهود يتم جلب كل من هبّ ودبّ .لاحظنا قرب البلدية مجموعة من الشباب يعرضون خدمات الشهادة على عقود الزواج لمن يدفع مبلغا من المال، لكن عندما تعودنا على رؤيتهم وتفطنا لهم أصبحنا نرفض دخولهم حتى لقاعة إبرام العقود، وأصبحنا صارمين في كيفية إختيار الشهود" ،هكذا فسر الضابطان ما يجري يوميا في قاعة إبرام عقود الزواج، فبالإضافة لعدم وجود الآباء، حتى الشهود أصبح مشكوكا في أمرهم. أما العرائس و العرسان فلم تعد المظاهر تهمهم "بعض الشباب يدخلون علينا وهم يرتدون ملابس غير مناسبة وكأنهم في سوق، اختفى اللباس المحترم حرمة العقد الذي يبرم" ،وواصل ضابط الحالة المدنية كلامه وهو يتأسف لما يحدث في مجتمعنا من قصص مؤسفة مؤكدا: "أصبحت أبرم عقود الزواج وكأنني أوقع على شهادة ميلاد، أو أي وثيقة عادية تصدر عن مصالح الحالة المدنية". ونحن بهذه المصلحة صادفنا فتاة في العشرين من عمرها، تسأل عن كيفية فسخ عقد الزواج الذي أبرمته قبل يوم واحد فوجهها ضابط الحالة المدنية الذي أبرم عقد زواجها نحو المحكمة لكي تخضع للإجراءات المناسبة، وسألها عن السبب الذي يجعلها تطلب الطلاق بعد 24 ساعة من إبرام العقد، فقالت: "اكتشفت عدة أمور كان يخفيها عني"، ولم ترد أن تطلعنا ماذا اكتشفت في ظرف 24 ساعة لكي تطلب التطليق ، وبعد انصرافها قال الضابط "هذه عينة من اللواتي يبرمن عقود الزواج دون أب". آسيا إطار بجامعة وهران: دور العائلة أصبح واجهة في الزواج "من الناحية الأخلاقية هذا النوع من الزواج غير مرغوب فيه ،يجب ألا ننسى أن أولياءنا أكثر خبرة منا ويمكن أن يروا ما لا نراه كما أن حضورهم هو سند معنوي كبير، خاصة وأن المرأة غالبا ما تأخذ قراراتها بالعاطفة وليس العقل مما يجعلها معرضة للأخطار. لكن إذا وجدت الفتاة أن الرجل المتقدم لها تتوفر فيه شروط الزوج الصالح فلا مانع أن تتمسك به وتعقد قرانها دون حضور والدها، وعليها أن تتحمل مسؤولية قرارها لأنها ستغامر. من جهة أخرى ، لا نغفل أن 99 بالمائة من حالات الزواج في الوقت الحاضر هي ناتجة عن قرار المرأة والرجل، والعائلة أصبحت واجهة تلعب دور إتمام الإجراءات العرفية حسب التقاليد، فغالبا ما يذهب الأهل لخطبة فتاة تكون قد اتفقت مع الخاطب على كل التفاصيل، ولكن يبقى هذا الإجراء ميزة جميلة لترابط الأسر. ولا يمكن أن ننكر أنه يوجد أولياء يرفضون كل من يتقدم لخطبة ابنتهم دون سبب واضح، رفض من أجل الرفض". زهراء موظفة :أهلي رفضوا ثلاثة عرسان "اكتسبت خبرة من رفض أمي وأبي لمن تقدموا لخطبتي، الأول كان من العائلة وسبب رفضه هو أن أمي كانت متخاصمة مع والدته، لكني لم أهتم للأمر وقلت أن المكتوب لم يأت بعد. وبمرور السنوات جاء لخطبتي رجل توفيت زوجته بعد شهور من الزواج ، ورغم أنه مقتدر ولا يزال شابا إلا أن أهلي عارضو هذا الزواج لأنهم لا يريدون تزويج إبنتهم لرجل ماتت زوجته فهذا فأل شر غير مرغوب فيه، وسايرتهم في القرار.الفرصة الثالثة كانت من طرف شاب لا ينقصه شيء، عامل وله سكن وأعجبني، لكن صدمت لرفض والدي له لأنه يسكن خارج مدينة وهران. هنا تفطنت بأن والداي يقفان أمام سعادتي ولا أعرف لماذا، واليوم قررت أن أواجههما إذا تقدم لي خاطب لن أتنازل عنه، سأفعل المستحيل من أجل إرغامهما على الموافقة، لأنني مهما يكن لن أتزوج دون موافقتهما وحضورهما لأن إغضابهما يغضب الله، لكن في الوقت ذاته لن أسمح لهما بتعطيل زواجي أكثر فالسن يتقدم بي والفرص لا تأتي إلا مرة. أتمنى أن أتزوج برضا والداي لأنهما رمز الحماية و الدعم المعنوي الذي لا أستغني عنه". عفاف موظفة : الزواج دون حضور الأب ألم داخلي للفتاة "عندما ذهبت لعقد القران حضر إلى جانبي والدي، ذاك إحساس لا يمكن وصفه و مجرد توقيع الأب في السجل أعطاني إحساسا بالأمان. لو لم يكن والدي موافقا على زواجي لا أتزوج حتى لو كنت أحب الشخص الذي تقدم لي. أعتقد أن عدم حضور الأب لعقد قران البنت يسبب لها ألما داخليا موجعا وكأنها وحيدة في هذه الدنيا ، وإذا استجابت لرفض والدها ولم تتزوج فالوجع نفسه يتكرر، فهي بين نارين.العلاقة الزوجية يجب أن تبنى على قاعدة متينة يؤطرها الأولياء، لضمان مستقبل مريح". نجوى موظفة مختصة في القانون :شرط الزواج الشرعي في الإسلام هو حضور الولي "الولي الشرعي هو الأب، خاصة إذا لم يكن عاجزا أو لديه مانع يمنعه من مرافقة ابنته في يوم عقد قرانها. بالنسبة لي واجهت رفض الوالد لزواجي، لقد رفض كل العرسان الذين تقدموا لطلب يدي منه و من بينهم زوجي الحالي، ولكن تمكنت من إقناعه بطرق مختلفة. كانت المهمة صعبة ولكن لا أستطيع الزواج دون موافقة والدي رغم أن القانون يسمح بذلك، ومن ناحية أخرى المرأة ليست حيوانا تباع لشخص يرضاه الوالدين ولا تتحمله هي. أوافق على عقد القران دون حضور الأب في حالات كثيرة، منها عندما يكون هذا الأب مجرد أب بيولوجي فقط لا وجود له في حياة أولاده وأسرته". فاطمة عاملة نظافة: تزوجت دون حضور والدي هروبا من جحيمه "لم أكمل دراستي بسبب والدي الذي كان لا يعيلنا يعني لا يعطينا المصروف ويضرب والدتي ويعاملنا معاملة سيئة. عندما كبرت بدأت العمل كمنظفة في البيوت، لأساعد والدتي وإخوتي ،لكن كان أبي مدمنا على الخمر ويأخذ كل المال الذي أتقاضاه ولا أستطيع الرفض، حتى عندما أمرض لا أجد مبلغا لشراء الدواء، الذين كنت أعمل عندهم كانوا يساعدونني في ذلك.عندما وجدت الشخص المناسب الذي تفهم وضعيتي وأحبني تزوجت به دون علم والدي، حيث لجأت لجارنا فقبل أن يكون وليا لي يوم عقد القران. الحمد لله أعيش الآن معززة مكرمة في بيت الزوجية ولدي أطفال.لولا هذه المادة القانونية لا أدري ما كان مصيري اليوم".