المجلس الشعبي الوطني: يوم برلماني حول المقاربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة    دور المجتمع المدني في تعزيز السلم والوقاية من الإرهاب ومكافحته في إفريقيا" محور ملتقى الأحد القادم بالجزائر    رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة إحياء الذكرى ال63 لعيد النصر    اتخاذ اجراءات قانونية ضد 53 مستوردا للموز أخلوا بالتزاماتهم تجاه الدولة    الحماية المدنية: لم يتم تسجيل أي خسائر بشرية أو مادية عقب الهزة الأرضية التي سجلت بولاية المدية    جامعة "مصطفى اسطمبولي بمعسكر: 40 مشارك في الطبعة الأولى لمسابقة "قارئ الجامعة"    بطولة إفريقيا للمحليين 2025: المنتخب الوطني يشرع في تربصه التحضيري بعنابة    رياضة: حملة للتبرع بالدم يوم الخميس بالقاعة البيضوية للمركب الاولمبي    تصفيات كأس العالم 2026/بوتسوانا- الجزائر: "الخضر" يحلون بغابورون    وهران : مسرحية "باغي نشيع" لمحمد ميهوبي تسلط الضوء على ظاهرة السعي وراء الشهرة عبر الانترنت    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى أكثر من 342 شهيدا    04 إرهابيين يسلمون أنفسهم وأسلحتهم    مشروع توسعة مصنع "فيات" بوهران بلغ 70 %    المصادقة على مشروع قانون اختصاصات محكمة التنازع    باتنة : الدرك الوطني بفسديس توقيف مشتبه فيه في قضية سرقة المواشي    إحباط عملية ترويج 4300 وحدة من مؤثرات عقلية    استخراج شهادة الجنسية ببطاقة التعريف أو جواز السفر    عقد اجتماعا لمناقشة واستعراض المستجدات الوطنية والدولية    هل الشعر ديوان العرب..؟!    أول رحلة للحجاج في 10 ماي المقبل    ضرورة وضع استراتيجية مناسبة لحماية القصّر    الشباب والاتحاد يتعادلان    الدولة حريصة على ترقية تعليم الرياضيات    نحو رفع مساحة المحيطات الفلاحية المسقية    حوادث المرور تتفاقم خلال رمضان    صلاة التراويح.. أبعاد روحية واجتماعية    الشرطة تواصل حملاتها    جنرال فرنسي أمر بتعميم التعذيب على الجزائريين    اليمن.. حرب جديدة على قائمة ترامب    آفاق جديدة لتصدير الكهرباء    الشيخ عبد القادر الجيلاني.. أحد أشهر الأئمة الأقطاب    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    هذه تعليمات سعيود..    هذا موعد أول رحلة حج    حماية الأجيال الناشئة من الوقوع في آفات تضر بالمجتمع    الجزائر تحتضن الألعاب المدرسية الإفريقية في 25 جويلية    بيتكوفيتش يدافع عن بن رحمة وأوكيدجة    تنسيق قطاعي لإنشاء مراكز للابتكار    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    "أناب" تطلق حملتها التضامنية    مهن موسمية تزدهر في رمضان    فتح باب المشاركة في الدورة 15    التحديات الزوجية في إطار كوميدي خفيف    ليلة النصفية.. موعد للّمة العائلية والأطباق التقليدية    منظومة المخزن تكرّس النّهب وتخنق المواطن    منتدى حول الصحراء الغربية غدا بسويسرا    "حماس" تدعو إلى الالتزام باتفاق وقف إطلاق النّار في غزّة    هكذا يتم استخراج كشف الهوية البريدية    بن ناصر مهدد بتضييع لقاءي بوتسوانا والموزمبيق    اجتماع تنسيقي حول الربط الرقمي البيني    بمشاركة 17 مترشحا متأهلا من مختلف ولايات الوطن..الطبعة ال14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي تنطلق هذا الخميس    الشروع في عملية حجز تذاكر السفر للحجاج : انطلاق أول رحلة نحو البقاع المقدسة يوم ال10 ماي المقبل    الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة    فضل الجلوس بعد صلاة الفجر    انطلاق تربص الخضر الخاص بمباراتي بوتسوانا وموزمبيق : إصابات وغيابات واستدعاء صهيب ناير لتعويض بن ناصر    الجزائر تتجه لتوطين صناعة الدواء بمختلف الأصناف    الحقن وطب الأسنان لا يفسدان الصيام والمرضع مخيَّرة بين الفداء أو القضاء    حفظ الجوارح في الصوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين التحرر، تعنت الآباء، وارتفاع المهور.. فتيات يدفعن ثمن تفويت قطار الزواج
نشر في النهار الجديد يوم 01 - 07 - 2008

"النهار" تتسلل إلى مجتمع العوانس بعين الدفلى وتستقي اعترافاته منال ضحية جمال جعل منها لوحة باهرة.. وراضية ناقمة على شروط والدها التعجيزية
أطلق بعض المتحدثين عن المجتمع الجزائري اسم "مجتمع العوانس" مبررين ذلك بالأرقام التي تداولتها الصحف الوطنية وما عرضه المعهد الوطني للإحصاء، والذي مفاده أن الجزائر تعرف حوالي 5 مليون عانس فوق سن ال 35، كما يسجل سنويا دخول ما يفوق 200 ألف فتاة هذه البورصة المفتوحة.
وتعددت الأسباب في ذلك، فمنها الظروف الاقتصادية، أو البطالة، أو ارتفاع المهور، أو أسباب أخرى، حسب ظروف كل منطقة، إلا أن السؤال المطروح هو: هل يمكن أن تكون الفتاة ذاتها سببا مباشرا في عنوستها؟
بغض النظر عن حقيقة الأرقام من حيث المبالغة أو المطابقة، فإن ظاهرة العنوسة وما يقابلها من عزوف الشباب عن الزواج واقع لا مفر منه، رغم أن تجلياته في عمق مجتمعنا تثير مخاوف عدة، وقد اختلف كثير من دارسي الظاهرة في الوقوف على أسبابها، فمنهم القائل بأن الظروف الاقتصادية والاجتماعية تلعب دورا في عزوف الشباب من الذكور عن الزواج، وبالتالي تقع الفتاة باعتبارها متغيرا تابعا ضحية المجتمع، ومنهم القائل بأن تشدد الأهل سواء بالمبالغة في طلب المهر أو الاشتراط على الزوج وأهله سبب كاف للتنفير، في حين ذهب آخرون للقول بأن الفتاة نفسها هي سبب وقوعها في شراك العنوسة لاندماجها في الوظيفة أو الدراسة ورفضها المساومة بينهما، أو لنزعة الغرور التي ترافقها بين المراهقة والنضج، حيث ترسم لفارس الأحلام صورا من الخيال تتحطم على عتبات الواقع ..
ووقوفا على واقع الأسباب، ارتأت "النهار" أن تركز على الظاهرة بولاية عين الدفلى وأن تقتنص الحديث مع الكثيرات ممن لم يركبن بعد قطار الزواج حتى لا نقول فاتهن، واستطلاع آراء من لهم علاقة بالموضوع..
هل الفتاة مسؤولة عن عنوستها؟
اختلفت الإجابات عن سؤالنا "هل يمكن أن يكون جمال الفتاة سببا في عنوستها؟" حيث تقول "منال"، التي تعدت 34 سنة، معلمة بالمتوسط، غير متزوجة، وذات جمال بارز وقوام رشيق، "أنا ضحية جمالي الذي جعل مني لوحة ينظر لها الناس ولكن يتخوفون من الاقتراب منها، ربما يخشون الرفض ..لست أدري، لماذا يتغزل بي الجميع في الخارج ولكن لا أحد منهم يقترب لخطبتي، هذا الجمال صار عليّ نقمة ..".
في حين تقول "حسيبة "، ذات ال 27 سنة، غير متزوجة "يقولون عني مغرورة بجمالي ومتكبرة. وفي الحقيقة أنا لست كذلك، ولكن شباب اليوم يرفض الزواج ويميل إلى العبث لعجزه عن تحمل مسؤولياته كرب أسرة، ولذلك هو بارع في إطلاق الشائعات والإفساد على البنات، خاصة الجميلات منهن ..".
وفي المقابل يقول "عبد النور.ن" 28 سنة "أنا أبحث عن زوجة، وسأختارها متوسطة الجمال، لأن الجميلة لها طلبات كثيرة، كما لها معجبين كثر .."، أما "بن يوسف"، في ال 40 سنة، مقبل على الزواج فيقول "يا أخي، الجمال هو جمال الروح وليس الوجه .. المهم أن تكون ذات أخلاق ومستعدة لبناء أسرة ..".
وحول سؤالنا "هل ترفض البنت الزواج؟" تلقينا إجابات متقاربة، إذ تقول "ياسمين" ".. أختي أستاذة جامعية في ال 32، ولم تتزوج حتى الآن بسبب غرورها ورفضها للعرسان، بحجة أنهم لا يساوونها في المستوى التعليمي .. أنا أصغر منها ب 6 سنوات وعندي طفلان".
وفي سياق تحفظات أخرى يضيف "وسيلة.ق"، 33 سنة، غير متزوجة وموظفة "تقدم لي عدة خطّاب في فترة دراستي بالجامعة ولكني رفضت، فأكثر المتقدمين لي كانوا يشترطون مكوثي بالبيت والتوقف عن الدراسة، وهذا حسب رأيي آنذاك كان تحديا صارخا لحريتي كامرأة تسعى لتحقيق ذاتها، وكنت أرى هذا التصرف الرجالي استفزازا وإلغاء لكل المجهودات التي بذلتها في حياتي".
أما "ليلى. س"، 42 سنة، رئيسة إحدى الجمعيات النسوية، فذهبت باتجاه موقف متطرف وجذري لا يجد في الزواج هدفا أو غاية في حد ذاته، وعبّرت عن رأيها بكل وضوح قائلة "لم نعد في العصور القديمة، حيث كان الرجل يلعب الدور الوحيد في كفالة الأسرة ورعايتها، فقد استطاعت المرأة أن تسحب هذا الدور منه وتتكفل بنفسها وحتى بذويها، ولذلك يجب على الرجل الذي يريد الزواج أن يتفهم موقعه وإلا فلا ضرورة للزواج أصلا".
دور الآباء في تفويت فرصة زواج بناتهن
وجهت العديد من القناعات والشهادات أصابع الاتهام إلى السلوك غير السوي للوالدين مع قضية زواج بناتهم، ومن حيث لا يدرون يكونون عائقا أمام استقرارهن في بيوتهن الجديدة، إذ لم تتردد "راضية.م" 31 سنة ماكثة بالبيت في تحميل الوالدين جانبا من مسؤولية تأخر الزواج، ضاربة واقع أسرتها كعينة حية، وقالت "أنا الصغرى في أخواتي الثلاث، وكلنا غير متزوجات، السبب فيما نحن فيه هو والدنا المتسلط ومبالغته في اشتراط التكافؤ الأسري والعائلي، الأمر الذي نفّر كل المتقدمين لخطبتنا ..".
أما "جميلة. ز" 28 سنة، تعمل في محل حلاقة، فقد ذهب إلى كشف تذمرها الشديد من معاملة الوالد في أمر الزواج واتهمته بالمتاجرة فيه عن حسن نية وبدافع ظروفه الاجتماعية الصعبة دون مراعاة لعواقب ذلك على مستقبلها، فتقول "أنا وأختي "سلاف" الأصغر مني بسنتين نمثل لأبينا البطال سلعة ثمينة، لذلك فهو يبالغ في وضع الشروط للمتقدمين لخطبتنا، كنوعية عمل الشاب، واشتراط المسكن، ناهيك عن قيمة المهر وما يرافقه .. وهذا كان سببا كافيا لوضعنا في صورة سيئة في نظر الخطاب".
من جهتها أكدت "كريمة.ف"، 22 سنة، طالبة جامعية، تضرر الأسرة جراء سلوك الوالد السيئ، وخاصة إدمانه على الخمر، وهي حالة تعيشها أختاها بألم شديد، وأوضحت "لي أختان أكبر مني معروفتان بالجمال يطمح في الزواج منهما الكثير من الشباب، ولكن أخلاق أبي المدمن على الخمر أصبحت حاجزا يعيق ذلك، فلقد فرض علينا بسلوكه هذا سمعة سيئة جعلتنا محاصرين بالإشاعات والأقاويل، الشيء الذي ضيع علينا كثيرا من الفرص في بناء حياة زوجية سعيدة".
أما "عائشة.ك "، 36 سنة، غير متزوجة، فقالت إنها ضحية علاقة عائلية واتفاق بينها مما فوت عليها فرص زواج أكيدة، وتضيف بمرارة "عشت في منطقة ريفية ومنذ الصغر ووالداي يقولان إنني مخطوبة لابن عمي، أي موقوفة له، فشاعت الأخبار ولم يتقدم لخطبتي أحد، بينما سافر ابن عمي وتزوج من أخرى ورحت أنا ضحية الحجر والعادات".
وتقول" فاطمة الزهراء.خ"، 37 سنة، وهي في نفسية حرجة جدا "والداي هما السبب فيما أنا فيه، فأمي تريد شابا من أسرة مرموقة، وأبي يطلب أشياء تعجيزية من الخطاب ويتشددان في مطالبهما حتى لم يعد أحد يتقدم لي، خاصة وأنني ماكثة بالبيت. صدقني حاولت الانتحار كثيرا، ولكني أعود وأقول هذا نصيبي والحمد لله على مكتوب ربي".
آراء مختلفة
وبين هذا وذاك، حاول آخرون من خارج دائرة المعدلات السابقة الوقوف على خلفيات اتساع مساحة العنوسة وسط الفتيات بكل موضوعية وتجرد مركزين على العوامل المشتركة والسائدة، حيث يقول "ب.ط"، ضابط حالة مدنية بإحدى بلديات عين الدفلى "تقلصت مواسم الزواج وأصبحت محدودة، والمتزوجون ماضون في خط الانقراض على عكس وضع ال 10 سنوات الماضية، حيث كنا نعمل في عقد القران على مدار السنة، كما أن الطريقة اختلفت والنوعية كذلك .. حيث أصبح للشباب مجال واسع للاختيار نظرا للكم الهائل في نظري من المترشحات للزواج".
ويقول المحامي "بن ناصر.ع " "رفض البنت للزواج وغرورها واعتقادها أن فارس أحلامها لم يأت بعد، والبعد عن الدين والجهل بأحكامه التي تحث على الزواج، إلى جانب استهتار الشباب من الذكور والظروف القاهرة التي جرفت الشباب إلى العزوف عن الزواج من فقر وبطالة والعجز عن توفير المسكن، عوامل أعتبرها أسبابا مباشرة ساهمت في استفحال ظاهرة العنوسة، وحلها يأتي من مساهمة الدولة أولا بتوظيف الشباب وتوفير السكن لهم ثم في الدعاية والترغيب والحث على الزواج عن طريق الوسائل المختلفة والجمعيات .. ولِمَ لا إعادة بعث الزواج الجماعي".
أما الشيخ "م.م"، إمام مسجد فيقول "ما زالت الأسرة الجزائرية محافظة، ولذلك تجد الشاب الذي يتمكن من توفير مبالغ الزواج بشق الأنفس يشترط في الفتاة التي يريدها شروطا عدة، منها عدم العمل ومكوثها في البيت، وفي أحيان كثيرة في بيت مشترك مع والديه وإخوته، وهذا يكون على حساب الفتاة التي تعلمت وعانت من أجل تحقيق ذاتها، وهنا يقع الاختلاف والتقاطع، وتكرر هذه الحالات أدى إلى انسداد في مسار بناء الحياة الزوجية، حيث تكون الفتاة هي الضحية في نهاية المطاف".
وأضاف قائلا "أنصح من خلال جريدة "النهار" جميع الأولياء، إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، وأن لا يبالغوا في وضع الشروط والتهويل في المهر، كما أنصح بناتي الجزائريات اللائي بلغن سن الزواج أن لا يجرين وراء أضغاث الأحلام حتى تضيع منهن فرصة العمر"، ثم توجه إلى الشباب من الذكور "من استطاع منكم الباءة فليتزوج فذلك سبيل الرجولة والاستقامة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.