تسجيل 58 حالة طلاق كل شهر ببجاية عرفت ولاية بجاية خلال السنوات الأخيرة تناميا مقلقا لظاهرة الطلاق لتزداد هموم الأسرة ومعها معاناة الأطفال الذين يدفعون ثمن أخطاء لا ناقة ولا جمل لهم فيها ، فيعيشون حياة مضطربة و يجد أغلبهم صعوبات كبيرة في التحصيل العلمي و تفتك الآفات الاجتماعية بآخرين بعدما افتقدوا دفء العائلة وحنان الوالدين، وما الأرقام التي تكشف عنها محاكم الولاية سنويا إلاّ دليلا على استفحال الظاهرة . في سنة 2013 سجّلت الولاية 698 حالة طلاق مقابل 701 حالة سنة 2012 أي أن العدد الإجمالي للحالات المسجلة خلال السنتين المذكورتين بلغ 1399 حالة أي بمعدل 58 حالة طلاق خلال شهر واحد، في وقت تتحدّث فيه بعض الهيئات الاجتماعية عن تدني عدد المقبلين على الزواج بالولاية بفعل الغلاء الفاحش وشبح البطالة وأزمة السكن وغيرها من الأسباب. هذه الحالات مهما كانت دوافعها و أسبابها، إلاّ أنّها تظل مخيفة بالنّظر إلى تعداد سكّان الولاية الذين يزيد عدد البالغين منهم عن 500 ألف نسمة ، و تشير المعطيات المستقاة من المحاكم بأن ّ 385 حالة طلاق تمّت بالإرادة المنفردة للأزواج و 174 حالة أخرى بالتراضي و 63 حالة تطليق أي أنّ الزّوجة هي التي تطلب الطلاق طبقا للمادة 53 من قانون الأسرة الذي يكفل للمرأة هذا الحق عندما تثبت إلحاق الزوج الضرر بها كأن يكون مريضا أو عاجزا أو مهملا لأسرته أي في حالات عدم الإنفاق على زوجته و أبنائه أو ارتكابه لجريمة أو فاحشة، كما سجّلت محاكم بجاية 103حالات خلع ،بالمقابل نجحت المحاكم خلال جلسات الصلح في فضّ الكثير من النزاعات بين الأزواج حيث أصلحت بين الأزواج في 35 قضية.التقينا في أروقة محكمة عاصمة الولاية بعينة من الأزواج ،و سألنا بعض المقبلين على أبغض الحلال عن الدوافع الحقيقية لفك العصمة الزوجية، فاكتشفنا أنّ أغلبها تتعلق بإهمال الواجبات الأسرية وعدم الإنفاق على الأسرة وتدني أخلاق بعض الأزواج والزوجات. ومن بين الذين التقينا بهم بالمحكمة شابا أراد فك العصمة الزوجية بعد زواج لم يدم طويلا ،مرجعا أسباب إقدامه على ما اعتبره بالحل الأمثل إلى تدخل حماته في كل صغيرة وكبيرة بينه و بين زوجته. كما أنّها حسبه، تنعته بأقبح الصفات وهو ما اكتشفه من خلال المكالمات الهاتفية التي كانت بين زوجته ووالدتها. الحالة الثانية تتعلق بممرضة تبلغ من العمر 35 عاما ،أم لطفلة واحدة تبلغ من العمر سنتين ، قالت للنصر، بأنها أخذت على عاتقها مصاريف البيت و أعبائه بسبب لا مبالاة زوجها السكير اتجاه واجباته في الإنفاق على أسرته ،والأدهى من ذلك أنّه لا يدخل إلى المنزل إلا في ساعات متأخرة من الليل، و لم تشفع محاولات الزوجة المتكررة في نهيه عن تعاطي الخمر، مما دفع بها إلى رفع دعوى قضائية لطلب التطليق و إنهاء رحلة عذابها مع زوج فاقد للشعور بالمسؤولية. من بين ضحايا الطلاق من الأبناء الذين حرموا من دفء العائلة الطالبة الجامعية في قسم اللغة الانجليزية م.و، ذات ال 21 ربيعا، والتي كشفت لنا عن افتقادها الكبير للحنان رغم أنها تنعم بكل ما تحتاجه من متطلبات الحياة بعد أن تكفل بتربيتها جدّيها لوالدتها مضيفة بأن والديها تزوجا ثانية وذهب كل واحد منهما في سبيله بعدما كوّنا أسرا جديدة دون الالتفات إلى فلذة كبدهما التي تركاها تعاني مرارة الشوق و الحرمان من الحنان الذي افتقدته منذ أن كانت في المهد. و رغم ذلك نجحت في دراستها وتحصلت على شهادة البكالوريا لتواصل دراستها في الجامعة وهو ما يبعث في نفسها القليل من الأمل في الحياة ،حسبما قالت لنا.