حليلوزيتش يحدث ثورة في التعداد ويوقع ميلاد منتخب الأمجاد ربح الناخب الوطني وحيد حليلوزيتش الرهان في أصعب امتحان، حيث وفق في ضبط التشكيلة المثالية وفي إيجاد الكلمات المناسبة لرفقاء فغولي الذين دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، حيث أهدوا الجزائر أحلى انتصار بعد 32 سنة من الانتصار، وبرباعية جعلت ممثل العرب الوحيد يخطف لقب أول منتخب عربي وإفريقي يسجل رباعية في نهائيات كأس العالم. حليلوزيتش المعروف بعناده وتشبثه بمبادئه، والذي عاتبه الجزائريون في لقاء بلجيكا على تحفظه وحتى تخوفه "غير المبرر"، تخلى سهرة أمس على فلسفته وأحدث ثورة في التشكيلة، من خلال تخليه عن خماسي لعب أساسيا في لقاء الشياطين الحمر، وزج بخمسة لاعبين آخرين نادت كل الجزائر بمنحهم فرصة التواجد فوق المستطيل الأخضر منذ إعلان ضربة الانطلاقة، فدفع الثمن مهدي مصطفى و غلام و تايدر و محرز و سوداني، ومع تغيير الرجال اضطر "الكوتش وحيد" إلى تغيير المنهجية، فعمد مع ماندي و مصباح و إبراهيمي و جابو و سليماني إلى انتهاج أسلوب هجومي محض، بالانتقال من خطة 4-3-3 الكلاسيكية إلى أسلوب 4-2-3-1 الهجومية، والتي ناسبت قدرات ومؤهلات اللاعبين الذين تحرروا وقدموا إحدى أفضل مباريات المنتخب الجزائري عبر تاريخ مشاركاته في المونديال وفي جميع المنافسات الكروية التي نشطها قبل اليوم، وحتى يأخذ الرجل حقه، نقول بأن حليلوزيتش الذي كسب قلوب الجزائريين وتعاطفوا معه بعد نهائيات كان 2013 ، رغم الخروج من الدور الأول، أين شفع له مردود المنتخب والكرة الجميلة التي قدمها رفقاء مبولحي في بلاد العم مانديلا، عرف سهرة أمس كيف يقلب الطاولة على محاربي التايجوك ويذلهم برباعية أخرصت كل المشككين في قدرات الخضر والذين عاتبوا فغولي ورفاقه على تحفظهم الشديد أمام بلجيكا واكتفائهم بتسديدة واحدة نحو المرمى، فجاء المد الهجومي كما لم نعهده في حوليات الكرة الجزائرية، وما دام كشف حساب أي مدرب يعتمد على الأرقام فقد حطم حليلوزيتش جميع الأرقام والإحصائيات، من خلال منحه المنتخب الوطني صفة أول منتخب عربي وإفريقي يسجل رباعية في المونديال، وجنب قبل اليوم الخضر دخول التاريخ عبر البوابة الخلفية، حين سجل فغولي في مرمى بلجيكا بعد 28 سنة من الصيام عن التهديف، وقاد كتيبته أمس إلى تحقيق أول انتصار في نهائيات كأس العالم بعد 32 سنة (24 جوان 1982 أمام التشيلي)، والجميل في إنجاز الرجل أن جميع لاعبيه ال23 لم يكون قد ولدوا حين هزمت الجزائر التشيلي بثلاثية في مونديال إسبانيا، لأن مجيد بوقرة أكبر اللاعبين كان قد ولد يوم 07 أكتوبر 1982، والأجمل أن الانتصار لم يأت صدفة ولا بضربة حظ، بل هندس له التقني البوسني وأحسن اختيار "الكومندوس" الذي ربح المعركة باقتدار، فجاءت ثلاثة أهداف من توقيع ثلاثة لاعبين "جدد" إبراهيمي وجابو وسلماني ، كما كان لدخول ماندي و مصباح أثره في أداء الفريق، من خلال تألقهما في منح التشكيلة الأمان والثقة في الشق الدفاعي ومعه الهجومي بحسن شغلهما الرواقين، تماما كما كان الحال مع المتألق مجاني الذي أدى مباراة من المستوى العالي من الناحيتين الفنية والتكتيكية، وفيما نجح جابو بامتياز في تنشيط الرواق الأيسر بلمسته الفنية وفعاليته التي ترجمت عمل رائع من سليماني إلى هدف ثالث وضع الكوريين على الركب. وفيما عاد حليلوزيتش إلى خياره الأول في الجبهة الهجومية باعتماده على سلماني الذي أدى أفضل مباراة له بالقميص الوطني حيث وضع التشكيلة الوطنية على المدار، بإحرازه هدف السبق من مجهود فردي وصناعته آخر، و"جاهد" على طول الجبهة الأمامية مع عودة لتامين المواقع الخلفية في نهاية المباراة بمجهود بدني خرافي، كان لدخول أفضل مراوغ في "لاليغا" الإسبانية ياسين إبراهيمي مفعول السحر على أداء عناصرنا الوطنية، وخاصة المايسترو سفيان فغولي الذي تحرر وعاد غلى إبداعاته التي عرفه بها الجمهور الجزائري في صفوف كتيبة الخفافيش، وقد تجلى توهج فغولي في الهدف الرابع الذي بدأه بعمل فردي ممتاز وأنهاه بتمريرة سحرية نحو إبراهيمي الذي هز دق آخر مسمار في نعش محاربي التايجوك بهدف عالمي بتيكي تاكا جزائرية خالصة. فتحية لهذا المدرب الذي عرف كيف يقود المنتخب إلى طي صفحة خسارة بلجيكا، ويعيد الروح للفريق الوطني في منعرج هام وحساس من المنافسة العالمية، في مباراة شهدت ولادة نجوم جزائرية أسعدت الجماهير وصالحتها مع ناخب لم ترحمه سهام النقاد بعد أول كبوة.