الاستعانة بكفاءات جزائرية بالخارج لإنقاذ المؤسسات الوطنية تدرس الحكومة تعيين كفاءات جزائرية مقيمة خارج الوطن على رأس المجمعات الصناعية الكبرى والشركات العمومية، في إطار الإستراتيجية الحكومية لإنقاذ القطاع الصناعي العمومي، خاصة بعد تأكد المسؤولين بان اكبر إشكالية تواجهها المؤسسات الوطنية تتعلق بسوء التسيير والمانجمنت، بعدما فشلت سياسة ضخ الأموال لإنقاذ المؤسسات، حيث صرفت الدولة قرابة ألف مليار دينار على القطاع العمومي دون جدوى. كما تفكر الحكومة في الانسحاب تدريجيا من رساميل الشركات العمومية مع الاحتفاظ بأقلية معطلة تمكنها من التدخل في حال تسجيل اختلالات. قررت الحكومة إطلاق دعوة لتقديم طلبات توظيف مسؤولين على رأس كبار المؤسسات العمومية، لتحسين مستوى التسيير على مستوى هذه الشركات، مع توسيع نطاق العملية لتشمل الكفاءات الجزائرية المقيمة بالخارج، في محاولة لجذب كفاءات جزائرية تعمل على مستوى شركات كبرى خارج الوطن، بعد تقييم نتائج عمليات التطهير التي قامت بها الدولة والتي لم تعط نتائج كبيرة رغم استفادة هذه الشركات من أموال ضخمة تقدر بحوالي 1000 مليار دينار خلال السنوات الأخيرة، بسبب ضعف مستوى التسيير والتداخل في الصلاحيات، وبعض العراقيل الأخرى التي تحول دون الوصول إلى مستوى ناجع من التسيير. وقال وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، بأن الشركات العمومية «غير قادرة على المنافسة داخل الوطن و بالخارج» بسبب ضعف التسيير وغياب استراتيجيات للتكوين وتطوير الشركات، ما دفع الحكومة إلى توجيه نداء للكفاءات الجزائرية بالخارج لتقديم ملفاتهم والترشح للمناصب العليا على رأس المؤسسات الوطنية، وأوضح في تصريح إذاعي أمس، بان الحكومة بصدد وضع برنامج لتوظيف الكفاءات الوطنية بالخارج على رأس الشركات لتسييرها. وأكد وزير الصناعة، بان الحكومة تعول على الإستراتيجية الصناعية الجديدة لإنقاذ القطاع الصناعي العمومي، وقال «هي الفرصة الأخيرة ويجب النجاح لأنه الحل الوحيد ولا يوجد أي خيار أخر»، مشيرا بان سياسة ضخ الأموال لإنقاذ المؤسسات العمومية اثبتت فشلها، حيث استفادت الشركات العمومية من عملية تطهير أولية بقيمة 320 مليار دينار، أعقبتها عملية أخرى بقيمة 634 مليار دينار، خلال الأربع سنوات الأخيرة، إلا أن 18 بالمائة فقط من هذه الأموال تم استهلاكها فعليا، منها 9 بالمائة من الأموال المخصصة للتكوين ورسكلة الموظفين. ويرى الوزير، بان تنظيم المؤسسات العمومية لم يعد صالحا، ويستدعي إجراء تعديلات جوهرية من خلال الذهاب نحو استحداث مجمعات صناعية كبرى، مشيرا بان 10 بالمائة فقط من المؤسسات تحقق سنويا رقم أعمال تفوق قيمته ملياري دينار، ما يعني أن أغلبية الشركات هي مؤسسات صغيرة ومتوسطة، الأمر الذي دفع السلطات العمومية إلى اتخاذ قرار بتشكيل 10 مجمعات صناعية كبرى. الدولة ستنسحب تدريجيا من تسيير الشركات وترغب الحكومة من خلال هذه الإستراتيجية، تسهيل إقامة مشاريع شراكة مع مؤسسات أجنبية كبرى، وتخفيض مساهمتها في رساميل الشركات العمومية تدريجيا، مع الاحتفاظ على نسبة أقلية في رأسمال الشركات، وقال وزير الصناعة، بان السلطات تحضر للانسحاب تدريجيا من محافظ الشركات العمومية «مع الاحتفاظ بمساهمة بأقلية الأسهم» للإبقاء على إمكانية التدخل في حال تسجيل أي مشاكل في التسيير. وبخصوص قانون الاستثمار الجديد، توقع الوزير عرضه على مجلس الوزراء للمصادقة عليه قبل نهاية العام الجاري، وقال بان التعديلات لن تمس قاعدة (51-49) التي يخضع لها الاستثمار الأجنبي بالجزائر والتي ستبقى المعيار الرئيسي في كل مشاريع الشراكة، مؤكدا بان هذه القاعدة سيتم توسيعها لتشمل قطاعات تجارية أخرى على غرار البيع بالجملة والتجزئة، موضحا أن اللجوء لهذه القاعدة أملته الحاجة لمساعدة القطاعات الهشة التي تضررت بمنافسة المنتوجات المستوردة على غرار قطاع الصناعة التحويلية. كما أعلن الوزير بان أول سيارة «رونو» من صنع جزائري سترى النور شهر نوفمبر المقبل، وأعلن عن زيارات مرتقبة لوفود رجال أعمال أمريكيين وبريطانيين خلال شهر أكتوبر المقبل، وقال بان هذه الزيارات تؤكد الاهتمام المتزايد للمستثمرين الأجانب بالسوق الجزائرية، موضحا بان الاستقرار الذي تتمتع به الجزائر عامل محفز لقدوم المستثمرين الأجانب. وكشف وزير الصناعة و المناجم أن رقم أعمال قطاع المناجم سيتضاعف في غضون سنتين ليبلغ 40 مليار دج بفضل مخططات التنمية التي باشرتها الحكومة. و أوضح أن «مخططات التنمية التي تم إطلاقها في الأشهر المنصرمة و تلك التي ستتم مباشرتها إلى غاية نهاية السنة نعتزم تحقيق رقم أعمال قيمته 40 مليار دج بالنسبة لقطاع المناجم أي ضعف ما تحقق في الماضي».