توفي أول أمس الدبلوماسي الأمريكي المخضرم ريتشارد هولبروك الذي لعب دورا محوريا في جهود الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتغيير مسار الحرب في أفغانستان والذي ينسب إليه إنقاذ عشرات آلاف الأرواح عبر مهمات السلام التي قام بها. ووجه باراك أوباما بالمناسبة تحية لهذا الدبلوماسي المخضرم البالغ من العمر 69 سنة، واصفا إياه بأنه "عملاق فعلي للسياسة الخارجية الأمريكية والذي جعل أمريكا أقوى وأكثر أمانا واحتراما"، معتبرا أن التقدم الذي أحرزته بلاده في أفغانستان وباكستان ينسب بجزء كبير إلى الجهود التي قام بها ريتشارد هولبروك. من جهته، أشاد نائب الرئيس الأمريكي جو بإيدن بهولبروك الدبلوماسي "الأكثر موهبة في جيله" وقال إن "أمريكا خسرت أحد أعظم محاربيها من أجل السلام". ومعلوم أن هذا الدبلوماسي قد انضم في عام 2009 لإدارة الرئيس أوباما كمبعوث خاص للولايات المتحدة في أفغانستان وباكستان ليضطلع بمهمة شاقة لتنسيق توجه نحو قضية صعبة تمثل إحدى أولويات السياسة الخارجية لإدارة أوباما. من جهة أخرى كان هولبروك هو المهندس الرئيسي لاتفاق دايتون الذي أنهى حرب البوسنة عام 1995 الذي لا يزال يعتبر حتى اليوم من أكبر نجاحات الدبلوماسية الأمريكية، وذلك أثناء توليه منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والكندية في الفترة من عام 1994 إلى 1996 في إدارة الرئيس الأسبق ببل كلينتون. فقد قام آن ذاك بعدة زيارات إلى يوغوسلافيا السابقة ولم يتردد في اعتماد لهجة قوية مع سلوبودان ميلوسيفيتش الرئيس الصربي السابق ما جعل البعض يطلق عليه لقب "كيسنجر البلقان" مما أكسبه شهرة كمفاوض فذ. ومن بين المناصب الأخرى التي تقلدها هولبروك، سفيرا لبلاده لدى ألمانيا في عامي 1993 و1994 ومساعد وزير الخارجية لشؤون شرق أسيا والمحيط الهادي من عام 1977 إلى عام 1981 وعضو الوفد الأمريكي في محادثات باريس للسلام في فيتنام في عامي 1968 و1969. وإلى جانب ذلك كان هولبروك من أبرز مستشاري السياسة الخارجية لهيلاري كلينتون في مسعاها الذي لم يكلل بالنجاح لكسب ترشيح الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة في عام 2008، فيما عمل عقب فوز أوباما بترشيح الحزب كأحد مستشاريه. وكان الدبلوماسي الراحل قد عمل بعد فترة وجيزة من تخرجه من جامعة براون في عام 1962 في فيتنام كمبعوث لوزارة الخارجية وكان مساعدا في محادثات باريس للسلام.