غوص في معاناة ذوي الإحتياجات الخاصة و العنف في المجتمعات العربية غلب على العروض السينمائية المقدمة في مهرجان الفيلم العربي، سواء الأفلام القصيرة أو الطويلة ، إثارة قضيتا العنف و تهميش فئات من المجتمع من ذوي الإحتياجات الخاصة الذين سلطت عليهم كاميرات المخرجين الأضواء . الفيلم الطويل "ثوب الشمس" من الإمارات لمخرجه سعيد سالمين الفيلمان القصيران "كناري "و " خطوات" من البحرين والمغرب على التوالي ، عينة عن الأعمال التي حاولت إبراز معاناة ذوي الإحتياجات الخاصة . وكان المخرج سعيد سالمين الذي لم يحضر لمهرجان وهران قد سبق و أن صرح في القنوات الفضائية أن "ثوب الشمس" يسلط الضوء على المرأة الإماراتية في ظل المجتمع الذي يسيطر عليه الرجل ، و مدى قساوة العيش في ظل هذه الأوضاع بالنسبة للفتيات خاصة ، وتزداد معاناتهن أكثر وهن يتجرعن مرارة الإعاقة في صمت . كما هو حال حليمة المصابة بالبكم، فرغم جمالها و شطارتها لدرجة أن والدها كان يعتبرها بمثابة الولد و البنت في الوقت نفسه، إلا أنها رفضت من طرف المجتمع و حرمت من الزواج.فحليمة تعيش قصصا متداخلة فيما بينها، فهي الفتاة الباهرة الجمال التي يحبها سعد و علي و لا يتزوجها احد بسبب إعاقتها.رفض عمها أولا تزويجها لولده رغم العرف الذي ينص على تطبيق وعد الزواج المبرم عند الولادة حين لم يكن العم يعلم أن حليمة لا تسمع، و رفض أبو سعد تزويج ولده لحليمة رغم قصة الحب العفيف الذي كان يجمعهما.و للحيلولة دون هذا الزواج سارع تزويجه من أخرى دون قبوله . والألم الثالث عندما غادر علي الشاب الغريب القرية دون أن يطرح فكرة الزواج من حليمة التي أعجب بها و بجمالها.حيث حاول المخرج إبراز تناقضات المجتمع و بداية خروجه من عنق زجاجة العادات و الأعراف البالية التي تقييد الرجل مثل المرأة وتكبت أحاسيسهم . نفس الطرح كان في الفيلم القصير"الخطوات" لمخرجه و بطله حفيظ أبولحيان المغربي الأصل و الفرنسي المولد، حيث قدم صورة عن تعامل الغرب مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة التي لا تختلف كثيرا نظرة العرب .في الفيلم كانت المعاناة مزدوجة كون البطل ذو أصول عربية و معوق حركيا مرهون في خطواته بالكرسي المتحرك .حيث قال حفيظ الذي يحضر لأول مرة مهرجان وهران أنه أراد بعث رسالة تتساءل هل يمكن أن تنشأ قصة حب بين مغربي عربي و فتاة فرنسية خاصة و أنه معوق؟ الغرب دائما ينظر إلينا أننا عرب و مسلمين يجب تفاديهم قدر الإمكان .فسارة الفرنسية منحت سامي المغربي عطفا متميزا و جعلته بأحاسيسه الرهيفة يقع في حبها ، ليكتشف في الأخير أنها لن تتزوج سوى الفرنسي صديقها رغم أنه كان عنيفا جدا معها .ففي ظرف 20 دقيقة حاول حفيظ نقل عدة رسائل عن المغتربين المغاربة في أوروبا و خاصة عن الجيل الذي ولد هناك وهو من أصول عربية و الذي يعاني من مشكلة الإزدواجية. وفي صمت جميل حملتنا كاميرا المخرج محمد راشد أبو علي البحريني عبر فيلمه القصير "كناري" لتتبع رحلة رسائل بعث بها عدة أشخاص من ذوي الإحتياجات الخاصة ، حيث ينتقل الكناري من عند رجل مصاب بإضرابات نفسية ، لا يجد سوى هذا الطائر ليكلمه ، إلى بيت صبية لا تبصر وجدت فيه أيضا من يؤنس وحدتها ، و ظلت تناجيه يوميا ، إلى أن يقوم شقيقها الذي سرقه من الرجل الأول بأخذه ثانية منها و بيعه لشاب أصم و أبكم لم يجد غيره كمرسول للحب و المشاعر التي يكبتها اتجاه فتاة جميلة لم تكن تدري أنه معاق سمعيا ، فحمله كلاما و رسائل لا يعرفها سوى هو، ثم أرسله إليها و كأنه حمام زاجل . وبرز العنف في المجتمعات العربية من خلال عدة لقطات في الأفلام المعروضة سواء القصيرة أو الطويلة .مثل صورة الشاب الذي يقتل صديقه في الفيلم القصير "المطحنة" لمخرجه و بطله الشاب رامي كديح من لبنان الذي قال أن المجتمعات العربية تعيش العنف و يجب معالجة هذه الظاهرة سنيمائيا .كما حمل فيلم "ثوب الشمس "الإماراتي مظهر ختان الأطفال في سن متقدمة تتجاوز ال8 سنوات و بطريقة بشعة من خلال التركيز على يد "الطهار" و هي تحمل مشرط الختان و منظر الدم و صراخ الصغار . إلى جانب مشاهد ليلة الدخلة و انتظار الأهل والأقارب عند باب غرفة النوم، و خروج العريس غير راضي عن عروسه التي كانت فاقدة لعذريتها. هي صور مؤلمة ليوميات الشعوب العربية برؤية سينمائية لم تغص كثيرا في التفاصيل و الأسباب كما أنها لا يمكنها تقديم حلول أو علاجات لهذا الواقع المر.