شفت مصادر من الجمارك الجزائرية أن ظاهرة تقليد السلع والمنتوجات بالجزائر قد بلغت حدا أصبحت تمثل فيه تهديدا حقيقيا للإقتصاد الوطني، مؤكدة أن مصالح الجمارك تمكنت خلال العام المنصرم فقط من حجز مليون و688 ألف منتوج، و82 ألف منتوج خلال السداسي الاول من العام الجاري . واعتبر العديد من المتدخلين في يوم دراسي حول ظاهرة تقليد العلامات التجارية في الجزائر تم تنظيمه من طرف مديرية التجارة والغرفة الصناعية لولاية برج بوعريريج، بحضور المتعاملين الاقتصاديين وممثلين عن وزارة التجارة والجمارك والدرك الوطني، أن كلا من الصين وكوريا الجنوبية والبرازيل والهند، تعد من بين أهم الدول المصدرة لهذه السلع المقلدة نحو الجزائر، وتتقدمها الصين بنسبة تقارب 85 بالمائة، وحسب الإحصائيات المقدمة حول هذه الظاهرة فقد دخلت السوق الجزائرية منتوجات مقلدة من دول أخرى خلال السداسي الأول من العام الجاري منها هونج كونج وكوريا الجنوبية والإمارات العربية، وذلك بنسب تتراوح بين 3 و 4.5 بالمائة، أما المواد الأكثر عرضة للتقليد خلال سنة 2010 فهي الآلات الكهرومنزلية بنسبة 51 بالمائة وقطع الغيار ب11.85 بالمئة والألبسة الجاهزة ب 35.24 بالمائة. ممثل الدرك الوطني من جهته كشف عن حجز ما قيمته 5 ملايير دينار لمؤسسة متورطة في تقليد منتوجات أوروبية وماركات عالمية، موضحا أن غياب ممثلي هذه المؤسسات في الجزائر قد ساعد المقلدين على استغلال الماركات العالمية لترويج سلعهم، وأضاف أن محاربة تقليد العلامات الأجنبية يستلزم تنصيب الشركات العالمية لوكلاء حصريين أو فتح تمثيليات في الجزائر، كما يستوجب أيضا وضع آليات لحماية العلامات الوطنية من التقليد عن طريق بطاقة الضمان واحترام الوسم واستعمال الرمز التجاري. المتدخلون دقوا ناقوس الخطر على اعتبار أن التقليد شمل جميع المنتوجات بما فيها الأدوية والمواد الغذائية ومواد التجميل والملابس، وأصبح يمثل تهديدا حقيقيا لصحة المواطنين، ما أدى إلى تصنيفه كنوع من الجرائم المنظمة التي تهدد الاقتصاد الوطني والمستهلك على حد سواء . وفي تطرقهم لكيفية التصدي لهذه الظاهرة، أوضح المختصون أن عدم تبليغ الشركات الأم عن تعرض سلعها للتقليد قد ساهم بشكل كبير في انتشار الظاهرة، وفرض عوائق أمام مصالح المراقبة وقمع الغش، فيما أكد مدير الجمارك بولاية برج بوعريريج أن مهمة الجمارك تتمثل في حجز السلع المقلدة فور اكتشافها، مشيرا إلى تنامي الظاهرة في السنوات الأخيرة، فبعد أن كانت لا تمثل سوى نسبة 10 بالمائة من الاقتصاد العالمي قبل سنوات التسعينات، تطورت حاليا لتصبح سلوكا اقتصاديا يعتمد على وسائل إنتاج كبرى ساهمت في إغراق السوق العالمية بصفة عامة والجزائرية بصفة خاصة بالسلع والمنتجات المقلدة التي تجاوزت المألوف من تقليد صنع الأجهزة الالكترونية والكهرومنزلية وقطع الغيار، إلى تقليد منتجات المؤسسات الكبرى فيما يتعلق بالأدوية والملابس والمواد الغذائية وغيرها من السلع الاستهلاكية . كما أكد المختصون في الرقابة وقمع الغش أن سلبية المستهلك وأصحاب المؤسسات ساهمت في استفحال التقليد، خاصة بعدم التبليغ عن التقليد للجهات المعنية، فضلا عن الرواج الواسع لمثل هذه المنتوجات بين المستهلكين لانخفاض ثمنها مقارنة بالمنتوجات الحقيقية، بالإضافة إلى اعتبارات تتعلق بصعوبة وضع مقاييس للتفريق بين السلع الحقيقية والمقلدة . وخلص اليوم الدراسي في الأخير إلى الدعوة لإنشاء شبكة طوارئ تشترك فيها كل الهيئات المعنية من مصالح التجارة والجمارك والدرك الوطني، مع ضرورة التكوين المستمر لأعوان الرقابة، وتزويدهم بكل المعلومات المتعلقة بالظاهرة، فضلا عن تحسيس المستهلكين وتوعيتهم بالمخاطر المحدقة بهم بسبب المنتوجات المقلدة