أفادت إحصائيات رسمية نشرتها وزارة العمل المغربية أن حوالي 170000 طفل يعملون بالمغرب كخادمات أو "بنات تعمل بالبيوت" أو كرعاة أو كمساحين للأحذية أو في مجال الزراعة و التجارة الموازية في الوقت الذي تتحدث فيه اليونيسف عن 200000 "عامل" صغير، حسبما أعلن بالرباط. وبهدف مكافحة هذه الظاهرة اجتمع الوزير المكلف بالعمل و التكوين المهني السيد جمال رحماني مؤخرا مع ممثلي عشر جمعيات تعمل من أجل رفاهية الأطفال و التي وقع معها على اتفاقيات شراكة بقيمة 5ر1 مليون درهم لإنجاز مشاريع تهدف إلى القضاء على هذه الظاهرة أو خفض عدد الأطفال الذين يتعرضون إلى هذا الاستغلال. وأشارت جمعية انصاف لمكافحة تشغيل الأطفال إلى أن معظم هذه المشاريع تدخل في إطار تحسيس الأولياء و تكوين أطفال صغار. و صرحت مديرة الجمعية هدى البوراهي للصحافة "نحاول بموافقة الأولياء إعادة تلك البنات من مكان عملهن إلى المدارس". وتضيف إحصائيات رسمية أنه إذا كانت نسبة الأطفال الذين يستفيدون من التعليم في المغرب تقدر ب 94 بالمائة فإن نسبة الأطفال الذين يتخلون عن الدراسة في المرحلة الابتدائية تقدر ب 38 بالمائة بحيث يلجأ بعضهم إلى "العائلات المضيفة" كخادمات صغيرات أو سوق العمل دون أي تغطية اجتماعية أو بكل بساطة في الشارع. و أشار مصدر رسمي إلى أن عدد الأطفال الذين يتركون مقاعد الدراسة في المغرب دون سن ال15 يتراوح ما بين 300000 إلى 400000 طفل سنويا بحيث تمس هذه الظاهرة المناطق الريفية بنسبة 80 بالمائة أكثر من المدن و البنات بنسبة 4ر58 بالمائة أكثر من الذكور. و فيما يخص الخادمات أفادت مجموعة تضم 29 جمعية و شبكة من مختلف مناطق المغرب في دراسة أجرتها في مارس 2010 أن سبب هذه الظاهرة هو "عوز الأولياء و ثقل العادات و قلة البنى التحتية العمومية المخصص للأطفال الصغار". و تؤكد الدراسة التي أجرتها هذه المجموعة من المنظمات غير الحكومية لدى 169 عائلة تشغل هذه البنات في خمس مناطق (الرباط و الدارالبيضاء و مراكش و مكناس و ورزازات) أن 100 بالمائة من العائلات التي تشغل الخادمات تختار بنات تتراوح أعمارهن من 8 إلى 15 سنة و 75 بالمائة من هذه العائلات تعرف السن القانوني للتدريس الإجباري و 67 بالمائة على علم بالأحكام القانونية حول منع الأطفال دون سن ال15 من العمل. كما كشفت الدراسة أن 61 بالمائة من العائلات المشغلة قامت بدراسات عليا و يعرفون تمام المعرفة حقوق الطفل في الوقت الذي يعيش 76 بالمائة منهم في رفاهية و بإمكانهم تشغيل عمال كبار. كما يظهر التحقيق أن 68 بالمائة من العائلات التي ترسل بناتها إلى "العمل" لا تعرف الأحكام القانونية المتعلقة بإجبارية تعليم الأطفال إلى غاية سن 15 سنة و 76 بالمائة ليست على علم بأن التشغيل دون سن 15 سنة ممنوع. ولمواجهة هذه الوضعية قامت التنسيقية المغربية للقضاء على تشغيل "العاملات الصغيرات" و التي تم تشكيلها في مارس 2009 من طرف جمعية إنصاف و الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و أمنيستي الدولية المغرب و مؤسسة الشرق الغرب شكوى جماعية ضد "إستغلال آلاف الفتيات في المغرب التي تسلب حقوقهن في التربية و العائلة و الصحة و اللواتي يتعرضن لمختلف أشكال العنف الجسدي و البسيكولوجي و الجنسي". وفيما يخص الذكور فإذا لم يتم إستغلالهم في الورشات و المستثمرات الفلاحية فتجدهم يجوبون شوارع المدن الكبرى و الموانئ عبر المغرب بحثا عن مناصب شغل صغيرة للتمكن من تحمل أعبائهم الفردية أو إعانة أوليائهم و عائلاتهم. وأفاد تقرير منظمة حقوق الإنسان "هيومان رايت واتش" في سنة 2005 أن تشغيل الأطفال يعد "ظاهرة إجتماعية" في المغرب حيث تسجل "من أكبر نسب لتشغيل الأطفال" في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا (مينا). كما تفيد المنظمة ان المغرب يحضى بأدنى نسبة تمدرس الأطفال العاملين حيث أن هؤلاء مجبرين على العمل و يتعرضون في أغلبية الأحيان إلى أقصى أشكال الإستغلال من طرف المستخدمين. خلال هذا اللقاء، أعلن الوزير المغربي أن السلطات بصدد إعداد نص مشروع قانون من اجل تحديد علاقات العمل بين المستخدم و العامل في البيت. كما يتضمن هذا المشروع إجراءات قمعية في حالة تشغيل أطفال يقل سنهم عن 15 سنة و تشغيل الأشخاص الذين يتراوح سنهم ما بين 15 و 18 سنة دون ترخيص من الولي الشرعي أو في حالة تكليف هؤلاء بأشغال خطيرة. كما يتضمن هذا القانون حق في الإستفادة من الإستراحة الأسبوعية لمدة 24 ساعة في الأسبوع و حق في العطلة بحساب يوم و نصف في الشهر و في أجرة لايمكن أن تقل عن 50 بالمائة من الأجر الأدنى المضمون لقطاعات الصناعة و التجارة و المهن الحرة. من جهة أخرى، ترى بعض الجمعيات للدفاع عن حقوق الأطفال أن هذا القانون لن يذهب بعيدا و يصنف عمال المنازل كنصف عمال حيث يتساؤلون لماذا يتم منح لهؤلاء نصف (50 بالمائة) من الأجر المضمون الأدنى و لماذا لا يتم تسجيلهم لدى صندوق الضمان الإجتماعي. كما أن المشاركون في الملتقى العربي ال4 الرفيع المستوى لحقوق الأطفال قد ابرزو في ديسمبر الفارط بمراكش (جنوب المغرب) ضرورة تنشيط التشريعات و القوانين التي تهدف إلى حماية الطفل من مختلف أشكال الإستغلال و العنف و المعاملة السيئة و كذا إنتهاك حقوقه. وكان المشاركون قد دعوا من خلال الإعلان الختامي لأشغال الملتقى إلى دعم مراصد و مراكز حماية الطفولة و تنسيق نشاطات مكافحة العنف في حق الأطفال و تكثيف الجهود الوطنية من اجل ضمان التعليم للجميع و التقليص من نسبة التسرب المدرسي وإتخاذ إجراءات و قرارات من اجل القضاء على ظاهرة تشغيل الأطفال الذين يقل سنهم عن 15 سنة.