تونس - افتقدت منتجعات الحمامات السياحية التونسية زوارها الجزائريين الذين استغنوا عنها هذا العام ليختاروا وجهات سياحية أخرى فأصبح أهل هذه المدينة الفاتنة يحنون إلى عودتهم ويتساءلون عن دواعي هذا الغياب في الوقت الذي وصفت فيه السلطات التونسية موسم الاصطياف الجاري ب"الكارثي". وعلى الرغم من تدني مؤشرات القطاع السياحي في تونس فان المدير العام للديوان الوطني التونسي للسياحة الحبيب عمار أعرب عن "أمله الكبير" في تدارك هذا الوضع خلال السداسي الثاني من السنة الجارية باعتبار أن عائدات الموسم الصيفي لا تمثل سوى 30 بالمائة من عائدات القطاع فيما جرت العادة على أن يوفر السداسي الثاني من كل سنة ما بين 60 أو 70 بالمائة من هذه العائدات. ومن ضمن المشاكل الهيكلية التي تعاني منها السياحة التونسية كونها باتت "رهينة" للاسواق الخارجية في حين لم يتم الاهتمام بالسوق الداخلية و السوق المغاربية "وهو ألامر الذي سيتم التركيز عليه مستقبلا" على حد قول السيد الحبيب عمار. وفي تصريح ل (وأج) أكد قيس رحماني ضابط في شرطة مدينة الحمامات أن مصالح الامن التونسية تلقت "تعليمات" تهدف إلى معاملة المواطنين المغاربيين لا سيما الجزائريين منهم "معاملة خاصة" و حمايتهم و رعايتهم و تسهيل اجراءاتهم الادارية وتقديم يد العون لهم و حل مشاكلهم. ونفى المسؤول الامني التونسي "نفيا قاطعا" أن تكون قد وقعت تجاوزات في حق الزوار الجزائريين و أن الحملات و الاشاعات "المغرضة" التي شنتها بعض وسائل الاعلام و التي تتحدث عن استهداف الجزائريين و الاعتداء عليهم "لا تمت للواقع بصلة". وقال أن المواطنين الجزائريين "هم في ديارهم و بين أهلهم و أن كل أجواء الطمأنينة و السكينة متوفرة لهم لقضاء أيام من الراحة و الاستجمام في بلدهم الثاني تونس". وردا عن سؤال يتعلق باسباب انخفاض اعداد السياح الاوروبيين ذكر الضابط التونسي بانه اذا كان سبب احجام السياح الجزائريين عن قضاء موسم الاصطياف بتونس يعود "للاشاعات" فان الاسباب بالنسبة للاوروبيين تعود إلى "حملة التحذيرات التي وجهتها الحكومات الاوروبية إلى مواطنيها بعدم السفر إلى تونس بعد الثورة الشعبية التي عرفتها البلاد". لكن المدير التجاري لفندق "فنيسيا" غازي الرياحي يرى أن سبب انخفاض أعداد الزوار الجزائريين يعود إلى الموقف الذي اتخذه "متعهدو الرحلات (tour-opérateurs) ووكالات الاسفار بعدم "المخاطرة" بتنظيم الرحلات السياحية نحو تونس وذلك "دون الوقوف على حقيقة الاوضاع الامنية" و بالتالي فانهم عمدوا —كما قال— على تغيير الوجهة من تونس نحو تركيا. لكن هذا الامر حسبه يبقى بمثابة "حالة استثنائية" سرعان ما تزول اذ أن القطاعات السياحية في العالم تعودت على مثل هذه الحالات التي باتت من "مخاطر المهنة". الا ان المفاجاة حدثت بفندق "للا باية" الشهير باحتضان الاسر الجزائرية منذ مدة تفوق 10 سنوات حيث حضر السواح من مختلف الجنسيات ما عدا الزوار الجزائريين الذين "استغنوا هذا الموسم عن فندقهم المفضل" حسب أحد مسؤولي هذا المرفق السياحي. ولتقديم الدليل على شدة تشبت الجزائريين بفندق "لالا باية" خلال المواسم الماضية روى سليم أن مواطنا جزائريا حل بالحمامات للالتحاق بأصدقائه لكنه لم يكن يعرف مكان تواجدهم فما كان من سائق سيارة الاجرة الا أن قاده إلى فندق "لالا باية" ليجد رفقاءه هناك. ولاحظ سليم أن كل الوحدات و المرافق السياحية على تعددها وتنوعها أصبحت خالية من السياح الجزائريين و أن الاسباب الحقيقية "تكمن في التخوف من الاوضاع الامنية" التي ذكر بشأنها أنها "تحسنت في الوقت الراهن بالمقارنة مع الاشهر الماضية". وعن رأيه في الزبون الجزائري أشار المتحدث إلى ان فندقه في الواقع تعود على استقبال العائلات الجزائرية التي تعتبر —كما أكد— "مثالا يقتدى به من حيث التمدن و التحضر فهي اسر محترمة يكن لها كل موظفي و عمال هذا المرفق التقدير والتبجيل بالنظر إلى حسن سلوكات افرادها وحسن تعاملهم مع الجميع". وبمطعم الفندق ذاته و على مقربة من المسبح كانت عائلتان جزائريتان من ولاية البويرة منكبتان على تناول وجبة الغذاء فاجمع افرادها على "أجواء السكينة التي ينعمون بها" في تونس موضحين أن هذا البلد ظل طيلة 6 اعوام الوجهة السياحية المفضلة بالنسبة اليهم بالنظر إلى عدة اسباب من ذلك انخفاض تكلفة الايواء و الوجبات علاوة على حفاوة الاستقبال. ويرى مصطفى أن تونس و مهما يكن من أمر فانها تبقى من أشهر البلدان السياحية في العالم بالنظر إلى المرافق و المنشآت التي تشتمل عليها ناهيك عن التخفيضات الهامة التي تطبقها من أجل جلب اكبر عدد من السياح. وتعتقد الانسة لامياء ان السياحة في تونس جد متطورة و متنوعة على غرار سياحة الندوات و السياحة الاستشفائية و السياحة البحرية و الجبلية و الريفية ومن هنا فان "الزبائن يجدون أمامهم في تونس كل ما يبحثون عنه" حسب قولها. أما الوالدة زبيدة فقد عبرت لافراد أسرتها عن رفضها "البات" لمسألة استئجار منزل لقضاء العطلة مهما انخفضت تكاليف هذا البيت فالفندق بالنسبة لها وان كانت مصاريفه أغلى فهو يشكل فرصة للاستراحة من عناء الطبخ و التنظيف والغسيل.