تلمسان - أبرز المتدخلون يوم الثلاثاء في أشغال اليوم الثاني من الملتقى الدولي حول "تلمسان الإسلامية بين التراث العمراني والمعماري والميراث الفني" خصائص وجماليات التراث المعماري والفني لعاصمة الزيانيين والتي جعلت منها احدى الحواضر البارزة في العالم الاسلامي. وأوضحت الأستاذة لطيفة بورابة من معهد الآثار لجامعة الجزائر في محاضرتها أن التراث المعماري لتلمسان "أصيل ومميز" بزخرفته الهندسية ونمطه المعماري مما جعل هذه الحاضرة المغاربية "تشكل مظهرا من مظاهر الحضارة العربية الإسلامية". وتطرقت المتدخلة من خلال عرض على شكل دراسة وصفية إلى "المعالم المعمارية الرائعة للمدينة وما تحتويه من الفن الإسلامي العريق مما جعل المدينة تشكل متحفا حقيقيا مفتوحا للفترات التاريخية المزدهرة التي مرت بها" مضيفة أن أجمل المعالم الدينية المشيدة في تلمسان تعود إلى العهد المريني وعلى رأسها جامع أبي مدين ومسجد سيدي الحلوي. أما الأستاذ فهد بن صالح الحواس رئيس قسم الأثار بجامعة حائل (السعودية) فقد أقام مقارنة بين عاصمة الزيانيين ومدينة حائل مشيرا إلى "وجود شبه تطابق" من حيث التخطيط والعناصر المعمارية والفنية والتقنيات التقليدية المستعملة في كلتا المدينتين. ويتمثل هذا التشابه حسب المحاضر كذلك في وجود "أزقة ودروب" ساهمت في حماية السكان أمنيا وفي "ندرة الشبابيك الخارجية"و"توحيد ارتفاعات المباني "و"توزيع المداخل الخارجية" للحفاظ على خصوصية السكن وكذا "زخرفة وتزيين قاعات الاستقبال ". ومن جهتها عرضت الدكتورة شريفة طيان من معهد الأثار بجامعة الجزائر من خلال الشاشة بعض النماذج من الصناعة التقليدية النحاسية التي أنجزتها الأيادي الفنية التلمسانية في العهد العثماني. كما الدكتور عبد الواحد ذنون طه عميد كلية التربية بجامعة الموصل (العراق) بالتحليل والدرس التطور العمراني لتلمسان الإسلامية من خلال النصوص التي ألفت حول مدن "أغادير" و"تاكرارت" و"المنصورة" مع عرض التراكم العمراني والمعماري بالمنطقة عبر العصور ومظاهر الابداع الفني بها. وقد عرفت المدينة في بداية العهود الإسلامية ب "أقادير" أو "أغادير".وانتعشت في عهد الدولة الإدرسية. ثم باسم "تاجرارت" التي استحدثت في عصر المرابطين نحو غرب المدينة الأولى قبل أن يحيط يوسف بن تاشفين المدينتين المتجاورتين بسور واحد. وقد ظلت كذلك حتى استولى عليها الموحدون ثم الزيانيون الذين حولوها إلى عاصمة. وحسب المحاضر فإن المدينة الثالثة "منصورة" ظهرت نتيجة الصراع بين بني زيان والمرينيين الذين حاصروا تلمسان وأسسوا مدينة جديدة بجوارها محصنة بأسوار ومزودة بكل الهياكل الحكومية والمنشآت الدينية والثقافية والقلع الحربية. وللتذكير يعرف هذا الملتقى المنظم من طرف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالتعاون مع مخبر البناء الحضاري للمغرب الأوسط التابع لجامعة الجزائر في اطار تظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية" مشاركة باحثين وخبراء في علم الأثار والتراث الإسلامي من الجزائر وتونس والمغرب وسوريا والعراق والسعودية ومصر. وستتواصل الأشغال بتقديم سلسلة من المحاضرات تتناول محوري "المؤسسات الدينية من مساجد ومدارس وزوايا وأربطة وأضرحة" و"المواقع الأثرية والمنشآت المدنية و العسكرية بمدينة تلمسان ونواحيها". وسيخصص اليوم الثالث والأخيرة من اللقاء للقيام بزيارة سياحية واكتشافية إلى مختلف المعالم الأثرية والسياحية التي تزخر بها تلمسان.