الجزائر- تم يوم الثلاثاء تشييع جثمان المرحوم عبد الحميد مهري الذي وافته المنية يوم الاثنين عن عمر يناهز 85 سنة إلى مثواه الأخير بمقبرة سيدي يحي بالجزائر العاصمة. وحضر مراسيم تشييع الفقيد رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح و رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري ورئيس المجلس الدستوري بوعلام بسايح الى جانب أعضاء من الحكومة. كما حضر مراسم التشييع مسؤولون سابقون في الدولة من بينهم الرئيس الاسبق الشادلي بن جديد و رئيس المجلس الاعلى للدولة سابقا علي كافي وعضو المجلس الاعلى للدولة سابقا علي هارون. كما حضر مراسم التشييع ايضا عدد كبير من الشخصيات الوطنية و التاريخية و إطارات الدولة و مجاهدون إضافة إلى أقارب المرحوم و رفاقه وجمع من المواطنين. وفي كلمة تأبينية ابرز الامين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين سعيد عبادو خصال الفقيد ومشواره الثوري "الفذ" وكذا "تفانيه" في آداء مهامه في مختلف المناصب التي تولاها بمختلف مؤسسات الدولة. و قال عبادو في كلمته التأبينية "ها نحن في لحظة فارقة نودع فيها أخا مناضلا و مجاهدا كان بحق علما في مسيرة وطنية مليئة بالتضحيات الجسيمة و بالمكاسب التاريخية المشهودة". و أضاف "لقد واكب الفقيد كل المراحل التي قطعتها البلاد منذ أربيعينيات القرن الماضي فأثر و تأثر بأحداثها إذ كانت رحاب الحركة الوطنية الوطنية هي بداية تألق هذه الشخصية الوطنية المستنيرة و يشهد كل الرفاق الذين قاسموه المسيرة تميزه بنفاذ البصيرة و قدرته على تحليل الاحداث و توقع صيرورتها". و "بقدر ما كان للفقيد —يضيف السيد عبادو— حضوره و تفاعله مع السياقات التي آلت إليها الحركة الوطنية بقدر ما كان حرصه على الالتحاق مبكرا بثورة التحرير" و "كانت المهمة في هذا الإطار هي تحسيس جماهير المشرق العربي بأهداف الثورة و كسب تأييدها السياسي و المادي ووقوفها الى جانب أشقائهم في الجزائر في معركتهم المصيرية من اجل استرجاع سيادتهم الوطنية و حقهم في تقرير مصيرهم". و أردف عبادو قائلا "كان للنشاط النضالي الذي باشره المرحوم و غيره من المناضلين أثره الحاسم في دفع البلدان العربية و الإسلامية شعوبا و حكاما للوقوف الى جانب الثورة التحريرية". كما واكب المرحوم كما قال "إنشاء الحكومة المؤقتة سنة 1958 حيث كلف كلف بوزارة شؤون شمال افريقيا فيما بين 58/ 59 ثم وزيرا للشؤون الاجتماعية و الثقافية في الحكومة الثانية 59/ 61". و بعد ان عدد جميع المناصب التي تقلدها الفقيد إثر استرجاع السيادة الوطنية أكد أنه و "على الرغم من انسحابه من مواقع المسؤولية ظل حاضرا في كل النشاطات الفكرية و الثقافية التي عرفتها الساحتان الوطنية و العربية و كانت له إسهاماته المعبرة عن سعة الفكر و عمق الإدراك لأبعاد الأحداث و صواب التحليل و دقة الاستخلاص". و لدى ذكره لخصال المرحوم عبد الحميد مهري أكد عبادو أن "هذا الرمز الوطني الكبير الذي فقدته الجزائر اليوم بعدما عرفته قبل الثورة و أثناءها و بعدها مناضلا استحكمت في نفسه الأبية قيم التواضع و الثبات على المبادئ و التعلق بالحرية و العدالة و تبني الحوار كوسيلة لمعالجة القضايا المصيرية و قد كان هذا عنوانه يوم أن واجهت البلاد أحلك الظروف خلال العشرية الأخيرة من القرن الماضي و أثبتت الوقائع صواب اختياره". و قال المتحدث "ثم ان الخسارة تتعاظم حينما نذكر ان الفقيد كان أرشيفا حيا من المعطيات و الحقائق التاريخية و السياسية المرتبطة بالمسيرة الوطنية على مدى أزيد من 60 سنة". و واصل عبادو كلمته قائلا "ما أفدح هذه الخسارة و كانت آمال الآجيال الحاضرة منها و الصاعدة أن تعرف قراءة الأستاذ عبد الحميد مهري لكل تلك الأحداث و تفسيره لأسبابها و استخلاصه لنتائجها لكن مشيئة الله تعالى تأبى غير ذلك".