على الرغم من تجاوزها عتبة القرن بسنة مع كل ما يعنيه ذلك من ثقل السنين و انعكاساتها من مرض و إعياء يبقى الحنين إلى الوطن الأم متجذرا في قلب السيدة مهاجي خيرة الجزائرية القاطنة بالمغرب منذ الخمسينات يترجمه إصرار لا يضاهى على الإدلاء بصوتها في مختلف الإستحقاقات الوطنية كيفما كانت الطريقة. و بمنزلها الكائن بقلب الدارالبيضاء أين تقطن رفقة ابنتها التي تسهر على رعايتها روت أكبر معمرة بين أفراد الجالية الوطنية بهذه المقاطعة لوأج عن مسيرة طويلة بدأتها سنة 1957 أين انتقلت إلى وجدة عقب زواجها و بعدها إلى الدارالبيضاء إلا أن بعد المسافة و طول المدة لم يثنيانها أبدا عن تتبع ما يجري من أحداث و مواعيد هامة بالجزائر على غرار الانتخابات بشتى أنواعها. وقد سجلت السيدة خيرة حضورها بمراكز التصويت في كل مرة ينظم فيها حدث من هذا النوع عدا تشريعيات 2012 التي افتتحت بالنسبة للجالية الوطنية بالمهجر السبت الفارط لتستمر إلى غاية الخميس المقبل بسبب العجز الذي أقعدها عن أداء واجبها الإنتخابي غير أنها حرصت على التصويت عن طريق بالوكالة. "خانتني صحتي" جملة أطلقتها السيدة خيرة بتأثر عميق ينم عما يختلجها من حزن لعدم قدرتها على التوجه شخصيا إلى مركز التصويت الكائن بالقنصلية العامة للجزائر بالدارالبيضاء بسبب كسر أصابها شهر جانفي المنصرم سلبها حرية التحرك التي كانت في الأصل جد محدودة. ونتيجة ذلك لجأت السيدة مهاجي إلى خيار الوكالة الذي سيمكنها من ممارسة حقها و واجبها الإنتخابي بمساعدة أعضاء من القنصلية العامة الذين يكنون لها "محبة خاصة" و يعتبرونها "مثالا خالصا للوطنية التي لا تعرف لها حدود" حيث تنقلوا شخصيا إلى مقر سكناها من أجل إجراءات الوكالة. وبجمل قليلة ومختصرة عبرت هذه العجوز ذات الملامح الرقيقة و الهادئة التي لم تتغير كثيرا عن شبابها و التي خلدتها صورة بالأبيض و الأسود تصدرت الخلفية- عن شوقها للجزائر عموما و لمدينة تلمسان خصوصا أين ترعرعت في صباها قبل انتقالها إلى المغرب حيث كانت آخر مرة زارتها سنة 1994 و هي الذكريات التي حرصت على نقلها لأبنائها و بناتها الثمانية و أحفادها و أبناء أحفادها الذين عجزت عن تذكر عددهم. وتقول بهذا الخصوص "الجزائر بلادي و في قلبي دوما" رافعة يديها في كل مرة إلى السماء داعية أن يحفظها من كل مكروه و كأنها تخمن فحوى الأسئلة الموجهة إليها على الرغم من قصر حاسة السمع لديها. و حول ما يمكن أن توصي به شباب اليوم دعت عميدة جزائريي الدارالبيضاء هؤلاء إلى أخذ المشعل و مواصلة الدرب الذي بدأه أسلافهم محملة إياهم أمانة الحفاظ على هذا الإرث الذي دفع كل بيت جزائري لأجل استرداده النفس و النفيس. و أخذت ابتنها السيدة فاطمة الكلمة حيث أكدت أن والدتها كانت دوما شديدة الحرص على الإدلاء بصوتها في كل الإنتخابات و التي تعتبرها "مواعيد لا تفوت تحت أي ظرف" كانت آخرها رئاسيات 2009 أين منحت صوتها للمرشح آنذاك و الرئيس الحالي السيد عبد العزيز بوتفليقة. كما توقفت عند الحزن الذي اعترى والدتها التي "حز في نفسها كثيرا أنه لن يكون باستطاعتها الحفاظ على العادة التي دأبت عليها" و التي تعتبرها تجسيدا لرباط لا ينفصم مع بلد المليون و النصف شهيد.