واصل الجزائريون بالمهجر أمس لليوم الثاني على التوالي التوافد على مكاتب التصويت لاختيار رئيس الجمهورية القادم من بين ستة متنافسين، وعرفت مراكز ومكاتب الاقتراع التي وضعتها الممثليات الدبلوماسية تحسبا لهذا الموعد إقبالا كبيرا من طرف الناخبين. تميز اليوم الثاني من عملية التصويت بالمهجر ببروز اهتمام كبير من طرف الجالية، وعبر العديد منهم عن رغبته في المساهمة في بناء المسار الديمقراطي في البلاد، وتقاطعت تصريحاتهم حول ضرورة أن يساهم رئيس الجمهورية القادم في بناء هذا الوطن، وضمان مستقبل الأجيال القادمة. وسمحت عطلة نهاية الأسبوع الخاصة بالدول الغربية والإفريقية والأمريكية للجالية بالتوافد بأعداد كبيرة الى مكاتب الاقتراع، كما ساهمت الظروف المادية والتنظيمية في تسهيل العملية خاصة من خلال تقريب مكاتب التصويت من الناخبين وتوفير النقل المجاني ذهابا وإيابا في العديد من المناطق. ونقل مراسلو وكالة الأنباء الجزائرية في عواصم ومدن العالم تصريحات لجزائريين أدوا واجبهم الانتخابي، أكدوا من خلالها تمسكهم بالمساهمة في العملية الانتخابية ومشاركة المواطنين داخل الوطن حراكهم السياسي واهتمامهم بالعملية الانتخابية. فبفرنسا التي توجد بها أكبر جالية وطنية بالخارج، وعدد المسجلين في القوائم الانتخابية يقدر ب776 ألف من أصل 950 ألف مسجل في الخارج تواصلت العملية فيها بوتيرة جيدة على مستوى مكاتب الاقتراع ال134. وبالعاصمة باريس توافد الناخبون على 12 مكتبا واستغل العديد منهم عطلة نهاية الأسبوع للتوجه فرديا أو مرفوقين بأفراد العائلة للإدلاء بأصواتهم، وكانت الميزة هذه المرة هو الإقبال الملفت للشباب على عكس اليوم الأول الذي عرف توافد كبار السن. وأكدت السلطات القنصلية أن "الأمور تسير على أحسن ما يرام" وأعربت عن ارتياحها للسير الجيد للعملية بالرغم من التدفق المستمر للناخبين الراغبين في التصويت. وأكدت السلطات القنصلية أن "المرونة" التي تميز سير عمليات الاقتراع راجعة للامركزة بعض المكاتب منها 7 بباريس و76 بكامل فرنسا التي مكنت من توزيع أفضل للناخبين وتمكين أكبر عدد ممكن منهم من التصويت في أحسن ظروف الاستقبال بدون مواجهة العراقيل المرتبطة ببعد مقر سكناهم. وأعرب مسؤولو قنصلية باريس عن ثقتهم بشأن استمرار الاقتراع إلى غاية يوم الخميس المقبل متوقعين مشاركة أكبر مع اقتراب موعد إغلاق مكاتب الاقتراع على الساعة الثامنة مساء (بالتوقيت المحلي) ومشاركة أهم يوم الاثنين لأنه اليوم الذي اعتاد تجار باريس التصويت خلاله. وأشارت ممثلة أحد المترشحين إلى أنه "نظرا للوتيرة المسجلة حاليا بإمكاننا القول بأن الدعوة إلى المقاطعة لم تلق استجابة لدى الجالية الوطنية بالمهجر التي لا تريد قطع روابطها مع البلد الأم من خلال المشاركة في اقتراع مصيري بالنسبة للجزائر". ومن جهة أخرى أكدت طالبة تبلغ من العمر 19 سنة بعد أدائها واجبها الانتخابي بمعية أمها وأختيها "أنا مزدوجة الجنسية وأصوت حتى يتم الاعتراف بي كجزائرية كاملة الحقوق وكذا لضمان مستقبل بلادي". وأكد أفراد هذه العائلة التي تعود جذورها الى منطقة القبائل أنهم يؤدون واجبهم الانتخابي في كل مرة تنظم فيها انتخابات في فرنسا أو في الجزائر موضحين أنه "من واجبنا نحو الوطن أن نصوت ونبرهن أننا نريد المشاركة في كل ما يهم بلادنا ونصوت من اجل المستقبل". ويعتبر بوبكر إطار متقاعد مقيم بفرنسا منذ 37 سنة ويبلغ من العمر 65 سنة أن وضع ورقة الانتخاب في صندوق الاقتراع يعني "إنشاء صلة بيننا وبين بلادنا التي نريد أن نراها مزدهرة وآمنة وذات نفوذ كما كانت في السابق". كما يعتبر أنه "يتم إنجاز عمل كبير حاليا في الجزائر لبناء البلاد وتكريس مبدإ المصالحة الوطنية لكن "يجب أن ننتقل الآن الى اكثر من ذلك وبصفة خاصة فتح الأبواب للشباب". ومن أجل تحقيق هذه الأهداف "يجب القضاء على سياسة الكرسي الشاغر" ملمحا إلى الأصوات التي تدعو الى مقاطعة الانتخابات. وقال مواطن آخر متقدم في السن أن كل عائلته توجد معه في فرنسا لم يبق أي احد من عائلته في الجزائر ولكنه رغم ذلك سيصوت من أجل "انتخاب من يخدم البلاد ويخرجها من الأزمة". وعن سؤال حول متابعتهم للحملة الانتخابية تأسف معظم الناخبين لتحديدها في فرنسا على مترشح واحد من بين المترشحين الستة لكنهم أكدوا أنهم يطلعون بانتظام على تحضيرات الانتخابات عبر القنوات الفضائية الجزائرية. وبفرنسا دائما، ولكن هذه في جنوبها وبالتحديد بمدينة مرسيليا تحدث مولود 31 سنة بلكنته التي تعود لمنطقة سوق أهراس التي كان غادرها قبل 20 عاما نحو الهجرة "لقد أديت واجبي الانتخابي اليوم بالحب والتقدير والتعلق الذي أكنه لبلدي الجزائر ولتضحيات الشهداء". وكان مولود واحدا من بين المئات الذين أقبلوا على حظيرة شانو بمرسيليا أمس للإدلاء بأصواتهم. وتوجه الناخبون منذ الساعات الأولى الى مكاتب التصويت حتى قبل أن تفتح أبوابها للوافدين إليها. وبدأ حضور أفراد الجالية الجزائرية أمس يأخذ شكلا منتظما من حيث الإقبال والأجواء الجيدة من الناحية التنظيمية على مستوى المكاتب الخمسة للتصويت بمرسيليا ومكتب مدينة أفنيون المفتوح لأول مرة بهذه الجهة الواقعة على بعد 100 كلم من عاصمة بوش دو رون مرسيليا. وتميز اليوم الثاني من الانتخاب بإقبال كبير من طرف النساء اللواتي حرصنا على أداء واجبهن. ولم تتردد السيدة جميلة البالغة من العمر 57 سنة القاطنة بوسط مرسيليا في التأكيد على ارتباطها بالجزائر وحرصها على أن يظل أولادها الخمسة وأحفادها الثلاثة على اتصال دائم بالبلاد الأم من أجل "واجب رعاية الهوية والشخصية الجزائرية" كما تقول. أما مهدية البالغة من العمر 36 سنة وهي من جيل آخر كما أنها ولدت بفرنسا فقد تمنت "للجزائر أن تنتخب رئيسا مؤهلا لقيادة البلاد في ظل التحديات الحالية". وفي مدينة أفنيون تواصلت أمس العملية الانتخابية بإقبال أكبر حسبما أكده القنصل عبد الحميد زهاني المشرف العام على الاقتراع هناك. وحسب نفس المسؤول فإن التنظيم الجاري مكن من استقبال مجموعات الناخبين في أفضل الظروف على مستوى مكتب التصويت الكائن ب"شاطو شاموا". وشهد مكتب التصويت الذي فتح بالمركز القنصلي لنانت هو الآخر إقبالا متزايدا للناخبين. ولضمان السير الحسن للاقتراع ونظرا لأهمية المساحة الترابية لنانت تم لها فتح أربعة مكاتب تصويت برين ومانس ولوريون وبواتيي وذلك لتدعيم المكتب المخصص لهذا الغرض بمقر القنصلية. وأبدى الموظفون القنصليون ارتياحهم لعملية التصويت، وذلك بالنظر للإقبال الذي ميز منذ أول أمس السبت إجراء هذه الاستشارة الانتخابية. وباتجاه الشمال وبالتحديد الى المملكة المتحدة وجمهورية أيرلندا فقد تواصل أمس لليوم الثاني توافد الناخبين على مكاتب الاقتراع، حيث شهدت مكاتب كل من كارديف ومانشستر وبيرمنغهام وغلاسغو وبلفاست ودبلن بأيرلندا إقبالا ملحوظا من طرف الناخبين حتى لا تضيع عنهم فرصة التصويت في أقرب نقطة من سكناهم إذ أن المكاتب المذكورة تفتح ليوم واحد على أن يواصل الناخبون أداء واجبهم في المكتب المركزي بمقر القنصلية في لندن الذي سيبقى مفتوحا إلى غاية التاسع أفريل. وتجري عملية الاقتراع في أجواء تبعث على الارتياح وتوحي بأن نسبة المشاركة قد تفوق النسب المسجلة في مواعيد انتخابية سابقة حسب ما أكده القائمون على تنظيم ومتابعة العملية. ويرجع هذا التفاؤل إلى أن العملية التحضيرية جرت في أحسن الظروف بإشراك ممثلي المجتمع المدني لتحسيس الناخبين بأهمية المشاركة المكثفة كرد على دعاة المقاطعة ودعاة إدامة الأزمة في البلاد. ويجمع معظم الناخبين أن دافعهم الأساسي للتصويت كان تحديدا "الرد على دعاة إقصاء الشعب من الإدلاء بصوته في موعد مصيري لمستقبل البلاد." ويقول رضا لبصير أستاذ الاقتصاد الذي تولى رئاسة المكتب الانتخابي في لندن لخمسة مواعيد انتخابية متتالية أنه كان على أهبة السفر إلى الجزائر لقضاء عطلة الربيع مع الأهل لكنه أجل سفريته حتى يضطلع بمهمة رئاسة المكتب المركزي للاقتراع الكائن بمقر القنصلية وهي أدنى خدمة يمكن أن يقدمها لبلده الذي -كما يقول- مكنه من التحصيل العلمي الذي أهله لأن يكون أستاذا في جامعة بريطانية. ويضيف رضا أن عشرات بل مئات الجامعيين استبشروا خيرا بالتوجه الجديد لدى السلطات الجزائرية للاستفادة من الكفاءات الجزائرية في الخارج مما زاد من تعزيز الشعور الوطني والاعتزاز بالانتماء لبلد يجتهد ليستوعب كل أبنائه. وفي سويسرا واصل الناخبون ال5867 أداء واجبهم الانتخابي بمكتب التصويت الذي فتح بمحطة المسافرين المركزية للوزان. واشار السيد مصطفى طايبي القنصل المساعد ورئيس مكتب التصويت بلوزان انه اذا كان اليوم الأول من بداية عملية التصويت قد شهد إقبالا هاما نسبيا فمن "المرتقب أن يتم تسجيل عدد كبير من الناخبين في الأيام القادمة". وصرح نور الدين مدني متعامل في المنتوجات الصيدلانية ان تنقله الى مكتب التصويت لأداء واجبه "عمل يعبر عن الحرية" مؤكدا ان "التصويت يعني منح الثقة لأحد المترشحين". "ولذلك فمن حقنا أن ننتظر من الرئيس الجديد ان يكون في مستوى هذه الثقة". ويرى الدكتور محمد رفيق بن حرات الذي يقيم ويعمل بلوزان منذ 2001 أن أكبر أمل بالنسبة للجزائريين سواء كانوا في بلادهم او في الخارج هو "عودة السلم والطمأنينة نهائيا" مشيرا الى ان "السلم مثل صحة الإنسان كلما توطد كلما تمكن هذا الاخير من بلوغ غاياته وتجسيد مشاريعه". وذكر القنصل المساعد ان الناخبين المقيمين في سويسرا تلقوا بريدا شخصيا موقعا بيد سفير الجزائر ببرن يحدد عناوين المكاتب الستة ووسائل النقل المجندة من قبل المصالح القنصلية وكذا أوقات إجراء الاقتراع. سكان ساقية سيدي يوسف على موعد مع الحدث وعرفت مدينة ساقية سيدي يوسف التاريخية على الحدود التونسية الجزائرية اجواء انتخابية عكست مدى تعلق الجزائريين القاطنين بها ببلدهم الذي لا يبعد عن المدينة الا بضعة كيلومترات. واعتبر قنصل الجزائربالكاف السيد رشيد بلباقي أن نسبة مشاركة أفراد الجالية الجزائرية التي سجلت بمدينة ساقية سيدي يوسف التونسية التابعة للدائرة القنصلية للكاف كانت "معتبرة". وترجع هذه النسبة الى عملية التحسيس والتوعية التي قامت بها مصالح القنصلية في اوساط الجالية وذلك لما لهذه الانتخابات من "اهمية بالغة" في تاريخ الوطن وكذا "الارتباط الكبير" للجالية خاصة بساقية سيدي يوسف بكل القضايا الوطنية. كما اعتبر القنصل هذه النسبة "دليلا" على مدى ارتباط افراد الجالية بالوطن الأم وكذا "ارتياحها لأداء واجبها المدني خدمة للجزائر لا غير". ومن جهة أخرى فقد تم اليوم الأحد فتح مكتب انتخابي بمدينة القصرين الحدودية التي تبعد عن مدينة الكاف بحوالي 160 كلم حيث أن نسبة مشاركة أعضاء الجالية بهذا المكتب تعد حسب القنصل "جد مشرفة" وذلك للتجاوب الكبير مع الانتخابات. ونفس الأجواء عرفتها مدينة الكاف حيث شهدت توافد افراد الجالية الجزائرية بأعداد معتبرة على مكتب الاقتراع القار بمقر القنصلية، وادوا واجبهم الانتخابي. انطلاق عملية التصويت بسوريا وبسوريا انطلقت أمس الأحد فقط عملية تصويت الجالية الجزائرية المقدر عدد المسجلين بها ب3164 ناخبا، منهم 413 ناخبا جديدا. وقد فتح مكتب الاقتراع الوحيد الذي خصص للناخبين الجزائريين بالعاصمة السورية وضواحيها أبوابه بمقر السفارة الجزائرية المتواجد بأبو رمانة بشارع الروضة وذلك على الساعة التاسعة صباحا (بالتوقيت المحلي) لاستقبال جموع المواطنين الذين توافدوا باكرا على المكتب. وسخرت السفارة الجزائرية للعملية الانتخابية كل الامكانيات المادية والبشرية، وأكد السفير الجزائري بدمشق السيد صالح بوشة مباشرة بعد أدائه لواجبه الانتخابي في تصريح للصحافة أنه "جد سعيد" لرؤية الجالية الجزائرية تعيش هذا الحدث "السعيد" المتمثل في الانتخابات الرئاسية وذلك من خلال مشاركتها ب"كثرة" في هذه اللحظات الأولى للعملية الانتخابية. وأوضح السيد بوشة أن توافد الناخبين الجزائريين الى مكتب الاقتراع اشارة الى ارتباط المواطن الجزائري ببلده وبالاستحقاقات الرئاسية التي وصفها بالحدث السياسي من "الدرجة الأولى" باعتبار - كما قال - أنه يحدد مصير ومستقبل البلاد. وفي نفس السياق عبر العديد من أعضاء الجالية من الذين صوتوا امس عن أملهم في أن تساهم الانتخابات الرئاسية في "ترقية مسار الديمقراطية في الجزائر بما يعود على كل الجزائريين بالازدهار والتقدم". وأكدوا أن مشاركتهم في هذا الاقتراع الذي وصفوه ب"الهام جدا" يعني "المساهمة في ترسيخ المسار الديمقراطي الذي تنتهجه الجزائر خلال السنوات الأخيرة آملين بالمناسبة في أن تحمل هذه الانتخابات مزيدا من الخيرات لأبناء الجزائر".