ذكر أسقف الجزائر العاصمة سابقا هنري تيسييه يوم الخميس بقسنطينة أن التعايش الإسلامي- المسيحي حدث حتى في ظل أحلك أوقات الحروب الاستعمارية. ولدى تنشيطه محاضرة بجامعة العلوم الإسلامية الأمير عبد القادر حول موضوع "العيش المشترك الإسلامي المسيحي على مدى الأزمنة" أبرز الأسقف تيسييه جوانب "التسامح والتعايش السلمي التي طبعت العلاقات بين المسيحيين والمسلمين في الجزائر تحت حكم مختلف العهود التي سادت البلاد منذ مجيء الإسلام لمنطقة المغرب" . واعتبر الأسقف السابق للجزائر العاصمة بشأن المرحلة الاستعمارية أن الحوار الإسلامي المسيحي خلال هذه الفترة من تاريخ البلاد بدأ "عقب المفاوضات التي دارت بقيادة الأسقف ديبيش أول أساقفة الجزائر العاصمة والأمير عبد القادر بشأن تبادل مساجين الطرفين". وأضاف أنه إثر هذه المبادرة التي تندرج "في الاتجاه المستقيم للروح الإنسانية" التي تميز الديانتين "نشأت صداقة كبيرة بين قائد المقاومة الشعبية آنذاك" الأمير عبد القادر "ضد الغزو الفرنسي وأول أساقفة العاصمة تحت السيطرة الفرنسية وقد استمرت هذه الصداقة حتى حينما كان الأمير عبد القادر سجينا بفرنسا". واستمرت هذه الروح الإنسانية فيما بعد تدخل الأمير عبد القادر لنجدة مسيحيي لبنان مما مكن آنذاك من إنقاذ أزيد من 12 ألف منهم- كما ذكرت به مناقشات هذا اللقاء. كما قدم المحاضر أمثلة أخرى حول التعاون الإسلامي- المسيحي في تاريخ البلاد سواء في مرحلة حرب التحرير الوطني أو أثناء الاستقلال أو في العشرية السوداء -كما ذكر الأسقف تيسييه مشيرا أن " 19 قسا مسيحيا قد فقدوا حياتهم في تلك العشرية بعدما فضلوا البقاء في أرض الجزائر أثناء مرحلة الآلام و الإختلالات التي عاشتها" . وبشأن مسألة الرهبان السبعة لتبحرين شهد الأسقف تيسييه أن " أكبر عزاء عاشه" أمام هذا الحادث المأساوي تمثل في "مشاعر التعاطف العديدة التي تلقاها من طرف السكان من كل الجهات ومن مختلف الأوضاع الاجتماعية". وقد لاحظ الأسقف تيسييه بالمناسبة أن سكان منطقة تيبحيرين "ينتظرون دائما عودة رهبان آخرين" مما يعتبر -كما قال- دليلا إضافيا حول حسن العلاقات بين المسلمين والمسيحيين . وأكد الأسقف لدى تقديمه أمثلة عن هذه العلاقات بما "يمتلكه دائما من صداقات" تربطه مع شخصيات عديدة سياسية وثقافية ودينية في الجزائر التي هو مواطن كامل الحقوق فيها مشددا على أهمية العلاقات الفردية في نشر مثل التسامح والتبادل المثمر بين الأديان. وحذر رجل الدين المسيحي في الأخير من جاني آخر من "فيروس تسييس الدين" الذي يؤدي -كما قال -إلى " تحريف الرسالة الإلهية عن المثل التي تحملها".