توصلت كليات الطب في الجزائر الى تكوين ما يقارب 80 ألف طبيب خلال خمسين سنة من الاستقلال بعد ما كان عدد هذا السلك لايتجاوز 500 طبيبا من مختلف الاختصاصات في سنة 1962 . واذا كان التكوين الطبي قد اقتصر خلال السنوات الاولى للاستقلال على كلية الطب لجامعة الجزائر العاصمة التي تخرج منها سنويا أنذاك بين 30 الى 40 طبيبا فقد تم تدعيمها بكليتين خلال السنوات التي أعقبت الاستقلال بكل من جامعتي وهرانوقسنطينة. وشهدت سنوات السبعينات بعد تعيين المرحوم محمد الصديق بن يحيى على رأس وزارة التعليم العالي اصلاحات عميقة حيث لجأ القطاع الى التعاون الاجنبي سيما الدول الشرقية لاستدراك قلة التأطير بعد مغادرة الاطارات الفرنسية. وخلال السنوات الاخيرة وصل عدد الكليات عبرالقطر الى 11 كلية أربعة منها بالوسط (العاصمة والبليدة وتيزي وزو وبجاية) وأربع بالشرق (عنابة وسطيف وباتنة وقسنطينة) وثلاث كليات أخرى بالغرب (وهران وسيدي بلعباس وتلمسان) مع مشروع انشاء ثلاث كليات أيضا في سنة 2013 بالجنوب الجزائري. وكونت هذه الكليات مجتمعة خلال سنة 2010 في العلوم الطبية ما بعد التدرج في اختصاص طبيب وجراح أسنان وصيدلي 6205 و10161 في التعليم الاستشفائي الجامعي والاقامة. ويرى الاستاذ عبد الحميد أبركان وزير سابق للتعليم العالي والبحث العلمي و الذي سبق له و ان تولى ايضا منصب وزير الصحة والسكان واصلاح المستشفيات ومؤطر بكلية الطبية بجامعة قسنطينة أن التكوين بالجامعات الجزائرية يضاهي نفس التكوين بالدول المتقدمة وقد أثبت الاطباء الجزائريون الممارسون بمستشفيات هذه الدول مكانتهم بجدارة. واذا كانت الدولة الجزائرية قد بذلت مجهودات جبارة في التكفل بالتكوين العالي في المجالي الطبي من أجل ضمان تغطية صحية شاملة وعادلة بتكوين 80 ألف طبيب خلال خمسين سنة من الاستقلال لم يبق من بين هؤلاء الا 46379 طبيب في حين أختار الاخرون الهجزة من أجل العمل بمستشفيات أوروبا وأمريكا. وأكد الاستاذ أبركان أن توفر هذا العدد الهائل ساهم في ضمان التكوين والتأطير من طرف اطارات وطنية وزيادة في عدد الاطباء مما ساهم في توسيع التغطية الصحية من طبيبا واحدا لكل 26 ألف نسمة وجراح أسنان واحد لكل 72848 نسمة وصيدلي واحد لكل 41667 سنة في سنة 1962 الى طبيبا واحدا لكل 900 نسمة وجراح أسنان واحد لكل 3097 نسمة وصيدلي واحد لكل 3967 نسمة في سنة 2012. ورغم أن الدولة الجزائرية استطاعت أن تحقق تغطية صحية لكل المواطنين من حيث عدد الاطباء العامين والصيادلة وجراحي الاسنان فان ذلك لم يمنع من تسجيل عجزا في بعض الاختصاصات سيما بمناطق الهضاب العليا والجنوب. وفي هذا الاطار تبنت السلطات العمومية في الفترة الاخيرة سياسة وطنية ترمي الى ضمان التغطية الشاملة لكل جهات الوطن من خلال توفير السكنات الوظيفية ومضاعفة الاجور والمنح للاطباء المختصين الذين تم ايفادهم الى الجنوب في اطار الخدمة المدنية. كما ستتخذ اجراءات تحفيزية أخرى من أجل استقرار هؤلاء الاطباء نهائيا بالمناطق التي يرسلون اليها.