أكد المشاركون في الملتقى الدولي حول الأدب و التاريخ يوم الجمعة بالجزائر احتفاء الشعر العربي بالثورة الجزائرية لأنها ثورة الإنسان الذي حطم كل القيود وانتصارها هو انتصار للإنسانية على الطغيان " و اجمع المتدخلون في الجلسة التي خصها الملتقى الذي نظمه المركز الوطني للبحوث في عصور ماقبل التاريخ و علم الإنسان و التاريخ في إطار الفعاليات الفكرية للطبعة ال17 من صالون الدولي للكتاب "سيلا" على الحضور الواسع للثورة الجزائرية في الشعر لدى جيل كامل من الشعراء العرب بين الخمسينات و الستينات من القرن الماضي. و ذكر في هذا السياق الباحث والناقد التونسي غوزي محمد ان كل الشعراء التونسيين الكبار نظموا أشعارا تفتخر بالثورة الجزائرية و تصف بطولاتها موضحا انه توصل الى هذه الملاحظة من خلال البحث الذي جمع فيه الإشعار التي تحدث عن هذه الثورة. و قال ان الثورة الجزائرية "لم تكن غريبة عن الشعب التونسي بل كانت داخلية بالنظر للعلاقات الأخوية بين الشعبين ولان أيضا الظروف التي أدت الى قيام الثورة الجزائرية كانت نفس الظروف التي عاشتها المنطقة كلها ". و بخصوص نوعية الأشعار التي قيلت في الاحتفاء بهذه الثورة أكد انها استطاعت بفضل رسالتها ان تجمع بين الشعراء المحافظين و المجددين و ان غلب الشعر كان تقليديا لان الحديث عن الثورة يستلزم كما أكد العودة الى الذاكرة و الاصول " لكن مع ذلك هناك قصائد جميلة عن الثورة تنتمي الى شعر التفعيلة. كما احتفت أيضا قصيدة النثر بهذه الثورة العظيمة بالرغم من ان هذا الأسلوب من التعبير الشعري يهتم عادة بالأمور الذاتية مشيرا الى ان اللغة التي فضلها الشعراء باختلاف أساليبهم لإبلاغ الرسالة كانت لغة تقريرية مباشرة للتأثير اكثر على المستمع لان موضوعها وطني. و في مداخلة حول تواجد الثورة الجزائرية في الكتابات الأدبية المصرية لاسيما الإشعار قال الروائي و الكاتب المصري محمد العشري مصطفى ان الثورة الجزائرية لقيت اهتماما و دعما كبيرين من قبل الشعراء المصريين لاقتناعهم بشرعية قضية الشعب الثائر على قيود المستعمر. و أضاف انه توصل خلال البحث الذي أنجزه في هذا الصدد الى تركيز الأشعار التي تناولت القضية الجزائرية وكفاح شعبها على ابرز ملامح ارض الجزائر و صورة الفدائي الذي حمل راية الحرية و ضحى بالنفس و النفيس . و قال ان ملامح هذه الثورة تأكدت أيضا في الأشعار التي قيلت في المجاهدة رمز كفاح المرأة الجزائرية جميلة بوحيرد التي خلد نضالها و صمودها أمام المستعمر و التعذيب الذي تعرضت له في السجن فيلم ليوسف شاهين و أيضا مسرحية لجلال الشرقاوي . و قال ان اغلب الأشعار التي احتفت بالثورة الجزائرية تنمي الى الشعر الكلاسيكي العمودي باستثناء بعض الأشعار بالعامية التي تحول معظمها الى أغاني كانت تبثها إذاعة صوت العرب تأثير الثورة الجزائرية امتد أيضا الى السودان حيث احتفى شعراء ه بهذه الثورة و قالت الروائية و القاصة السودانية رانيا مامون في مداخلة بالمناسبة انها استطاعت من خلال بحث قامت به ان ترصد عدة إصدارات شعرية خصصت للثورة الجزائرية منذ بدايتها مشيرة في مقدمة حديثها الى مميزات الشعر السوداني بكونه وليد عدة ثقافات منها النوبية و الإفريقية المسيحية و العربية الإسلامية و هي تنهل من كل هذه المكونات. و أضافت ان حركة الشعر في السودان واكبت أهم الإحداث التي عاشها العالم العربي و إفريقيا. و بخصوص الثورة الجزائرية قالت انها موجودة في الشعر السوداني و على لسان شعراء كبار مثل محمد علي إبراهيم الذي وصف في أشعاره الثورة و المجاهدين و ذكر مدن جزائرية و أيضا عبد الكريم الكايلي الذي تكلم عن رمز ثورة المرأة الجزائرية من خلال جميلة بوحيرد. اما المشارك المغربي محمود عبد الغني و هو شاعر و روائي و ناقد من أهم إعماله " فن التراث" فقال ان الثورة الجزائرية موجودة في الأشعار المغربية منذ البداية لان بلدان المغرب العربي كما قال عرفت نفس الظروف التاريخية وواجهت بطش نفس المستعمر الذي حاول طمس شخصيتها و حضارتها. و تحدث من جهة اخرى عن دور الفن في الثورة معتبرا انه لا يمكن التفرقة بين الأدب و الموسيقى وغيرها من الفنون في دراسة التاريخ .