أوصل المعلم الباكستاني "علي خان" و فرقته للموسيقى الصوفية "القوالي" المهرجان الدولي الثالث للإنشاد بقسنطينة إلى قمة النشوة الصوفية من خلال العرض الأخاذ الذي قدموه خلال السهرة الرابعة لهذه التظاهرة. و كشفت هذه الفرقة التي تزور الجزائر لأول مرة للجمهور الحاضر سهرة أمس السبت نمطا موسيقيا روحانيا من نوع آخر و من نوع جديد و غير معروف لحد الآن بمدينة الصخر العتيق التي تعرف بتفتحها على كل أنواع الموسيقى وخاصة على الموسيقى الروحية. و كشفت هذه الموسيقى التي تندرج ضمن صنف "القوالي" و هي عبارة عن موسيقى روحانية من التراث الباكستاني التي تعود جذورها إلى القرن ال 13 و التي ارتقى بها المعلم الراحل "نصرة فاتح علي خان" إلى العالمية عن مدرسة للإنشاد جذبت و فتنت الحضور بالأداء المميز بالصوت و بالعزف. و استهلت هذه الفرقة المتكونة من 10 أعضاء و هي مفترشة ركح المسرح الجهوي لقسنطينة عرضها الفني بأداء تعويذات صوتية تشبه تلك التي تؤدى في المعابد البودية قبل أن تشرع في أداء ابتهالات باللغة العربية والتي أعيدت بطريقة فنية رائعة تصل إلى حد النشوة. و اكتشف الجمهور المعتاد على موسيقى النشوة التي ترافق بتعابير جسمانية و هو مذهولا نوعا مختلفا من التعبير عن النشوة الصوفية يعبر عنها عن طريق نبرات الصوت المرفق بحركات تعبيرية يدوية. و انبهر الجمهور بمدى قدرة و مرونة صوت المعلم "علي خان "و ذهل بهذا النوع الموسيقي المكتشف خلال هذا الحفل الذي يكتفي بمرافقة الأداء بآلتي الهرمنيوم و الطبلة الهندية فقط هذه الأخيرة التي عزف عليها أحد أعضاء الفرقة بتمكن و مهارة كبيرين أبهرا الجمهور الحاضر. و سافر عازف العود البارع اللبناني شربل روحانا الذي استهل برنامج الليلة الرابعة من التظاهرة بالحضور عبر رحلة موسيقية ممتعة بدأها بأغنية تكريم للثورة الجزائرية بمناسبة خمسينية استقلال البلاد من خلال إعادة أغنية "بشائر" للفنان الشهيد علي معاشي. و أعقبها بأداء بعض الأغاني اللبنانية الرائجة "الموزانا" و أغاني أخرى مستمدة من التراث العربي بالخصوص موشح غير معروف بالشكل الكافي لسيد درويش قبل المرور إلى أغاني من تأليفه الخاص تتناول موضوعها معاناة المواطن العربي مع التأشيرة (الفيزا) و مواقف الذل التي يتعرض لها في مطارات الدول الغربية و كذا بعض السلوكات الاجتماعية غير المشرفة لمواطنيه مؤججا فيهم روح الوطنية والكرامة. للإشارة فإن "شربل روحانا" هو موسيقي و مغني و مؤلف موهوب. و قد شارك في تأليف المسرحيات الموسيقية لمصمم الرقص عبد الحليم كركلا و عزف مع فرقة مارسيل خليفة و رافق الفنانة العربية القديرة فيروز بالإضافة إلى الأصوات اللبنانية الكبيرة على غرار ماجدة الرومي و جوليا بطرس. و يعرف عن شربل روحانا أنه وضع طريقة جديدة للعزف على العود تم اعتمادها من طرف المعهد الوطني للموسيقى بلبنان و هو أيضا مؤلف موسيقى مسلسل "ذاكرة الجسد" المقتبس عن رواية الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي. و قد جعلته تجربته مع "ذاكرة الجسد" حسب ما أكد هذا الموسيقي يحب قسنطينة " وهي التي ألهمت كما قال- العديد من الأدباء و الفنانين" وذلك قبل أن يعرفها و تطأ قدماه أرضها مضيفابأنه "جد مسرور باكتشاف هذه المدينة التي فيها سحر و جاذبية".