يتوجه حوالي 6ر2 مليون ناخب في سيراليون يوم غد السبت إلى صناديق الاقتراع للتصويت في الانتخابات العامة في خطوة تعد حاسمة لتدعيم الديموقراطية في هذا البلد الغرب افريقي الذي عاني من ويلات الحرب على مدار سنوات. وتعد هذه المرة الاولى التي تنظم فيها حكومة سيراليون الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية منذ نهاية الحرب الاهلية الدامية سنة 2002 اضافة إلى كونها ستجرى دون الاممالمتحدة المتواجدة في هذا البلد منذ 1999. ويتنافس في الانتخابات الرئاسية تسعة مرشحين أبرزهم الرئيس المنتهية ولايته ايرنيست كوروما "59 عاما"عن حزب مؤتمر الشعب وجوليوس مادانا بيو "48 عاما" رئيس حزب الشعب وهو أكبر احزاب المعارضة . ويخوض الرئيس كوروما الذي تم انتخابه سنة 2007 غمار الانتخابات للمرة الثانية حيث ستكون هذه المنافسة أخر عهدة له حسب ما ينص عليه دستور البلاد التي بلغ عدد سكانها ستة ملايين في 2011 حسب تقديرات البنك الدولي. وقد استطاع مادانا بيو المعارض والقائد السابق للمجلس العسكري السابق سنة 1990 في جلب عدد كبير من الشباب البطالين إلى صفوفه حسب الملاحظين. وأعلن مادانا بيو في تصريحات سابقة "عزمه" إجراء إصلاحات في قطاعات التعدين والبترول إذا ما فاز في الانتخابات. فيما أعرب المتحدث باسم رئيس سيراليون عن "رفضه" لخطط المعارضة قائلا "عندما تكونون في الحكومة سيتعين عليكم الكفاح من أجل الحصول على الموارد" مشيرا إلى ان "حكومة سيراليون أعادت التفاوض بشأن بعض الاتفاقيات وإنها تبحث عن سبل جديدة للحصول على المزيد من الموارد". و قال بانجا تيجان ساى الامين العام للحزب "سنعيد للمرة الأولى النظر فى كل شىء يتعلق بالتعدين فى سيراليون للتأكد من الاتفاقيات المبرمة فى هذا المجال تتماشى مع أفضل الممارسات الدولية". ويقترح الحزب إجراء مراجعة لكافة اتفاقيات التعدين والبترول الحالية والقانون الذى ينظم قطاع التعدين حيث سيخصص 10 بالمائة من ميزانية الدولة للزراعة من أجل المساعدة على تحقق الاكتفاء الذاتى فى محصولي الأرز والكاسافا حسبما جاء في برنامجه. وقد تميزت الحملة الانتخابية بنشوب اعمال عنف متفرقة بين مناضلي الطرفين خلفت عددا من القتلى و الجرحى.واندلعت الاشتباكات في منطقة "كونو"الغنية بالألماس . ويتبادل الحزب الحاكم وحزب المعارضة الرئيسي الاتهامات حول مسؤولية كل طرف في حدوثها. وأكد في هذا الصدد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة التنفيذي في سيراليون على الدور الذي يجب أن تضطلع به قوات الأمن في هذا البلد فيما أبدت العديد من المنظمات الحقوقية شكوكا حيال قدرة البلاد على ضمان سير الإنتخابات المقبلة بعد أعمال العنف و القمع الذي أودى بحياة متظاهرين. وقد كلف مجلس الامن الدولي بعثته المتواجدة في سيراليون باتخاذ اجراءات امنية واسعة قبل و بعد اجراء الانتخابات العامة المقررة غدا السبت حيث ستكون البعثة مستعدة للتدخل في حالة وقوع الفوضى بجانب الشرطة السيراليونية التي ستأخذ بزمام الامور خاصة قرب مراكز التصويت او المواقع ذات الصلة بالانتخابات لضمان الامن و حرية حركة افرادها و حماية المدنيين. كما ستقدم بعثة الاممالمتحدة مساعدات لوجستية للجنة الوطنية للانتخابات وللبعثة الدولية لمراقبة الانتخابات. وأكد المتحدث باسم بعثة الاممالمتحدة ليون باتريك كوكران البعثة "انشأت وحدة انتخابية لتعزيز دورها في نشاطات تسهيل اجراء الانتخابات التي تقوم بها لجنة الانتخابات الوطنية و حكومة سيراليون و الشركاء الدوليون". ويترأس الرئيس الغاني السابق جون كوفور بعثة المجموعة الإقتصادية لدول غرب أفريقيا المعروفة بالإيكواس البعثة الي مراقبة الإنتخابات الرئاسية. و تضم البعثة مراقبين من مختلف الفئات الموجودة في غرب أفريقيا بما فيها منظمات المجتمع المدني وأن أعضاءها سيمكثون في سيراليون لمدة تسعة أيام لمراقبة الإنتخابات الرئاسية والتشريعية. و من أجل السير الحسن لهذه الاستحقاقات في سيراليون قررت مفوضية الإتحاد الإفريقي نشر بعثات للمراقبة و المتابعة تضم مراقبين من دول مختلفة من بينهم رؤساء دول سابقون وسفراء وأعضاء بأجهزة إدارة الانتخابات ومراقبون من منظمات المجتمع المدني في القارة واشارت إلى ان كل بعثة ستضم 40 مراقبا من الدول المعنية. وقالت المفوضية في بيان انه من المقرر أن تتواصل البعثة مع المفوضية وترفع تقريرا نهائيا حول الانتخابات إلى رئيس المفوضية. وكانت المفوضة السامية للشؤون الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي كاترين آشتون أعلنت أوائل الشهر الجاري وصول رئيس بعثة المراقبين لدى الاتحاد الأوروبي ريشارد هويت إلى فريتاون للإشراف على الانتخابات. وقالت أشتون في بيان إن الانتخابات المقبلة في سيراليون" تكتسي قدرا كبيرا من الأهمية لاستقرار البلاد والتنمية الديمقراطية فيها". كما رحبت الولاياتالمتحدة وبريطانيا بالجهود المبذولة في جمهورية سيراليون لاجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية . وذكرت واشنطن ولندن في بيان مشترك ان سيراليون "بذلت جهودا كبيرة في هذه القضية خلال العقد الماضي" مضيفتان "اننا ندعو شعب سيراليون بمخلف اطيافه للمشاركة الفعالة في العملية الانتخابية من أجل تطبيق القانون واحترام حقوق الانسان واحترام النتائج المحتملة من الانتخابات". وعلى الصعيد الاقتصادي تزخر سيراليون وهي مستعمرة بريطانية سابقة بثروات طبيعية هائلة غير انها تعاني من اقتصاد هش واوضاع اجتماعية جد صعبة بسبب الفساد السائد وعدم الاحتكام إلى العدالة في توزيع عائدات الثروات اضافة إلى نسبة البطالة التي تترواح ما بين 60 و 65 في المائة لدى الشباب الذين يشكلون الاغلبية. فيما قدر البنك الدولي ديون البلاد الخارجية سنة 2009 ب 444 مليون دولار. وعن الشان الاجتماعي فانه رغم مجانية العلاج التي احتكم اليها الرئيس كوروما في سياسته خاصة بالنسبة للاطفال والامهات فان نسبة الوفيات تسجل أعلى نسبة لها عالميا . وتأتي هذه الإنتخابات بعد عشر سنوات من الحرب الأهلية في الفترة الممتدة بين عامي 1991 و 2002 و أودت بحياة أكثر 120000 شخص وتشويه الألاف وتدمير البنى التحتية للبلاد التي نالت الاستقلال سنة 1961 . وعلى خلفية الحرب الاهلية تم انشاء سنة 2002 المحكمة الخاصة بسيراليون لمحاكمة مجرمي الحرب والجرائم المقترفة ضد الانسانية.