بحث المبعوث الأممي-العربي المشترك إلى سوريا الاخضر الإبراهيمي مع الرئيس بشار الأسد اليوم الاثنين في دمشق سبل حل الأزمة السورية سياسيا في وقت تشهد فيه الأوضاع الأمنية على الأرض احتداما كبيرا مخلفة عشرات الضحايا يوميا. وتناول اللقاء الخطوات المقبلة لحل الأزمة الأمنية والسياسية التي تعصف بسوريا منذ اكثر من 20 شهرا أبرز خلاله الأسد نظرته للوضع فيما تحدث الابراهيمي عما أسفرت عنه المقابلات التي أجراها مع المسؤولين في المنطقة وخارجها بخصوص سوريا. وعرض الإبراهيمي على الأسد "الخطوات التي يرى بأنه يمكن أن تتخذ لمساعدة الشعب السوري على الخروج من هذه الازمة" معربا عن قلقه البالغ إزاء ما آلت إليه الأوضاع فيما أكد الأسد "حرص الحكومة السورية على إنجاح أي جهود تصب في مصلحة الشعب السوري وتحفظ سيادة الوطن واستقلاله". ومن المقرر أن يبحث المبعوث الأممي-العربي مع عدد من المسؤولين السوريين في وقت لاحق اليوم السبل الكفيلة بحل الأزمة دبلوماسيا بعيدا عن الحل العسكري الذي من شأنه أن يزيد الأوضاع تعقيدا حسب تقدير بعض المحللين. ووفقا لما تداولته بعض المصادر الصحفية فقد بحث الإبراهيمي عقب وصوله أمس الأحد إلى دمشق مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد المرحلة المقبلة من الأزمة وعرض عليه نقطتين أساسيتين لتحقيق ذلك الأولى تمثلت في "تشكيل حكومة لها صلاحيات واسعة" والثانية أن "يكمل الرئيس الأسد ولايته حتى عام 2014 ويتعهد بعدم الترشح لولاية جديدة". و كان الإبراهيمي الذي سبق وأن زار سوريا عدة مرات اخرها في شهر أكتوبر الماضي قد أكد على أن تحقيق الحسم العسكري غير ممكن على الإطلاق في سوريا ومن الضروري الانتقال للبحث عن حل سلمي كونه الخيار الوحيد. ورغم الجهود المبذولة من قبل المبعوث الأممي-العربي والمجتمع الدولي للخروج من النفق المظلم الذي تمر به سوريا "عن طريق الحوار" إلا أن الواقع يحكي عكس ذلك حيث تشير التقارير الصادرة من الميدان إلى سقوط عشرات القتلى يوميا معظمها من المدنيين خلال الاشتباكات الدائرة بين قوات الجيش النظامي السوري وعناصر المعارضة المسلحة أو خلال القصف الذي تشنه القوات السورية على معاقل المتمردين في عدد من مناطق البلاد. فبالتزامن مع زيارة الابراهيمي لدمشق لقي ما لا يقل عن ستين شخصا مصرعهم أمس في بلدة /حلفايا/ وحدها (ريف حماة وسط سوريا) اثر غارة شنتها المقاتلات السورية على مخبزة في البلدة التي يحتمي فيها المتمردون المحاصرة من قبل القوات النظامية. قد أدانت لجان التنسيق المحلية السورية "المجزرة التي نفذتها القوات النظامية في /حلفايا/" التي تواجه أزمة إنسانية حادة بسبب انعدام الخبز جراء محاصرة القوات النظامية للبلدة فيما نقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن القوات السورية تأكيدها أن قصفها جاء ردا على هجوم للمتمردين وبناء على نداء استغاثة من سكان البلدة. ووفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان فإن 49 شخصا قضوا أمس أيضا في أنحاء متفرقة من البلاد فيما قتل 117 آخرون أول أمس السبت. ومع بلوغ الأزمة السورية شهرها ال21 قدر عدد ضحايا النزاع المسلح في سوريا 44 ألفا و63 شخصا قتيلا بينهم 30 ألفا و819 مدنيا 10978 عنصرا من القوات النظامية و1482 جنديا منشقا بالإضافة 784 قتيلا مجهول الهوية حسب التقارير الصادرة عن المرصد. ورغم وصول الأوضاع في سوريا إلى "نقطة اللاعودة " -حسب المحللين- إلا أن المجتمع الدولي لا يزال متمسكا بالحل "الدبلوماسي" لوضع حد للأزمة التي أنهكت البلاد حيث تصر عدد من الدول على دعوة أطراف النزاع إلى الجلوس إلى طاولة الحوار دون شروط. فقد شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على "ضرورة جلوس جميع أطراف النزاع في سوريا على مائدة الحوار من أجل التوصل إلى إيجاد الحل السياسي للأزمة " فيما أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف على "ضرورة تفاوض الأطراف السورية من دون شروط". وأكد لافروف استعداد بلاده للعمل مع "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"(المعارض) لحل الأزمة ولكن "دون الاعتراف به". وفي ذات السياق اعتبر رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي أن الوقت أصبح ملحا من أجل وقف العنف في سوريا مؤكدا "دعم الاتحاد الأوروبي للجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي في سوريا بما في ذلك المساعي التي يبذلها المبعوث الأممي-العربي". وأكد على ضرورة دعم كافة الجهود الرامية لحماية المدنيين السوريين وضمان مستقبل الأقليات وحمايتهم. كما دعت الصين إلى إيجاد حل "سياسي" للأزمة السورية وحثت على بدء عملية انتقال سياسي بقيادة الشعب السوري على أساس بيان جنيف لاستعادة الامن والاستقرار في البلاد معتبرة أن ذلك يصب في صالح المصالح الجوهرية للشعب السوري وكذا المصالح المشتركة للمجتمع الدولي. ومن جهته دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المعارضة السورية إلى إيجاد حل سياسي ينقذ البلاد من خطر الحرب الاهلية .وأعربت المعارضة السورية خلال لقاء مع المسؤولين العراقيين في بغداد عن "قلقها من تصاعد وتيرة العنف في البلاد" وشددت على ضرورة "نبذ التطرف وتشجيع الاعتدال" والوصول إلى "حل سياسي وليس عسكري للأزمة". وفي انتظار أن تسفر الجهود الدولية الرامية عن الخروج بسوريا من الأزمة التي تعصف بها بالطرق الدبلوماسية تبقى الأزمة الإنسانية التي تعيشها البلاد مصدر قلق دولي شديد جراء أعمال العنف والنقص الحاد في الإمدادات وكذا موجات النازحين داخليا وخارجيا الذين تجاوز عددهم نصف مليون لاجئ حتى الآن وينتظر أن يبلغ 700 ألف لا جيء بحلول نهاية العام حسب تقديرات الأممالمتحدة.