أكد التجمع من أجل الثقافة و الديموقراطية يوم السبت بالجزائر العاصمة أنه لم يعد ممكنا تأجيل التشاور و الحوار بين مختلف الفاعلين السياسيين و الإجتماعيين الوطنيين حول وثيقة الدستور خاصة و أن الجزائر حاليا "في مفترق الطرق من تاريخها". و خلال لقاء وطني خصص لإثراء النقاش الذي باشره التجمع من أجل إعداد مقترحات حول "مشروع دستور دائم" شدد رئيس الحزب محسن بلعباس على أن "الأمر الملح اليوم هو التركيز على تحضير و تنظيم إستشارة انتخابية يجب أن تكون واضحة المعالم في وقت ممكن إذا أردنا أن نجعل من هذه المناسبة (مراجعة الدستور) فرصة لإنطلاقة جديدة لبلادنا". و أمام المشاركين في اللقاء و جمع من الضيوف من بينهم عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم ورئيس مؤسسة "ذاكرة الولاية الرابعة" يوسف الخطيب المدعو العقيد سي حسان شدد السيد بلعباس على أنه يتعين على الجميع اليوم "تجاوز المواقف المتشددة المنحازة و أطر التعاطف من أجل جعل الجزائر فوق كل الإعتبارات". و يرمي التجمع من أجل الثقافة و الديموقراطية من خلال هذه الخطوة إلى إعادة "طرح الملفات التي تشهد خلافا بين مختلف الفاعلين و الحقائق المخفية من أجل إنطلاقة جديدة" من خلال بعث النقاش حول قضايا جوهرية و هو ما يندرج ضمن الأدوار المنوطة بالطبقة السياسية يقول رئيس الحزب. كما أضاف بأن هذه المسألة تتطلب توافق بين مختلف الفاعلين السياسيين و الإجتماعين بالجزائر حيث يطرح إختياران : جمعية وطنية تأسيسية أو الوصول إلى إعداد دستور إتفاقي و هما الإتجاهان اللذان يتطلبان كلاهما اللجوء إلى استفتاء شعبي. و يذكر أن هذا اللقاء الوطني كانت قد سبقته سبع لقاءات جهوية خصصت للتفكير في مقترحات حول إعداد مشروع "دستور دائم" و هي الفكرة التي كان قد أعلن عنها التجمع خلال فيفري المنصرم حيث يعكف حاليا على عرضها على هياكله قبل تقديمها إلى الرأي العام. و يسعى التجمع من خلالها إلى "إثارة نقاش وطني يرتكز على إعادة التأسيس المؤسساتي للجزائر (...) و وضع حد للإقتباس الأعمى المأخوذ من تجربة الغير" مثلما يشير إليه المشروع. و يرى التجمع بأن "الدستور الجدي هو الذي يتيح للشعب فرصة التعبير عن أرائه" معتبرا بأن الدستور الحالي "لم يقدم حلولا فعلية للمشاكل الأساسية المطروحة". للإشارة شهد هذا اللقاء مشاركة بعض الفاعلين السياسيين و الحقوقيين بكل من تونس و ليبيا و موريتانيا. و يتضمن مشروع الدستور "المستمد من الذاكرة الجزائرية" و الذي "يستجيب للخاصيات الوطنية الإجتماعية و المراجع الثقافية لأمتنا" ثلاثة محاور رئيسية تتعلق بتحديد المبادئ العامة التي يجب أن تسير المجتمع الجزائري و توازن السلطات و توضيح دور الهيئات الاستشارية. و من بين هذه المبادئ التي يرى التجمع بأنها "كفيلة بتكريس أسس دولة ديمقراطية" الإقرار "الرسمي" في الحياة السياسية بمبادئ العدالة الاجتماعية و المواطنة و المساواة في الحقوق بين الرجل و المرأة و تنظيم انتخابات حرة و شفافة و استقلال العدالة و ترقية حقوق الإنسان. و في تطرقه إلى الشق الخاص بتنظيم و سير المؤسسات و إعادة تنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث حرص التجمع على توضيح صلاحيات كل سلطة حيث يشكل البحث عن موازين القوى بالنسبة للتجمع "حجر الزاوية لكل حل سياسي ديموقراطي توفيقي". أما فيما يتعلق بالدور و المهمة المسندين للهيئات الإستشارية على غرار المجلس الدستوري و مجلس المحاسبة و المجلس الوطني الإقتصادي و الإجتماعي فيرى التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية ضرورة إحالة سلطة تعيين أعضاء هذه الهيئات — الموكلة أصلا لرئيس الجمهورية— إلى البرلمان و اللجان المؤهلة و المختصة من الغرفتين.