تحظى ثقافات البلدان المشاركة في الألعاب الاولمبية للشباب 2014 الجارية من 16 الى 28 اغسطس بمدينة نانجينغ الصينية بإهتمام واسع حيث تنظم القرية الرياضية الاولمبية يوميا إستعراضات لتراث الدول ال204 المشاركة في هذه التظاهرة بما فيها التاريخ والتراث الجزائري. لم تصبح القرية الاولمبية مرتعا لتوفير المبيت والاكل للرياضيين ال3800، بل باتت ملاذا يلم فيه شمل ثقافات مجتمعات من شتى ربوع العالم، في صورة تخفف على المشاركين ضغط السباقات والمنافسات عالية المستوى. وعلى مساحتين مختلفتين (فاقت كل منهما 200 متر مربع)، خصصت أجنحة مغطاة، يستقبل فيها الزوار بابتسامات عريضة، وبالتحية المحلية "نيهاو"(مرحبا بك)، من قبل صينيون يقومون بتوجيهك إلى جميع المنصات المخصصة لعرض ثقافات كل بلد. وتجد في كل منصة شابين صينيين يستعرضان ثقافات شعوب العالم، ومنها تلك الرقصات الإفريقية وهم يقرعون الطبول على غرار ما يفعله الأفارقة. مدرسة "قاصدي مرباح" لبرج البحري لتمثيل الجزائر وكون الجزائر من دول القارة السمراء، فان الموعد كان مع أحد "الدكاكين" الصغيرة للإطلاع على ما جادت به ثقافة بلدنا. واستنادا إلى اتفاقية الصداقة والتوأمة المبرمة بين ثانوية قاصدي مرباح ببرج البحري (الجزائر العاصمة) ومدرسة "زونغهي" للغات الاجنبية بمدينة نانجينغ الصينية، فقد تم عرض بعض المصنوعات التقليدية التي تعرف ولو بجزء يسير بثقافة الجزائر. وحسبما أكده مدير المدرسة الجزائرية ل"واج" سعيد شيخ المتواجد بنانجينغ من اجل هذه المناسبة فان "تلاميذ مدرسة نانجينغ للغات صنعوا بعض الاشياء التقليدية بالتعاون مع زملائهم الجزائريين عن بعد، كي يتم عرضها في هذه المناسبة". وجرت هذه العملية، التي اطلق عليها اسم "الجيريا هاوس" (منزل الجزائر)، تحت وصاية اللجنة الاولمبية والرياضية الجزائرية. وعلى غرار "الدربوكة" و الاناءات الفخارية واخرى مصنوعة من الزجاج، تزين المكان المخصص للثقافة الجزائرية من بين بقية الثقافات الافريقية والعالمية. وزاد من بهائها تلك الصور والبطاقات البريدية المعلقة في سقف هذا المكان، والتي تحتوي على أهم مناطق الوطن، كما كستها الحشائش الجزائرية الاصطناعية، في زاوية تفوح منها "ريحة لبلاد". وما يلفت النظر عندما تقف أمام المحل الصغير (الذي لا تتجاوز مساحته تسعة أمتارمربع) تلك الصورة الضخمة المكبرة لخليج الجزائر العاصمة "البيضاء" وصورة مصغرة أخرى على اليمين باللونين الابيض والاسود للعاصمة في سنوات خلت، تحكي، رغم بساطتها، عن قصة الحنين الى الماضي الجميل. كما يقابلك قميص أخضر اللون معلق امام الصورة الكبيرة، خاص باللجنة الاولمبية الرياضية الجزائرية، مملوء بالإمضاءات أبرزها توقيع البطل الاولمبي في سباق 1500 متر في اولمبياد لندن 2012 توفيق مخلوفي اضافة الى رياضيين آخرين. ضف الى ذلك جدران اصطناعية عليها العديد من إمضاءات التلاميذ لنظرائهم الصينيين. القارة الإفريقية والجزائر ضيوف الشرف في القرية الثقافية وحلت الجزائر رفقة القارة الإفريقية ضيف شرف على مدار اربعة ايام في القرية الثقافية التي عرفت اقبالا منقطع النظير من قبل رياضيين كثيرين من شتى بلدان العالم وذلك لاكتشاف الثقافات والاعراف القديمة للشعوب. ويتوجب على جميع الرياضيين المعنيين بهذه الألعاب المشاركة في هذه النشاطات الثقافية، حيث فرضت اللجنة المنظمة على هؤلاء الشبان ان يقوموا بدورة على مختلف الأماكن المخصصة للعرض لان الغرض من هذه الألعاب الشبانية "هو جعلها نقطة التقاء الثقافات العالمية وليس فقط للرياضة وهذا هو الغرض الحقيقي" تقول اللجنة التنظيمية. وخلال كل ثلاثة أو أربعة أيام يتم استعراض ثقافات قارة من القارات الخمسة، حيث كانت البداية مع اوروبا ثم امريكا، ليأتي الدور هذه المرة على القارة الافريقية التي تمتلك عادات وثقافات متعددة ومتجذرة في التاريخ العتيق. كما تم عرض العديد من التراث الافريقي على غرار الطبول والالبسة التي كان يرتديها الأفارقة في القديم، الامر الذي لقي اعجابا كبيرا لدى الرياضيين الذين كانوا بمثابة السياح في هذه المناسبة والذين راحوا يستمتعون بتجريب تلك الآلات وسط جو مرح يرحل بالزائر الى التاريخ الافريقي الغابر. ويتوجب على الشبان المشاركين تسجيل اسمائهم بانهم شاركوا في بعض النشاطات الثقافية وهو شرط من بين شروط المشاركة في هذه الالعاب والا فان مشاركتهم ستلغى، حسبما اوردته اللجنة المنظمة. وتسعى كل من اللجنة التنظيمية واللجنة الاولمبية الدولية الى جعل مثل هذه المناسبة الرياضية موعدا للتعارف بين الشبان لتبادل الافكار والثقافات وليس فقط من اجل التنافس والتباري على الميداليات والالقاب، خاصة وانهم شبان عليهم ان يتعارفوا فيما بينهم ويتطلعون على العالم الآخر لأن المستقبل لا يزال أمامهم.