دعا وزير الشؤون الخارجية، رمطان لعمامرة، بقوة خلال مشاركته في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب امس الخميس الى"اتخاذ ضوابط جماعية عربية" لمواجهة التطرف بكل اشكاله منوها بتجربة الجزائر الرائدة في مجال مكافحة الارهاب والتطرف والرامية الى نشر الاعتدال والتسامح والتي تعتبر نموذجا ينبغي الاقتداء به لمواجهة هذه الافة. ورافع السيد لعمامرة خلال مناقشة المجلس لتقرير الامين العام للجامعة العربية حول "ظاهرة الارهاب وتاثيرها على الامن القومي العربي" من اجل تضمين هذ التقرير اجابات للاشكالات التي يثيرها امتداد الإرهاب الى اوروبا ولا سيما ما يتعلق بالتصاعد غير المسبوق لظاهرة الاسلاموفوبيا في اوربا والتي تثير مخاوف الجاليات العربية. وقال لعمامرة في تصريح لواج في ختام اجتماع المجلس ان هذه الدراسة (التقرير) "واعدة" ولكنها غير مكتملة وتتطلب اثراءات ومقترحات مشيرا الى اهمية التاكيد على ادانة الارهاب واتخاذ الاجراءات للوقاية من التطرف مع مطالبة الشركاء الأوروبيين بضرورة "احترام كل ما يتعلق بهوية الجاليات العربية التي ينبغي ايضا حث افرادها على احترام قوانين البلاد المستقبلة ". وكان السيد لعمامرة قد اكد ان عملية مواجهة التطرف في اوربا لابد ان يتوخى فيها ايضا ضرورة "الحرص الشديد على ضمان كرامة وسلامة الجاليات العربية وفي مقدمتها الجالية الجزائرية المنتشرة في ربوع أوروبا ". وقال " بقدر ما نلح على ان يحترم افراد الجالية قوانين الدول المضيفة بقدر الحاحنا على ان تحترم حقوقهم بما فيها حقهم في صيانة شخصيتهم والدفاع عن هويتهم وهو الخط الثابت في سياسة الجزائر". وأضاف الوزير ان رسالة الجزائر هذه للشركاء في اوروبا "يتقاسمها الاشقاء العرب ويساهم الكل فيها" من اجل ان" نتصدى للهجمات غير المسؤولة والمرفوضة بتاتا ضد الرسول (ص) بالطرق المتمدنة التي تبنى على الصرامة وعلى المبدأ القائل بضرورة الاحترام المتبادل للرموز ولقناعات كل الاطراف وفي مقدمتها قناعتنا الثابتة والقوية بتعاليم ديننا الحنيف" . وأشار السيد لعمامرة الى تجربة الجزائر في كل ما يتعلق بمحاربة الارهاب واستئصال التطرف واعتبرها "نموذجا وقدوة" يمكن الاستفادة منها وقال "اعتقد ان للجزائر تجربة رائدة في مواجهة التطرف لا تقتصر على الجوانب الامنية العسكرية بل تتسع للجوانب السياسية والثقافية والدينية والتربوية والاخلاقية فهذه المنهجية المتكاملة والبناءة التي انتهجتها الجزائر منذ ان تعرضت لظاهرة الارهاب الغريبة عن تقاليد وتراث وكل معتقدات المجتمع الجزائري". وقال "ان نتعاون مع هذه الدول من منطلق المصلحة المشتركة فهذا يقتضي منا ان ندافع عن الاغلبية الساحقة من افراد جاليتنا في اوربا وهي اغلبية مؤمنة بدينها ومتشبثة بوطنيتها وهويتها ومحترمة في نفس الوقت لقوانين الدول التي تعيش فيها وتكسب قوتها من العمل بها". وبشان التخوفات من امكانية لجوء بعض الدول الاوروبية الى اتخاذ اجراءات ادارية او قانونية تضيق على الجاليات المسلمة وبالاخص الجالية الجزائرية التي تمثل حيزا واسعا في الفضاء الاوروبي اكد لعمامرة ان الجزائر "لا تتحمس الى اجراءات قد تكون تعسفية او استثنائية في الوقت الذي تتفهم في نفس الوقت حق كل الدول في سن القوانين التي تراها مناسبة بالنظر الى ظروفها الخاصة من الناحية الامنية.". وأضاف "اننا في حوارنا وفي تعاوننا مع كل هذه الدول نقدم التجربة الجزائرية الرائدة كمنهجية ممكنة -- مع ما تتطلب هذه المنهجية من تكييف مع الظروف ومع معطيات وخصوصيات كل دولة من الدول المعنية -- وصولا الى موقف متجانس ومنهجية متجانسة لدى الجميع من اجل هدف اساسي وهو حماية امن واستقرار وسلامة الجميع". واكد في هذا الصدد بمبدا الجزائر الثابت في الدفاع بقوة عن الجالية الجزائرية وقال "ان الجزائر التي كانت سباقة تحت كل الظروف والاوقات للدفاع عن جاليتنا في المهجر ستواصل هذا الاهتمام والتعامل مع الدول الصديقة المعنية لاخذ بالمواقف الرامية الى تغليب الحكمة وتغليب الاساليب المتمدنة على الاساليب التعسفية". وبخصوص القضية الفلسطينة التي مثلت البند الرئيسي في جدول اعمال المجلس الوزراي اكد الوزير ان مشاركة الجزائر في هذا الاجتماع ياتي دعما للقضية الفلسطينية العادلة ووقوفها مع كل الخطوات التي تتخذها القيادة الفلسطينية من اجل تعزيز دورها ونشاطها وتوسيع هامش المناورة في المحافل الدولية وصولا الى الهدف المنشود من مشروع القرار الذي عرض على مجلس الامن والذي قد يعرض مجددا عندما تتوفر شروط انجاحه. ويذكر ان المجلس الوزاري كان قد صادق في ختام اجتماعه ليلة امس على اربعة قرارات واحد يتعلق باستكمال الدراسة حول "ظاهرة الارهاب واثرها على الامن القومي العربي "واخر يتعلق ب " مطالبة حكومة لبنان باتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لضمان عدم تكرار التصريحات العدائية من امين عام حزب الله ضد مملكة البحرين". كما صادق المجلس على قرارين هامين واحد يتعلق بخطة التحرك العربية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للدولة الفلسطينية والثاني يتعلق بليبيا حيث اكد المجلس من جديد على ضرورة الحل السياسي للازمة الليبية من خلال حوار شامل للفرقاء الليبيين باستثناء المجموعات الارهابية. كما اكد المجلس دعمه للجهود المبذولة من طرف دول الجوار والمبعوث الاممي الى ليبيا في هذا الشان . وقد عبر السيد لعمامرة عن "ارتياحه" للنتيجة التي توصل اليها المجلس بخصوص الازمة الليبية وللمناقشات المستفيضة التي اسهمت في "ابراز تعقيدات هذه الازمة وتشابك معطياتها " مؤكدا على ضرورة تضافر جهود كافة الاطراف الليبية في اطار مقاربة سلمية من اجل تسريع الحل التوافقي المنشود في مسار تطلعات الشعب الليبي الشقيق. وكان السيد لعمامرة قد اكد على هذا الموقف خلال لقائه بوزير الخارجية الليبي محمد الدايري امس بمقر الجامعة العربية على هامش اشغال المجلس الوزراي.