استأنفت الولاياتالمتحدةالأمريكيةوكوبا يوم الأربعاء علاقاتهما الدبلوماسية بعد قطيعة دامت 54 عاما في خطوة هامة نحو تطبيع العلاقات بين البلدين غير أن قضية الحظر الإقتصادي و المالي المفروض على كوبا سنة 1962 لايزال قائما بالرغم من مواظبة هافانا على التنديد به كونه يشكل عائقا أمام تنمية البلاد. فقد أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس الأربعاء عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين الولاياتالمتحدة و كوبا إلى طبيعتها رسميا بعد قطيعة إستمرت أكثر من نصف قرن وإعادة فتح السفارتين بالبلدين يوم 20 يوليو الحالي. وقال أوباما خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض أن "الولاياتالمتحدة تلتزم رسميا باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية كوبا وفتح السفارتين بالبلدين". وأكد الرئيس الأمريكي أن الأمر يتعلق بخطوة "تاريخية" نحو تطبيع العلاقات مع الحكومة ومع الشعب الكوبيين ستمكن من فتح عهد جديد بأمريكا اللاتينية. وأشار إلى أن هذا القرار سيمكن أيضا من فتح آفاق جديدة للتعاون مع كوبا في العديد من المجالات خاصة في مجال محاربة تهريب المخدرات وتدبير الكوارث الطبيعية والتنمية البشرية. وفي كوبا أكد الرئيس راوول كاسترو في رسالة موجهة إلى نظيره الأمريكي باراك اوباما عودة العلاقات الدبلوماسية بين بلاده والولاياتالمتحدةالامريكية ابتداء من ال20 يوليو الجاري. ونقل التلفزيون الوطني الكوبي عن كاسترو قوله في رسالته "بكل سرور اتوجه إليكم في رسالة لأؤكد أن جمهورية كوبا قررت إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة وفتح بعثات دبلوماسية في كل من بلدينا في 20 يوليو". وقبل ذلك أعلنت وزارة الخارجية الكوبية في بيان لها أن "العلاقات الدبلوماسية ستستأنف اعتبارا من 20 يوليو". وتعيد الولاياتالمتحدة فتح سفارتها في العاصمة الكوبية هافانا يوم 20 يوليو الحالي في خطوة جديدة نحو تطبيع العلاقات بين الجانبين وسيكون هذا التاريخ موعدا لإعادة افتتاح السفارة الكوبية في واشنطن. ومن المنتظر أن يزور كاتب الدولة الأمريكي جون كيري هافانا خلال يوليو الجاري لترؤس حفل الافتتاح الرسمي للسفارة الأمريكية. وكان وفدان رفيعا المستوى من البلدين قد عقدا أربعة اجتماعات منذ يناير الماضي بهافانا وواشنطن للتفاوض بشأن طرق استئناف العلاقات الدبلوماسية. و تدهورت العلاقات بين الولاياتالمتحدةوكوبا بعد أن أطاح فيدل كاسترو بالديكتاتور فولجنسيو باتيستا المدعوم من الولاياتالمتحدة في يناير من عام 1959. أوباما يحث أعضاء الكونغرس على رفع الحصار المفروض على هافانا ولاتزال الولاياتالمتحدة تفرض حصارها الإقتصادي والمالي على كوبا منذ أكتوبر 1962 بهدف إزاحة حكومة الرئيس السابق فيدال كاسترو الإشتراكية حيث كانت ترى فيها واشنطن تهديدا كبيرا لمصالحها في المنطقة. وفي هذا الإطار حث الرئيس أوباما المنتمي للحزب الديمقراطي أعضاء الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون لإتخاذ التدابير الضرورية على رفع الحصار "غير الناجع" المفروض على هافانا منذ 1962 لكن القيادة المحافظة في الكونغرس تقاوم ذلك. وكان الرئيس الكوبي راؤول كاسترو قال يوم 28 يناير الماضي "لا يمكن تطبيع العلاقات مع الولاياتالمتحدة مادام الحصار مفروضا وقبل أن تعاد منطقة غوانتانامو للأراضي الكوبية". وكان الرئيس الأمريكي و نظيره الكوبي أعلنا في ديسمبر الماضي عن رفع عدد من القيود في مجالات التجارة و الإستثمار و التنقل فرضتها الولاياتالمتحدة على كوبا إلا أن ذلك لا يعني إلغاء الحظر المفروض على كوبا و ذلك لوقوف الكونغرس ضده. وعلى الرغم من أن الحظر الإقتصادي على كوبا و المتواصل منذ نصف قرن لا يزال ساريا إلا أن الولاياتالمتحدة تنوي إلغاء تدابير عديدة للتقييدات التجارية مع كوبا في مجالي الإستثمار و السفر. وبخصوص قاعدة خليج غوانتانامو في كوبا قال وزير الدفاع الامريكي اشتون كارتر أمس أن الولاياتالمتحدة لا تتوقع التخلي عن القاعدة على الرغم من الإتفاق "التاريخي" الذي توج أمس بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين خصمي الحرب الباردة السابقين. وأكدت حكومة كوبا أن على الولاياتالمتحدة لضمان تطبيع شامل للعلاقات أن تتخذ خطوات منها تسليم القاعدة البحرية التي تستأجرها منذ عام 1903 والتي تبلغ مساحتها 116 كيلومترا مربعا وتريد كوبا استعادة السيادة عليها. وفي رده على سؤال عما اذا كان يتصور أن يأتي يوم تتخلى فيه الولاياتالمتحدة عن القاعدة قال كارتر في مؤتمر صحفي بوزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) انه "ليست هناك توقعات أو خطة" فيما يتعلق بقاعدة غوانتانامو البحرية في كوبا. ردود فعل مرحبة باستئناف العلاقات الامريكية الكوبية رحب زعماء العالم بالخطوة التاريخية التي اتخذتها الولاياتالمتحدة لإنهاء حالة العداء مع كوريا التي استمرت 54 عاما واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ففي أول تعليق على استئناف العلاقات الأمريكية الكوبية قالت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون والتي أعلنت ترشحها لإنتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة أن فتح سفارة امريكية جديدة في هافانا "سيساعد واشنطن في تعزيز علاقاتها مع الشعب الكوبي ودعم الجهود الرامية للتغيير". ووصفت كلينتون تلك الخطوة بأنها "جيدة لكل من الشعبين الامريكي والكوبي". من جهته أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالاعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الولاياتالمتحدةوكوبا . وأكد المتحدث باسم الامين العام للامم المتحدة ستيفان دوجاريك أن بان كى مون يشيد باعلان كوباوالولاياتالمتحدة اعادة فتح سفارتيهما فى هافانا وواشنطن معتبرا أن استئناف العلاقات الدبلوماسية يعد خطوة هامة نحو تطبيع العلاقات بين البلدين. وأبرز دوجاريك أن الاممالمتحدة تدعم الجهود الرامية الى تعزيز علاقات متناغمة مبنية على حسن الجوار بين الدول الاعضاء وذلك وفقا لمبادى ميثاقها مشيرا الى أن الامين العام أعرب عن رغبته فى روية هذه الخطوة التاريخية تعود بالنفع على شعبي البلدين. وفي أول رد فعل أوروبي على هذه الخطوة عبرت الممثلة العليا للامن والسياسية الخارجية في الإتحاد الأوروبي فيديريكا موغيرنيعن تفاؤلها بالقول "نحن نشعر بأن حائطا جديدا بدأ يسقط". ووصفت موغريني الإعلان عن إستئناف العلاقات الثنائية بين البلدين و التوجه إلى تطويرها ب"التغير الحقيقي" مشيرة إلى أنه يصب بالضرورة في مصلحة الطرفين. وأعربت الصين بدورها عن دعمها للخطوات التي اتخذت مؤخرا لتطبيع العلاقات بين الولاياتالمتحدةوكوبا مشيرة إلى أن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سيخدم المصالح المشتركة لهما ولشعبيهما. وأعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشان يينغ عن أملها في أن يتم رفع الحصار والعقوبات المفروضة على كوبا من الجانب الأمريكي في أسرع وقت ممكن مضيفة أن الصين تتمنى أن تتطور العلاقات الطبيعية بين البلدين على أساس من الاحترام المتبادل والمساواة والفائدة المشتركة. ويعتبر إنهاء تجميد العلاقات بين واشنطن وهافانا الذي استمر لنصف القرن "أكبر إنجاز" في السياسة الخارجية لإدارة أوباما.