أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما إعادة العلاقات مع كوبا عبر إنهاء النهج القديم الذي اتبّعته بلاده تجاه الدولة الشيوعية، قائلاً إن واشنطن ستبدأ محادثات مع هافانا لتطبيع العلاقات، بعد انقطاع استمر 50 عاماً. وقال أوباما في خطاب ألقاه في البيت الأبيض، إنه سيعمل على تطبيع العلاقات مع كوبا من خلال مجموعة كبيرة من الإجراءات تبدأ بتخفيف القيود على السفر وتخفيف القيود الاقتصادية. وأشار إلى أن أميركا ستبدأ محادثات مع كوبا لتطبيع العلاقات، مؤكداً أن "الخمسين عاماً الماضية أظهرت أن عزل كوبا لم يعط نتيجة وحان الوقت لاعتماد مقاربة جديدة". وقال أوباما إن "المقاربة التي عف عنها الزمن" التي اتّبعتها أميركا طوال عقود تجاه كوبا لم تخدم لا الشعب الكوبي ولا الأميركي. ولم يعلن الرئيس الأميركي رفع الحظر عن كوبا إلاّ أنه أكد أنه سيبحث الأمر مع الكونغرس. وقال: "اليوم نجري هذه التغييرات لأنها الأمر الصواب. اليوم تختار أميركا أن تفك أغلال الماضي لتصل إلى مستقبل أفضل للشعب الكوبي وللشعب الأميركي ولهذا النصف بأكمله من الكرة الأرضية وللعالم". وكان مسؤول في الإدارة الأميركية استبق خطاب أوباما بالإعلان أن واشنطن ستعيد فتح سفارتها في هافانا "خلال الأشهر المقبلة". وتزامناً، ألقى الرئيس الكوبي راوول كاسترو خطاباً بثته وسائل الإعلام الرسمية أكد فيه أنه اتفق مع نظيره الأميركي باراك أوباما "على إعادة العلاقات الدبلوماسية" بين البلدين. غير أن كاسترو أضاف أن "هذا لا يعني أن (المشكلة) الرئيسية، أي الحصار الاقتصادي تمت تسويتها". وكانت الولاياتالمتحدة فرضت في العام 1961 حظراً تجارياً على كوبا، الأقرب إلى سواحلها وكانت عدوتها في الحرب الباردة، والعلاقات الديبلوماسية بين البلدين منقطعة منذ 1961. لكن لكل منهما دائرة مصالح تضطلع بدور السفارة. وبدأت الانفراجة التاريخية في العلاقات الأميركية الكوبية في ربيع عام 2013 حينما سمح أوباما بإجراء محادثات سرية مع كوبا وهو نفس الأسلوب الذي اتبعه لبدء محادثات نووية مع إيران. وبلغت شهور من المحادثات في كنداوالفاتيكان بمشاركة واحد من أقرب معاوني أوباما ذروتها أمس الثلثاء حينما تحدث أوباما والرئيس الكوبي راوول كاسترو هاتفياً لنحو ساعة واتفقا على خطوات من شأنها أن تنهي نصف قرن من العداء وتعيد تشكيل العلاقات في نصف الكرة الأرضية الغربي. ولعب البابا فرنسيس دوراً رئيسياً في التقارب التاريخي بين واشنطن وهافانا، إذ قال مسؤولون أميركيون إن البابا وجه نداء شخصياً إلى أوباما وكاسترو في رسالتين منفصلتين خلال الصيف، وإن الفاتيكان استقبل موفدي البلدين لوضع اللمسات الأخيرة على التقارب. وقال السناتور الأميركي ريتشارد دوربن ل"رويترز"، إن المفاوضات التي جرت لإطلاق غروس استمرت لنحو عام بتدخّل كبير من جانب الفاتيكان، مضيفاً من قاعدة أندروز حيث وصل غروس، إن البيت الأبيض اتصل به الليلة الماضي لإبلاغه بقرب الإفراج عنه. وحيّا أوباما في خطابه جهود البابا فرنسيس. وأفرج عن غروس الذي اتهم بالتجسس في كوبا مقابل إطلاق سراح ثلاثة كوبيين أوقفوا في 1998 في الولاياتالمتحدة وحكم عليهم بالسجن بتهمة التجسس في 2001. واعتقل غروس في الثالث من كانون الأول (ديسمبر) 2009 في كوبا وحكم عليه في 2011 بالسجن 15 عاماً لإدخاله معدات إرسال بواسطة الأقمار الاصطناعية محظورة في الجزيرة الشيوعية. وفي سياق التقارب أيضاً، قال مسؤول أميركي إن "الحكومة الكوبية وافقت على الإفراج عن 53 سجيناً نعتبرهم سجناء سياسيين"، موضحاً أنه تم الإفراج عن بعضهم "ونتوقع ان تتواصل عملية الإفراج". وصدرت بالفعل انتقادات سريعة لهذه الأنباء من جانب بعض المشرعين الأميركيين من المعسكرين الديموقراطي والجمهوري. حيث اعتبر رئيس مجلس النواب الأميركي المنتمي إلى الحزب الجمهوري جون بينر التحول في سياسة اوباما تجاه كوبا بأنه "تنازل طائش". ودولياً، جاء الترحيب الأول من جانب روسيا حيث اعتبر نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف الأربعاء إن تحرك الولاياتالمتحدة لتطبيع علاقاتها مع كوبا خطوة في الاتجاه الصحيح. وهنأ البابا فرنسيس الذي كان له دور سياسي في التطبيع التاريخي للعلاقات بالخطوة وقال إنه مستعد لدعم تعزيز العلاقات الثنائية. ووصف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بدوره صفقة تبادل سجناء بين الولاياتالمتحدةوكوبا بأنها لفتة "شجاعة" من أوباما واعتبرها انتصاراً للدولة الواقعة في البحر الكاريبي