تعيد الولاياتالمتحدة فتح سفارتها في العاصمة الكوبية هافانا غدا الاثنين في خطوة جديدة نحو تطبيع العلاقات بين الجانبين بعد قطيعة استمرت أكثر من نصف قرن، و هذا تمهيدا للوصول الى اتفاق رفع الحصار التجاري على كوبا الذي يبقى العائق الأساسي لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وفي أواخر الشهر الماضي اتفقت الدولتان العدوتان منذ الحرب الباردة، رسميا على استئناف العلاقات الدبلوماسية غدا وترتيب رحلة لوزير الخارجية الأمريكي لزيارة هافانا ليصبح أول وزير خارجية أمريكي يزور البلاد منذ 70 عاما. علمنا ان إعلانات رسمية متبادلة بين البلدين كان قد حددت موعد 20 يوليو لاستئناف العلاقات الدبلوماسية على أن تفتتح السفارتان في ذلك الموعد أو في وقت لاحق. وعملا بقرار فتح السفارة الامريكية في كوبا ،كشفت وزارة الخارجية الأمريكية أن وزير الخارجية جون كيرى سيلتقى بنظيره الكوبي، برونو رودريغيز، في واشنطن غدا لبحث اعادة فتح سفارة كوبا في الولاياتالمتحدة بعد اعادة التطبيع بين البلدين. وسيعقد كيري ورودريغيز مؤتمرا صحفيا بعد اجتماعهما و سيجريان محادثات مهمة لبحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما سيزور رودريغيز واشنطن لاعادة افتتاح سفارة بلاده، وهي خطوة ذات مغزى فى مسار تطبيع العلاقات و تحسينها بين البلدين ومن المتوقع. أن يعاد افتتاح السفارة الامريكية في هافانا رسميا في أغسطس المقبل. وكان كيري ورودريغيز قد اجتمعا في أبريل الماضي لمدة ساعتين أثناء قمة الأمريكتين في باناما. و في خطوة لتفعيل قرار التطبيع بين البلدين أعلن البيت الأبيض الامريكي الاسبوع الماضي أن الولاياتالمتحدة تخطط للمبادرة ببدء اتصالات مع كوبا على مستوى رفيع وبناء علاقات معها في مجالات عدة منها "مكافحة فيروس إيبولا" و "الهجرة" و "محاربة تهريب المخدرات". وقد جاء قرار الرئيس الامريكي باراك أوباما بالتحرك نحو إعادة العلاقات كاملة بعد عقود من العداء المتبادل إذ قطعت واشنطن العلاقات الدبلوماسية مع هافانا في عام 1961 وفرضت حظرا تجاريا قالت كوبا انه "كان السبب في العديد من مشاكلها الاقتصادية". تطبيع العلاقات بين البلدين شريطة تخفيف الحصار التجاري على كوبا و رغم إحياء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين و قرار واشنطن سحب هافانا من القائمة السوداء للدول "التي تدعم الإرهاب"، تستمر قضية الحظر الاقتصادي والمالي المفروض على كوبا منذ فبراير 1962 والذي تواظب هافانا على التنديد به كونه عائقا أمام تنمية الجزيرة. وفي هذا السياق، نبه الرئيس الكوبي، راوول كاسترو، إلى أن تعيين سفراء سيتيح تحسين العلاقات بين البلدين، لكن "التطبيع موضوع آخر" حيث دعا الرئيس الكوبي نظيره الأمريكي إلى تخفيف الحصار قائلا: "على الرغم من أن الإجراءات الخاصة بالحصار تخص التشريع الأمريكي، فإن بإمكان رئيس الولاياتالمتحدة بصفته ممثلا للسلطة التنفيذية أن يغير تطبيقها". و اقترح كاسترو أن تتخذ الحكومتان الكوبية والأمريكية خطوات من شأنها تحسين الأجواء بين البلدين وتطبيع العلاقات بينهما على أساس القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة. وأكدت الحكومة الكوبية على انه "يتعين على الولاياتالمتحدة وقف الحصار الاقتصادي الذي تفرضه على كوبا وإعادة قاعدة جوية في غوانتانامو كانت استأجرتها منذ عام 1903 باعتبارها جزء من الأراضي الكوبية". في المقابل، طالب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الديمقراطي، الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون برفع الحصار المستمر منذ 53 عاما على كوبا لكن القيادة المحافظة في الكونغرس تعارض هذا التوجه. وكانت العلاقات الثنائية بين هافانا وواشنطن انقطعت عام 1961 على خلفية قيام السلطات الثورية الكوبية بتأميم مزارع قصب السكر ومصادرة الممتلكات الأمريكية في الجزيرة بما فيها مصانع النفط. وشهدت العلاقات الكوبية-الأمريكية انفراجا نسبيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، أكبر شريك سياسي واقتصادي لهافانا، أواخر عام 1991 دون أن يؤدي ذلك إلى تطبيع العلاقات الثنائية أو رفع الحصار الاقتصادي والتجاري الأمريكي عن كوبا. تبادل السجناء بين كوباوالولاياتالمتحدة وفي سياق تحسين العلاقات بين البلدين، قررت السلطات الكوبية الإفراج عن المواطن الأمريكي ألن غروس وشخص آخر سجنتهما هافانا بتهمة التجسس لصالح واشنطن، وذلك بحسب مسؤولين أمريكيين. وأفادت قناة "سي إن إن" التلفزيونية نقلا عن المصادر نفسها بأن الولاياتالمتحدة أفرجت عن ثلاثة جواسيس كوبيين كانوا مسجونين في أراضيها. وقالت جوزيفينا فيدال كبيرة المفاوضين في كوبا إن كوباوالولاياتالمتحدة تتقفان على تجسيد على ارض الواقع قرارات المرحلة الثانية الصعبة من مفاوضات تطبيع العلاقات.