صنعت مسرحية '' الولي الصالح '' في عرضها ما قبل العام مساء الأحد الفرجة وأمتعت عشاق أب الفنون بباتنة بانتفاضة جمالية على "العلبة السوداء" (أي على العرض المسرحي المألوف) من خلال تمردها على البناية التقليدية للمسرح . و قد تفاجأ الحضور بأن الخشبة وعلى غير العادة تحولت إلى فضاء مفتوح على الجمهور وأن المتفرج أصبح أحد الشخصيات الصامتة في هذه المسرحية التي اقتبسها لمسرح باتنة الجهوي محمد بورحلة عن رواية الطاهر وطار "الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي". وأبدى عشاق الفن الرابع اندماجا تاما مع اللعبة التي أراد من خلالها مخرج المسرحية عمر فطموش أن يكسر -كما قال- تقاليد "العلبة السوداء" بتحطيم مبنى المسرح بالمفهوم المعماري الداخلي وإعادة المسرح إلى طبيعته الأولى التي يكون الجمهور فيها عنصرا فاعلا في الأداء المسرحي . وتدور أحداث هذه المسرحية التي سيقدم عرضها العام وفق ما أفادت به مديرة مسرح باتنة مباركة تيغزة يوم 23 نوفمبر الجاري بمدينة قسنطينة ضمن تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية لعام 2015" داخل مقام يوجد على جبل تحصن فيه مجموعة من الأشخاص هربا من وباء افتك ببني البشر في الخارج ويعيشون طقوسهم التي تعتمد على حتمية العودة إلى عصر الآباء المؤسسين للطريقة . لكن المقام تعصف به أزمة بسبب (مرجانة) المريدة الجميلة المقربة إلى قلب رأس الطريقة وشيخها (الولي) التي تبعث القلق في أوساط المريدين فينتفضون على الولي الصالح بعد أن يتأكدوا بأن الداء افتك به . وتجري أحداث "الولي الصالح" في أجواء روحانية صوفية وسط رائحة البخور وطقوس الحضرة وسط تفاعل بين الجمهور والممثلين وديكور امتد من الخشبة إلى وسط القاعة وجعلها تتحول إلى مقام كبير . و صرح المخرج ل"وأج" بعد العرض قائلا: "حاولنا من خلال هذا العرض أن ننتفض جماليا على البناية المسرحية التقليدية من أجل فتح الفضاء لخطاب مسرحي جديد يرتكز على الطاقة المبدعة للمثلين لنجعل من المأساة ملهاة ساخرة تفجر الجماليات الشعرية للنص من خلال حضور العناصر الدرامية في المسرحية. وهي محاولة -يضيف المتحدث- تهدف للتأسيس لهوية مسرح جزائري قائم بحد ذاته من خلال إعادة المسرح إلى طبيعته الأولى التي يكون الجمهور فيها أحد عناصر المسرحية في نطاق ما يسمى ب"الحلقة" مع مراعاة الاستعانة بالتراث الإسلامي والمغاربي وكذا الشمال إفريقي الذي يتضمن أشكالا للفرجة تنحدر من الثقافة الشعبية .