صادق نواب المجلس الشعبي الوطني اليوم الاثنين بالأغلبية على نص قانون المالية و الميزانية ل2016 حيث ابقوا على 16 تعديلا من بين أكثر من 60 تعديلا مقترحا وذلك خلال جلسة علنية ترأسها محمد العربي ولد خليفة رئيس المجلس و حضرها عدد من أعضاء الحكومة. و قد عرفت جلسة التصويت التي دامت أكثر من أربع ساعات -على غير العادة- احتجاجا قويا من نواب المعارضة (حزب العمال و جبهة القوى الاشتراكية و تكتل الجزائر الخضراء و كذا نواب جبهة العدالة و التنمية) الذين حضروا التصويت على التعديلات قبل أن يغادروا الجلسة و يقاطعوا التصويت على نص القانون في مجمله. و شهدت أروقة المجلس قبيل الجلسة تجمعا صاخبا لهؤلاء النواب رافعين شعارات منددة ببعض المواد التي تضمنها القانون على سبيل "لا لخوصصة الدولة" و "لا لتجويع الشعب" و "لا للمساس بالطابع الاجتماعي للدولة" قبل أن ينتقل الاحتجاج إلى داخل قاعة الجلسات و يتطور الى مشادات كلامية عنيفة واشتباكات بالأيدي بين نواب المعارضة ونواب أحزاب الموالاة. و من بين أربع مواد أثارت جدلا واسعا و استنكار جميع نواب المعارضة المادة 71 التي صوت عليها المجلس في صيغة معدلة باقتراح من لجنة المالية و الميزانية في الوقت الذي طالب فيه نواب المعارضة إلغاءها تماما. و تقضي هذه المادة بتعديل المادة 22 من القانون 84-17 المتعلق بقوانين المالية على نحو يسمح ب"اتخاذ مراسيم التسوية خلال السنة بناء على تقرير الوزير المكلف بالمالية من اجل التكفل عن طريق تجميد او إلغاء الاعتمادات الموجهة لتغطية النفقات بوضعية التسوية الضرورية في حالة خلل التوازنات". و بعد جلسات المناقشة التي عقدت الأسبوع الماضي ارتأت لجنة المالية تعديل المادة باضافة شرط يتمثل في إمدادها من قبل وزير المالية ب"عرض شامل كل نهاية السنة المالية حول عمليات التسوية " . و اعتبر المعارضون-الذين غادروا القاعة نهائيا بمجرد عرض هذه المادة على التصويت- ان المصادقة على هذه المادة يعد "خرقا للدستور" على اعتبار ان تعديل مادة من مواد القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية لا بد ان يكون بإجماع المجلس و ليس بالأغلبية . و شكلت المادة 66 المتعلقة بفتح رأسمال المؤسسات الاقتصادية العمومية إزاء المساهمة الوطنية المقيمة بدورها محور احتجاج عنيف من طرف المعارضة . و بعد التصويت بالإجماع على إلغاء هذه المادة التي يرى فيه الكثير من النواب "مشروعا مقنعا لخوصصة المؤسسات العمومية بما فيها الإستراتيجية " تدخل وزير المالية عبد الرحمان بن خالفة في الجلسة العلنية ليعرض على النواب التصويت على صيغة معدلة لهذه المادة. و بعد ان اعترف ب"اللبس" الذي جاء في الصيغة الأولى للمادة اقترح السيد بن خالفة صيغة جديدة تحافظ -حسبه- على مستوى مقبول من رأسمال العمومي مع تعزيزه بمساهمين جدد اذ "تلزم المؤسسات الاقتصادية العمومية التي تنجز عمليات شراكة بفتح رأسمالها الاجتماعي لفائدة المساهمة الوطنية المقيمة وفقا لما هو مرخص له قانونا و الاحتفاظ بنسبة 34 بالمئة من مجموع الأسهم أو الحصص الاجتماعية". و يمكن للمساهم الوطني المقيم -حسب الصيغة الجديدة للمادة 66- امتلاك هذه الأسهم لمدة خمس سنوات . و بعد اجراء معاينة قانونية باحترام جميع التعهدات المكتتبة يمكن رفع امام مجلس مساهمات الدولة خيار شراء الأسهم المتبقية .و في حال موافقة المجلس تتم عملية التنازل بالسعر المتفق عليه في ميثاق الشركاء او بالسعر الذي يحدده المجلس و يحدده التنظيم" حسب تأكيد الوزير. كما صادق أغلبية النواب على مادتين معدلتين-المادة 2 و المادة 55- تتعلقان بتحديد نسبة الأرباح التي يتوجب إعادة استثمارها مقابل الحصول على امتيازات في إطار دعم الاستثمار. و في الوقت الذي طالب فيه نواب المعارضة بشدة بإلغاء هاتين المادتين رافضين مبدأ إعفاء المستثمرين من إعادة استثمار أرباحهم قرر المجلس الإبقاء على هاتين المادتين لكن في صيغة معدلة. و هكذا صادق المجلس على صيغة عدلتها لجنة المالية و الميزانية تقضي بتحديد نسبة 30 بالمئة كنسبة للأرباح التي ينبغي إعادة استثمارها و التي توافق الإعفاءات الممنوحة في إطار أنظمة دعم الاستثمار. و باستثناء هذه التعديلات الأربعة مرت التعديلات الأخرى بشكل سلس دون إثارة أي جدل. و تتمثل هذه التعديلات-على سبيل المثال- بادراج مواد جديدة في نص القانون تتعلق بشروط ترحيل جثامين الجزائريين المقيمين بالخارج و الزام المقيمين بالخارج عند مغادرتهم التراب الوطني استظهار وصل بنكي يثبت صرف العملة الصعبة لدى البنوك بالنسبة للمبالغ التي تفوق 1000 اورو. كما أدرجت مادة جديدة متعلقة بإخضاع جواز السفر لأفراد الجالية الجزائرية بالخارج لرسم طابع يعادل مبلغ 6.000 دج في حين يحدد هذا الرسم ب12.000 دج في حالة جواز سفر متضمن ل50 صفحة. كما صادق المجلس على تعديل المادة 58 المتعلقة بإعفاء البنزين و المازوت المعاد استيرادهما من الحقوق الجمركية من خلال إضافة عبارة تجعل هذا الإعفاء مقتصرا على سوناطراك دون غيرها. و تبنى المجلس بالأغلبية تعديلا أخر متعلقا بتحويل 50 بالمئة من حاصل الرسم على النشاط المهني من البلديات التي لا تشكل دوائر حضرية لولاية الجزائر إلى هذه الأخيرة مقابل خدمات غير مأجورة للبلديات المعنية قصد ضمان تكفل سليم بالخدمة العمومية.