تمكنت مختلف أطراف المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري من الإتفاق على تشكيل كيان سياسي موحد, من أجل التفاوض مع الحكومة السورية الحالية بينما تتواصل الجهود الدولية لتحديد مسار المرحلة الإنتقالية المقبلة في البلد الذي عرف مقتل 250 ألف شخص منذ خمس سنوات من الصراع. وقد توصلت مختلف أطياف المعارضة السورية المجتمعة في العاصمة السعودية الرياض, يوم الخميس, وعلى مدى يومين من النقاش, لإتفاق للجلوس على طاولة المفاوضات مع النظام السوري لبشار الأسد وفقا لإتفاقية "جنيف1" شريطة أن لا يكون للرئيس الأسد مكان في الحكومة الانتقالية , ولا في الحكومة الجديدة التي ستشكل بعد الإنتخابات. وشارك في الاجتماع فصائل المعارضة السورية السياسية والعسكريية , سعيا لإتخاذ موقف مشترك, قبل الإجتماع الدولي بشأن سوريا المزمع عقده في نيويورك في 18 من الشهر الجاري. و أظهر المجتمعون "إستعدادهم للدخول في مفاوضات مع ممثلي النظام السوري, وذلك استنادا إلى بيان (جنيف 1) والقرارات الدولية ذات العلاقة, كمرجعية للتفاوض وبرعاية وضمان الأممالمتحدة وبمساندة ودعم المجموعة الدولية لدعم سوريا وخلال فترة زمنية محددة يتم الإتفاق عليها مع الأممالمتحدة". وتنص مقررات إتفاقية (جنيف 1) التي تمخضت عن إجتماعات مجموعة العمل من أجل سوريا التي عقدت في 30 يونيو 2012 على "وقف عسكرة الأزمة وحلها بطريقة سياسية" عبر الحوار والمفاوضات فقط , وهو أمر يتطلب تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة من قبل السوريين أنفسهم ومن الممكن ان يشارك فيها أعضاء من الحكومة السورية الحالية. كما يأتي إجتماع المعارضة في الرياض إستنادا الى المقررات الصادرة عن مؤتمر (فيينا 2) للمجموعة الدولية لدعم سوريا الذي إنعقد في أكتوبر الماضي بمشاركة 17 دولة بينها الولاياتالمتحدةوروسيا وايران والسعودية. مصير الرئيس الأسد: تبقى نقطة الخلاف بين المعارضة والسلطات السورية ويبقى مصير الأسد هو "نقطة الخلاف الجوهرية" بين المعارضة والنظام السوريين في مسار حل الأزمة المستمرة منذ منتصف مارس عام 2011, ففي حين تتمسك المعارضة برحيله يصر النظام على أن مصير الرئيس يحدده السوريون عبر الانتخابات. وطالبت المعارضة السورية "بتطبيق بنود المرحلة الإنتقالية في سوريا الواردة في (بيان جنيف1) خصوصا البند الخاص بتأسيس هيئة حكم إنتقالي تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية". وشدد المجتمعون على ضرورة أن "يغادر بشار الأسد وأركان ورموز حكمه سدة الحكم مع بداية المرحلة الانتقالية". وطالبوا "الأممالمتحدة والمجتمع الدولي بإجبار النظام السوري على تنفيذ إجراءات تؤكد حسن النوايا قبل البدء في العملية التفاوضية". كما شددوا على أن حل الأزمة السورية هو "سياسي بالدرجة الأولى" وفق القرارات الدولية مع ضرورة توفر ضمانات دولية. من جهته , أكد الرئيس السوري إستعداده للشروع في المفاوضات مع المعارضة, لكن ذلك يعتمد على تعريف المعارضة, موضحا أن "المعارضة بالنسبة لأي شخص في العالم لا تعني العمل المسلح حيث ثمة فرق كبير بين المسلحين والإرهابيين من جهة, والمعارضة من جهة أخرى" مضيفا عندما تكون المعارضة "مستعدة لتغيير منهجها, والتخلي عن سلاحها, فإننا مستعدون لأن نتعامل معها ككيانات سياسية لا مسلحة". ورأت روسيا, الحليف الأساسي للحكومة السورية, في تعليقها على بيان المعارضة أن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد أمر "يحدده الشعب السوري". وجاء على لسان ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أن "مستقبل الأسد يجب أن يناقشه السوريون أنفسهم وليس روسيا" مضيفا ان "الجهود تنصب الان على وضع قوائم بالمنظمات التي تعتبر إرهابية وتلك التي تعتبر معارضة معتدلة يمكنها بل وينبغي لها أن تكون جزءا من التسوية السياسية". تواصل الجهود الدولية لبحث التسوية السياسية في المرحلة الإنتقالية كثفت الدول المهتمة بالشأن السوري من إجتماعاتها في الآونة الأخيرة بعد ظهور ,بصيص أمل, لإعادة ترتيب البيت السوري وتسوية الأزمة المستمرة في البلاد لأكثر من أربع سنوات, لدراسة مسار التسوية في المرحلة الانتقالية في البلاد. وتعقد في جنيف اليوم الجمعة, محادثات ثلاثية تضم الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسياوالأممالمتحدة, للتحضير للمؤتمر الذي تعقده المجموعة الدولية لدعم سوريا في نيويورك في 18 ديسمبر الجاري. ويشارك في إجتماعات جنيف التحضيرية, المبعوث الأممي للأزمة في سوريا ستيفان دي مستورا, لإستعراض التقدم نحو مرحلة إنتقالية سياسية في سوريا. وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد وضفت نتائج إجتماع قوى المعارضة السورية "خطوة هامة وحاسمة" لتهيئة الأرضية الملائمة للتفاوض مع الحكومة السورية بداية العام المقبل. كما إعتبرت ألمانيا نتائج مؤتمر المعارضة "أساس جيد" للخطوات المقبلة للسلام في البلد, وقالت أن المؤتمر "حقق أكثر مما كان متوقعا", من خلال "الإتفاق واسع النطاق والمفاجئ للمعارضة السورية على تشكيل وفد للمفاوضات والالتزام المشترك بعملية انتقال سياسي".