أدركت حالة الطوارئ في أثيوبيا يومها الرابع، بعدما فرضت الحكومة هذا الإجراء الأمني للتعامل مع أعمال العنف التي شهدتها البلاد على مدار الأيام الماضية، والتي أسفرت عن خسائر معتبرة في أكبر تهديد للاستقرار في إثيوبيا منذ ربع قرن. وأوضحت الحكومة في بيان بثته الإذاعة الوطنية بالبلاد أن فرض حالة طواريء لمدة ستة أشهر جاء "للتعامل مع العناصر المعادية للسلام المتحالفة مع قوى أجنبية وتهدد سلام وأمن البلاد". وفي أول خطاب تلفزيوني عقب الإعلان عن حالة الطوارئ، التي يفترض أن يصادق عليها البرلمان في غضون الأسبوع الجاري، قال رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلي ماريام ديسالين، أن الحكومة "تضع سلامة مواطنينا أولا وأننا نريد أن نضع حدا للأضرار التي ارتكبت ضد مشاريع البنى التحتية والمؤسسات التعليمية والمراكز الصحية ومباني الإدارة والمؤسسات العدلية". كما أعرب رئيس الوزراء الأثيوبي عن عزم حكومته إجراء محادثات مع أحزاب المعارضة، مشيرا إلى أن إئتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الحاكم يبحث تطبيق إصلاحات في البلاد، معبرا عن أسفه لاستهداف "الاقتصاد والتنمية في البلاد جراء الأعمال التخريبية التي شملت المصالح العامة والخاصة". أعمال العنف تضرب البنية الإقتصادية و تعطل النمو وجاء قرار الطوارئ بعد أشهر من الاحتجاجات ضد الحكومة من أعضاء اثنتين من أكبر المجموعات العرقية في البلاد، وهما الأورومو والأمهرا اللتين تشكوان من "التهميش السياسي والاقتصادي". وأسفرت أعمال العنف التي صاحبت الإحتجاجات، عن تخريب أكثر من 11 مصنعا أجنبيا في بلدة "سبيتا" مما أثر على حياة أكثر من 40 ألف عامل، حسب تقارير السلطات الاثيوبية التي أشارت إلى أن المحتجين استهدفوا شركات النسيج والبلاستيك والمياه المعبأة، كما تعرضت نحو ستين عربة للحرق والتدمير. ووفقا لمسؤولين فإن العديد من المصانع و المركبات و مقار الشركات تم إحراقها بشكل كامل، في حين تشير تقارير إلى أنه تم إغلاق العديد من الطرق التي تؤدى إلى العاصمة أديس أبابا. ويرى محللون أن مهاجمة المحتجين للشركات الأجنبية العاملة في اثيوبيا هو تهديد مباشر للاقتصاد الإثيوبي المتنامي بحرمانه من تدفق الاستثمارات الأجنبية. وعليه، تسعى الحكومة إلى وضع حد لأعمال العنف التي أثرت على الحركية التنموية في البلاد خاصة في القطاع الصناعي والذي جعلها واحدة من أسرع اقتصادات أفريقيا نموا. مطالب إقتصادية و إجتماعية للمحتجين وقد تكثفت الصدامات وأعمال العنف بين المتظاهرين والشرطة وانتشرت في مدن إقليم أوروميا ذي الغالبية المسلمة بعد مقتل 55 شخصا على الأقل في حادث تدافع، إثر إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص لتفريق محتجين أثناء الاحتفال بمناسبة ثقافية تخص جماعة الأورومو الأحد الماضي. واندلعت الاحتجاجات لعدد من الأسباب أهمها رفض إجلاء مزارعين من أراضيهم من اجل إقامة مشاريع زراعية تجارية و رفض مجموعات سكانية من الأمهرا على ضمهم إلى منطقة التيغراي بدلا من منطقة الأمهرا التي ينتمون إليها و كذلك رفض بعض المجموعات لزعماء نصبتهم الحكومة في مناطقهم. وانتشرت أعمال العنف في عموم البلاد، وبشكل خاص في إقليم أوروميا، كما أغلق المتظاهرون العديد من الطرق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في حين أفادت بعض التقارير الحقوقية عن اعتقال الآلاف منذ بدء حركة الاحتجاجات. وخلال شهري يوليو و أغسطس الماضيين وقعت احتجاجات في إقليمي أوروميا وأمهرا لمطالبة الحكومة بتوفير أجواء من الحرية والديمقراطية، كما تحول "مهرجان أريشا" للمعارضة في الثاني من الشهر الجاري إلى احتجاجات وأعمال شغب امتدت إلى ضواحي أديس أبابا في أوروميا وأسفرت عن مقتل 56 شخصا وإصابة 100 آخرين، حسب تقارير إعلامية.