انتهت اليوم الإثنين أزمة الرئاسة في لبنان بعد انتخاب العماد ميشال عون ليكون الرئيس ال13 منذ استقلال البلاد، وذلك بعد عامين و نصف من الانسداد السياسي أدى إلى شغور منصب الرئيس منذ مايو 2014، في حين تبقى ملفات الأمن و الاقتصاد و الحفاظ على هذا التوافق السياسي لتشكيل الحكومة، من أهم التحديات التي تواجه الرئيس الجديد. وتم انتخاب ميشال عون من طرف البرلمان في الدورة الثانية بعد ثلاث عمليات اقتراع متتالية جراء حصول خطأ بعدد الأصوات،حيث نال الرئيس عون 83 صوتا من أصل 127 من النواب الحاضرين بالمجلس النيابي المؤلف من 128 عضوا، في حين صوت 36 نائبا بأوراق بيضاء و 6 أوراق ملغاة وصوت واحد للنائبة ستريدا طوق جعجع و وصت آخر للمترشح جيلبيرت زوين. وأدى عون اليمسن الدستورية أمام البرلمان عقب انتهاء جلسة انتخابه، مؤكدا في كلمته أن "أول خطوة في المسار المطلوب هي تأمين الاستقرار السياسي"، و ان " لبنان لا يزال بمنأى عن النيران المجتمعة حوله في المنطقة ويبقى في طليعة اولوياتنا منع انتقال أي شرارة إليه". ويأتي انتخاب عون بعد أن فشل مجلس النواب اللبناني 45 مرة على التوالي في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس ميشال سليمان المنتهية ولايته في 25 مايو 2014 وذلك نظرا لعدم اكتمال النصاب القانوني لعقد الجلسات البرلمانية، علما بأن النصاب القانوني هو 86 نائبا أي ثلثي أعضاء المجلس النيابي المؤلف من128 نائبا. وتعد جلسة اليوم ال46 المخصصة لانتخاب رئيس البلاد، فيما عقدت الجلسة الأولى التي اكتمل فيها النصاب للمرة الأولى بحضور 124 نائبا في23 أبريل 2014، حيث حصل خلالها آنذاك كل من الدكتور سمير جعجع رئيس حزب "القوات اللبنانية" على 48 صوتا، والنائب هنري الحلو مرشح كتلة "اللقاء الديمقراطي"على16 صوتا، وصوت واحد للرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل. وبهدا الإنتخاب، تطوي لبنان صفحة الشغور الرئاسي، على أمل أن يثمر هذا التوافق السياسي عن تشكيل حكومة تخلف حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة تمام سلام و التي شكلت في 15 فبراير 2014 بعد خلافات سياسية شديدة استمرت لعشرة أشهر. وبموجب النصوص الدستورية اللبنانية، تعتبر الحكومة مستقيلة فور انتخاب رئيس للجمهورية وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال، وهو ما يستوجب تشكيل حكومة جديدة. ويشترط في المترشح للرئاسة اللبنانية أن يكون مسيحيا مارونيا،و ينتخب بالاقتراع السري، كما يفترض بالمرشح نيل ثلثي أصوات أعضاء البرلمان ال 128 لينتخب من الدورة الأولى في حين يتم بدءا من الجلسة الثانية انتخاب الرئيس بغالبية النصف زائد واحد من الأعضاء. توافق مسبق لأهم التيارات السياسية يؤدى إلى الانفراج ويأتي هذا الإنفراج السياسي بعد دعم أهم تيارين في البلاد لميشال عون و يتعلق الأمر بكل من "تيار المستقبل" اللبناني بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري و "حزب الله" برئاسة حسن نصر الله بالإضافة إلى دعم "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه ميشال عون نفسه. وتوصل "تيار المستقبل" اللبناني و"التيار الوطني الحر" بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري رئيس أكبر كتلة برلمانية وميشال عون رئيس أكبر كتلة برلمانية مسيحية الى خيار انتخاب الاخير رئيسا للبلاد، حسبما ذكرته مصادر إعلامية اليوم الأحد. وكان سعد الحريري قد دعم عام 2014 ترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لكن الانقسام الحاد حال دون إمكان انتخابه ما جعل الحريري يقدم مبادرة لترشيح زعيم "تيار المردة" سليمان فرنجية قبل قرابة عام الا إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى انتخابه. من جانبه، أكد الأمين العام ل"حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله أن نواب الحزب في البرلمان (كتلة الوفاء للمقاومة) سينتخبون ميشال عون رئيسا للبلاد، مطالبا "بالسماح برفع أوراق نواب كتلة الوفاء للمقاومة أمام الكاميرات لتأكيد وجود اسم ميشال عون". ارتياح الطبقة السياسية و تأكيد على أولوية الأمن و الاقتصاد وحول هذا الحدث السياسي الهام في لبنان و المنطقة، نقلت مصادر إعلامية ارتياح الطبقة السياسية في البلاد، معتبرين أن الأولوة بالنسبة للرئيس الجديد لابد ان تنصب على مواجهة الأزمة الاقتصادية في البلاد من أجل تخفيف المعاناة عن كاهل المواطن اللبناني. وبهذا الخصوص، قال النائب نبيل نقولا عضو تكتل "التغيير والإصلاح" الذي يتزعمه ميشال عون، أن "الأولوية لدى الرئيس المنتخب، ستكون للأزمة الاقتصادية في البلاد من أجل تخفيف المعاناة عن كاهل المواطن اللبناني، إضافة إلى كافة المسائل التي تهم المواطن في حياته اليومية، إلى جانب العمل على التوافق بين كافة الأطراف والوحدة بين اللبنانيين". من جانبه ،هنأ رئيس مجلس النواب اللبنانى، نبيه برى، العماد ميشال عون، مشيرا إلى أن "التهديدات الجديدة لاستقرار المنطقة ولبنان ، والتي زادت من حدة التهديدات الأمنية المتمثلة فى الإرهاب وكذلك من حدة أزمة لبنان الاقتصادية والاجتماعية ، تقتضى ضرورة دعم المؤسسة العسكرية والجيش". وبدوره، أكد النائب ياسين جابر عضو كتلة "التنمية والتحرير" التي يترأسها نبيه بري، استعداد الكتلة للتعاون مع عون في ظل العهد الرئاسي الجديد، علما بأن الكتلة كانت تؤيدوصول النائب سليمان فرنجية للرئاسة.