أجمع مشاركون في ملتقى وطني انطلقت فعالياته اليوم الأحد بالجلفة حول "دور الزوايا في الثورة التحريرية" على أن هذه المؤسسات الدينية "شكلت قلاعا حصينة للأمة الجزائرية وكانت معاقل للوطنية والجهاد إبان الاحتلال الفرنسي." وأكد في مداخلته شيخ الزاوية القاسمية بالهامل رئيس الرابطة الرحمانية للزوايا العلمية الشيخ محمد المأمون مصطفى القاسمي الحسني بأن " الزوايا كانت إبان الاستعمار معاقل للوطنية و الجهاد حيث انطلقت منها جحافل المجاهدين فقادوا المقاومة وخاضوا المعارك حيث جعلوا غايتهم آنذاك تحرير الوطن وتطهير الأرض من دنس المحتلين." واعتبر شيخ الزاوية القاسمية بالهامل في مداخلته خلال الملتقى الذي نظم بالمسرح الجهوي لمدينة الجلفة بأن "خير نموذج من عظماء هذه المنابر الإيمانية الأمير عبد القادر قائد المقاومة والجهاد ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة حيث كان -- ومع الرجال الذين هم من بعده - مرابطين في القلاع الربانية (الزوايا) فدافعوا عن عقيدة الأمة وقيمها الروحية والوطنية و التفوا عن ثوابتها ومقومات شخصيتها الإسلامية وكانوا يحملون عبىء رسالة عظيمة تلتحم فيها القيم الروحية بالقيم الوطنية." وقال الشيخ القاسمي أن "أكبر همنا اليوم هو أن تضطلع الزوايا --التي أدت رسالتها في الماضي وأسهمت بدورها في الإصلاح الاجتماعي و ترشيد العمل الإسلامي -- برسالتها على أحسن وجه و أن تجعل في طليعة أولويتها العمل على المحافظة على مرجعيتنا الدينية الوطنية و كذا حماية مجتمعنا من المخاطر التي تهدد انسجامه وتماسكه بالدعوة إلى نبذ الغلو و التعصب و نشر قيم التسامح." أما محمد القن من جامعة زيان عاشور للجلفة (مختص في التاريخ) فأشاد بالدور الريادي الذي لعبته الزوايا في الفترة الاستعمارية حيث "كانت منبعا لقيادات أكفاء معروفين ومقاومين بارزين و كانت القاعدة المتينة التي أمدت الثورة بالرجال الذين دافعوا عن هذا الوطن حيث كانوا متشبعين بقيم روحية ووطنية مكنتهم من تحقيق أهدافهم التي توحدت في دحر المستعمر." ولم يغفل -- ذات المتدخل خلال الملتقى-- في سرد و بالتفصيل لعديد من المقاومات الشعبية ومعارك "خاضها من تربوا في حضن الزوايا و وقفوا حجرة عثرة للمستعمر الذي وجد نفسه ضعيفا أمام قوة هؤلاء ممن تسلحوا بقوة الإيمان قبل كل شيء". وفي أشغال هذا الملتقى أكد شيخ المشيخة العامة للطريقة القادرية بالجزائر وعموما بإفريقيا شيخ الزاوية القادرية بالرويسات ولاية ورقلة الشيخ حساني الحسن بن محمد بن إبراهيم الشريف بأن "هذه الطريقة كانت ولا تزال تدافع عن الجزائر. فيكفيها شرفا أنها قامت بدور كبير في تجنيد أتباعها في الكفاح ضد المستعمر وهي التي وهبت للثورة التحريرية في سنة 1956 قصرا لها يوجد في مدينة مندوبة بتونس." واعتبر ذات الشيخ "أن الطرق الصوفية هي المؤسسة الوحيدة التي حافظت على ما أراد المستعمر وقتها طمسه من شخصية وطنية و القرآن والهوية فكانت له بالمرصاد." وفي ختام كلمة شيخ الزاوية القادرية ثمن أشغال هذا اللقاء الذي نظمته مديرية الثقافة لولاية الجلفة معتبرا إياه "جمع كل الأطياف التي تقترب في نقطة واحدة وهي حب الجزائر وهو ما يترجمه حضور الاباضية وعدد من شيوخ الزوايا و كل من هو في كنف هذا النهج المستقيم الذي يحفظ الجزائر ويرص من صفوفها." والجدير بالذكر ثمن وزير الثقافة عز الدين ميهوبي في رسالة خطية بعث بها للمشاركين في أشغال هذا الملتقى -- الذي اعتذر عن عدم حضوره لالتزامات بحتة-- بأن "الزوايا تمثل أقطاب علمية عظيمة كان لها دور فاعل في نشر الوعي الثقافي والديني والدعوة إلى تحرير البلاد من طغيان الاستعمار." وأضاف أنه كان للزوايا "اليد الأولى في الحفاظ على الهوية الوطنية وحفظ مقومات الشخصية الجزائرية المسلمة والأصيلة" لافتا أن هذه الزوايا تعتبر "منابر الإشعاع الديني والثقافي على مر العصور وكانت و لا تزال معقل للعلم والعلماء والحكماء وقبلة للطلاب ومأوى للزهاد و الوراع يشهد لها ولعلمائها شهادة حق". وأشاد الوزير في كلمته بهذا الملتقى الذي يأتي تحت إشرافه بمعية والي الجلفة اقوجيل ساعد معتبرا إياه "خطوة كبيرة في التنوير بالدور الريادي الذي لعبته الزوايا من أجل هذا الوطن. فهي التي خدمت الأمة خدمة جليلة أيام محنة الاستعمار حيث لا ينكر أحد دورها الذي كان ولازال قائما في الدفاع عن شخصيتنا الوطنية ووحدة بلادنا ".