ناقشت الندوة الرابعة التي عقدها ''المنبر القاسمي'' لزاوية ''الهامل'' بالمسيلة، بمناسبة ''عيد النصر''، موضوع الزوايا ودورها في الحفاظ على الهوية الوطنية أثناء الاحتلال وبعد استقلال الجزائر ومدى إسهامها في تبليغ رسالة الشهيد، حيث عرفت مشاركة أساتذة ومختصين في علوم الدين على غرار رئيس المجلس الإسلامي الأعلى أبو عمران الشيخ، وشيخ الزاوية القاسمية، ورئيس المجلس الأعلى للغة العربية محمد العربي ولد خليفة، والعلامة الشيخ محمد الطاهر آيت علجت. إلى جانب محمد الشريف قاهر عضو المجلس الإسلامي الأعلى والسعيد معول المدير بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف. وتطرق الشيخ محمد المأمون القاسمي في مداخلته إلى الدور الفعال الذي لعبته الزوايا في المقاومة إبان الفترة الاستعمارية، وذلك من خلال تشريحه لرسالة الزوايا بأبعادها المختلفة، مؤكدا ارتباطها الوثيق بتاريخ الجزائر العلمي والثقافي والنضالي. واستشهد في ذلك بما جاء في بيان أول نوفمبر من تأكيد على مقومات الأمة وإعلان هوية الدولة الجزائرية في إطار المبادئ الإسلامية. واعتبر المحاضر أن الزوايا لم تنصف ولم تأخذ حقها من التاريخ وأن كتاب التاريخ ظلموها، داعيا بالمناسبة إلى إعادة كتابة تاريخ الجزائر بمنهجية تتجرد من الذاتية وتستند أكثر إلى الموضوعية والنزاهة العلمية التي افتقدها، حسب قوله. من جهته، أشاد الدكتور أبو عمران الشيخ بدور الزوايا التي شبهها ب''المعاقل الحضارية والقلاع الحصينة التي وقفت في وجه مخططات الاحتلال الفرنسي''، مستدلا بكتابات الأجانب التي تناولت دورها المتميز، وقياداتها الروحية في المقاومة، وتصديها لمختلف محاولات طمس الهوية الإسلامية للشعب الجزائري. وأوضح محمد العربي ولد خليفة في مداخلته أن الزوايا إحدى المقومات الأساسية للشخصية الوطنية التي استطاعت أن تحافظ على لغة القرآن، متطرقا إلى موضوع إشكالية التاريخ، حيث اعتبر أن الجزائر لا تملك ''خزانة وطنية للتاريخ''، وأن كل ما كتب عن الثورة التحريرية في نظره هو مجرد ''سيرة ذاتية'' أو ردود أفعال عما كتب عن الثورة. من ناحية أخرى، قدم الشيخ الطاهر آيت علجت شهادات عن الأخلاق الإسلامية التي تحلى بها المجاهدون أثناء الثورة، والتي أرجعها إلى رسوخ القيم الروحية والوطنية في نفوسهم، مؤكدا أنها الباعث الحقيقي على الكفاح من أجل الوطن، بينما نوه محمد الشريف قاهر بالدور الكبير الذي لعبته زوايا منطقة ''الصومام'' التي كانت، حسبه، مأمنا روحيا للعديد من المجاهدين الثوار على غرار العقيد عميروش، لتختتم الندوة بتدخل السعيد معول الذي جاء رده على المشككين في هوية الشعب الجزائري، حيث استدل بأمثلة تاريخية تؤكد ''التفاف الجزائريين حول ثوابتهم وقيمهم الحضارية، وعناصر شخصيتهم الوطنية التي عززتها الزوايا''.