توشحت المعدن النفيس و شرفت الجزائر في الألعاب شبه الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة (اختصاص رمي الجلة) التي جرت بين 7 إلى 18 سبتمبر الماضي بريو دي جانيرو (البرازيل)... إنها البطلة ابنة مدينة الصخر العتيق إسمهان بوجعدار ذات "الإنجازات" الخاصة. و بمناسبة إحياء اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة الذي يحتفل به في الثالث ديسمبر من كل سنة و الذي كان استثنائيا هذه السنة على إسمهان التي حظيت يوم أمس السبت بتكريم وزيرة التضامن الوطني و الأسرة و قضايا المرأة مونية مسلم فتحت هذه البطلة قلبها ل/وأج للحديث عن بداياتها و مشوارها و إنجازاتها و مشاكلها أيضا. توقف مشوار دراسي و بداية آخر رياضي تعترف هذه البطلة الشابة بأنه لم يسبق لها ممارسة الرياضة في صغرها لكن شغفها بها قديم مضيفة بأن مشوارها الدراسي توقف عند السنة السادسة ابتدائي كون المتوسطة التي تم توجيهها إليها تبعد كثيرا عن منزلها و لم تجد من يرافقها يوميا إلى هذه المؤسسة التعليمية لكنها رغم ذلك واصلت تعليمها عن طريق المراسلة. و بعد أن فشلت في اجتياز السنة الأولى ثانوي توقفت نهائيا عن الدراسة و مكثت بالبيت لمدة عشر سنوات. و تضيف "لقد التقى أخي بالبطل الأولمبي لذوي الاحتياجات الخاصة كريم بتينة بحكم أننا جيران فاقترح هذا الأخير عليه أن أنضم إلى جمعية نادي قسنطينة لرياضة المعاقين التي ينشط بها" مردفة "و هو ما أخبرني به شقيقي حينها كدت أطير فرحا لأنها فرصة ثمينة بالنسبة لي لإثبات كياني و الخروج من عزلتي و تحقيق على أرض الواقع حلما قديما كان إلى وقت قريب صعب المنال ". و واصلت هذه البطلة البارالمبية ذات ال36 ربيعا حديثها و الابتسامة تملأ محياها "لقد انضممت للجمعية و اخترت اختصاصات تتماشى مع إعاقتي -فقدان التوازن- و هي رمي الجلة و القرص و الرمح و بفضل مدربي السابق رشيد لطرش الذي باشرت التدريبات معه في 2012 صار بإمكاني التحكم في توازني حيث كنت في البداية أتمرن في المنزل على أشياء بسيطة مثل غطاء علبة حلوى الشامية أو كرة صغيرة و أمارس اللعبة مع أبناء أختي الصغار علاوة على القيام بتمارين البطن". و مع تواصل التدريبات التي لم تكن أبدا سهلة في البداية حيث لم يكن بإمكان إسمهان حتى إمساك القرص لكنها تسلحت بالإرادة و التحدي و عملت بكد و صارت تتدرب بشكل مستمر بملعب الشهيد حملاوي تحسن مستواها بشكل كبير و في ظرف وجيز حسب ما أكده من جهته رشيد لطرش. و استنادا لذات المتحدث فسرعان ما بدأت إسمهان تشارك في البطولات الوطنية تحت غطاء الجمعية و بعد أن أثبتت مستوى ممتازا تم اختيارها للانضمام للفريق الوطني لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة. سجل مرصع بالإنجازات في ظرف 4 سنوات لم تمنع الإعاقة أبدا إسمهان من تسلق سلم النجاح بخطى ثابتة و واثقة رغم سنوات الخبرة القليلة في مجال ألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة التي لم تتجاوز الأربع سنوات. و يزخر سجلها بعديد التتويجات التي تجاوزت ال50 ميدالية 18 منها ذهبية فهذه الشابة التي تتميز بإرادة فولاذية تحدت الإعاقة و تحدت نفسها أيضا و تمكنت من الانتقال من دائرة الظل إلى دائرة الضوء في ظرف جد وجيز و حققت ما قد يعجز عنه الأصحاء. و كتبت بوجعدار اسمها بأحرف من ذهب في ألعاب قوى ذوي الاحتياجات الخاصة فأسعدت عائلتها و أهل مدينتها قسنطينة و الجزائر كلها حيث لم تكتف بالتتويج داخل الوطن فقط من خلال البطولات الوطنية لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة بل شرفت الألوان الوطنية حتى في المحافل الدولية في كل من دبي و الشارقة (الإمارات العربية المتحدة) و باريس (فرنسا) و تونس و المغرب. كما تحوز بوجعدار على الرقم القياسي في اختصاص رمي الرمح حيث حققت رمية تاريخية في مسابقات رمي الرمح لدى فئة "ف33" لذوي الاحتياجات الخاصة بمسافة قدرها 11،99 متر في بطولة فزاع الدولية لألعاب القوى لذوي الإعاقة بالإمارات العربية المتحدة في 2016. ميدالية ريو دي جانيرو لها طعم خاص و قبل انطلاق الألعاب شبه الأولمبية بريو دي جانيرو بالبرازيل حرصت بوجعدار على التحضير بشكل جيد يليق بمستوى المنافسة التي لم تكن أبدا سهلة و ساعدها في ذلك مدربها الحالي عبد المجيد كحلوش المتواجد حاليا بفرنسا في رحلة علاج و كذا مرافقها بلال صديق الذي يرافقها في جميع خرجاتها و يتكفل بمساعدتها عند القيام بالرميات بالنظر لنوعية الإعاقة التي تعاني منها حسب ما ذكرته. فتابعت بوجعدار عدة تربصات داخل الوطن بكل من قسنطينة و بسكرة و الجزائر العاصمة و خارجه ببولونيا لتكون الوجهة فيما بعد ريو دي جانيرو بالبرازيل. و في هذا الصدد تقول بوجعدار "عندما ذهبت إلى ريو دي جانيرو كان يختلجني شعور داخلي بأنني سأنجح في تشريف الراية الوطنية و سأتمكن أخيرا من الثأر لنفسي و رد الاعتبار لنفسي بعد تجريدي من الميدالية الفضية في البطولة العالمية التي أقيمت في العاصمة القطرية الدوحة في 2015 بحجة ارتكابي لخطأ". وقالت بوجعدار بفخر و اعتزاز: "لقد قطعت عهدا على نفسي منذ تجريدي من الميدالية الفضية على بذل أقصى جهد لتعويضها حيث حققت رمية جلة ب5،72 متر مكنتني من التتويج بالذهب بدل الفضة". و أعربت ابنة مدينة سيرتا في الأخير عن سعادتها و فخرها بالاستقبال الذي كانت قد حظيت به لدى عودتها إلى أرض الوطن في نهاية سبتمبر الماضي بمعية البطلة القسنطينية الأخرى نادية مجمج الحائزة على ميداليتين برونزيتين في رمي الجلة فئة 55 سواء بالجزائر العاصمة أو بمسقط رأسها قسنطينة. و تضيف ذات الرياضية بكل قناعة "تكريمي هو اعتراف برياضة المعاقين و تشجيع لها و مكافأة أيضا لجميع الجهود المبذولة".