أشرف أمس، بولاية تلمسان وزير المجاهدين، الطيب زيتوني رفقة وزير الشؤون المغاربية والإفريقية والجامعة العربية السيد عبد القادر مساهل، ووزير العدل، حافظ الأختام، الطيب لوح والأمين العام لمنظمة المجاهدين ووالي ولاية تلمسان على الافتتاح الرسمي لفعاليات أشغال الملتقى الدولي الأول من نوعه حول مئوية أول رئيس للجزائر المستقلة وهذا تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تحت عنوان «بن بلة في بعديه الوطني والدولي». الملتقى الذي نظم بمناسبة إحياء الذكرى المئوية لميلاد أول رئيس للجزائر المستقلة، بحضور شخصيات سياسية وطنية ودولية، والأسرة الثورية، سيسلّط الضوء على الجوانب النضالية لأحمد بن بلة ومناقبه الإنسانية الراقية قبل وأثناء وما بعد الثورة التحريرية. كما يتعرض الملتقى لمبادئ الرجل الذي ألهم بها العالم من أجل الحرية والانعتاق وبناء الوطن في كنف السلم والتعايش والتسامح والتصالح. في كلمته الافتتاحية، أكد وزير المجاهدين أن تنظيم هذا الملتقى سيسمح باستحضار مآثر وبطولات الرجل، أحد صانعي مجد الجزائر وواحد من أبرز زعماء الجزائر المعاصرين وحكيم صفوة حكماء إفريقيا، معتبرا هذا اللقاء بمثابة الاحتفال بالقائد والمجاهد الوطني المخلص الوفي لمبادئه ووفائه لأبناء شعبه الأبي، تجسد في المقاومة والنضال والكفاح والجهاد والصمود والمعاناة، مضيفا أن الوفاء لخصاله نجسدها اليوم في هذه الوقفة التاريخية، وقفة الأبطال، وهو البطل وعقلاء إفريقيا، مشيدا بالمناسبة بمجهودات رئيس الجمهورية ودعمه لإنجاح هذا الملتقى واهتمامه بعظماء التاريخ، وهو تجسيد العهد مع الجزائر وتجسيد العهد على تثبيت القيم والمثل العليا للجزائر، والرفع من سمو نضال شعب الجزائر من المقاومة الشعبية والحركة الوطنية إلى انفجار ثورة نوفمبر المباركة، مثنيا على الرسالة التي رسمها رئيس الجمهورية، وهي رسالة المروءة ورسالة العزة والكرامة، رسالة الشموخ لمواصلة العمل من أجل الأمن والسكينة والطمأنينة لرفع تحدّي التنمية وبلوغ الأهداف، رسالة الشهداء والمجاهدين، على حدّ قوله، هذه الرسالة تتطلب لحفظها التسلّح بأدوات العيش في هذا العصر وهي العلم والمعرفة، واكتساب التكنولوجيا وزرع الثقة والأمل والسعادة في أبناء الشعب الجزائري، مضيفا في كلمته التي ألقاها أمام الحضور أن المجاهد والمناضل أحمد بن بلة كرّس حياته من أجل تحرير البلاد واكتوى في حياته بصعوبات من أجل الجزائر في المواقف القوة الجيدة، وإننا اليوم عينا مسؤولية خطيرة وعظيمة كوننا بشر لأجل الاجتهاد من أجل الجزائر، للجزائر قوة تكمن في شعبها الذي لابد حسبه أن يكون في قلب اهتمامات كل المشاريع من خلال تنفيد برنامج رئيس الجمهورية ومحاوره، هذه الثورة يضيف الوزير صنعها أبطال معدنهم من معدن المجاهد المرحوم أحمد بن بلة من جيل كان له الشرف في كتابة أروع وأنصع صفحات تاريخ الإنسانية خطت النار والنور والدم الزكي، جيل نوفمبر قضت الأقدار أن يكون الجسر الذي عبّرت عنه الأجيال نحو استرجاع السيادة الوطنية بكل أبعادها، وهو الدرع الحامي لهذه السيادة ولهذه الأمة والساعد القوي للدولة الجزائرية. وعدّد وزير المجاهدين «الطيب زيتوني» خصال ومناقب الرئيس الراحل أحمد بن بلة في مسيرته النضالية والثورية، بأنه الإنسان المناضل الناكر للذات، السياسي المحك، المقاوم الصلب الذي نذر حياته لخدمة وطنه وشعبه وقضايا تحرير الوطن العربي وإفريقيا بالخصوص، مضيفا في قوله إنه الرجل الذي ألهم الإنسانية بمواقفه التحررية وأخذ بأيدي المستضعفين لشق طريقهم نحو الحرية والكرامة، كيف لا يضيف الوزير وهو الذي خاطبه رئيس الجمهورية السيد «عبد العزيز بوتفليقة» أثناء مراسيم منحه دكتوراه فخرية بهذه الولاية تلمسان في 3 ماي 2005 بالقول : «لقد كنتم بحق رجل القرن العشرين الذي يهتدى بأفكاره كل يريد انتقاء نهج المجاهدين المخلصين الذين اصطفاهم الله عزّ وجلّ وبين مكانتهم عندهم في حكم تنزيل وشرّفهم وعظّمهم وكرّمهم... إن مواقفكم الراقية لاتحصى ولا تعد، وإن وفاءكم للأخلاق النبيلة جعلتكم تتصدّرون قائمة الحكماء السياسيين الذين تميّزوا بتفانيهم في الكفاح من أجل عالم عادل تسوده الطمأنينة والديمقراطية وتساوي الفرص...»، كما اعتبر الوزير الرجل من أكبر رواد الحركة الوطنية، بالدور الذي أداه في نشر الوعي في القضية الوطنية وبعث الأمل في نفوس أبناء الشعب الجزائري، علاوة على نضاله السياسي يضيف الوزير أن الرئيس أحمد بن بلة كان لاعبا في كرة القدم بامتياز في تشكيلة فريق الاتحاد الرياضي لبلدية مغنية، فهو من الذين أعطوا للرياضة تحت الاحتلال الطبعة الجزائرية وجعل منها الحقل النضالي الذي ساهم في الدفاع عن القضية الوطنية العادلة، مشيدا بالمبادرة التي أقيمت على شرفه والخاصة بالتظاهرة الثقافية الرياضية ل «جوبيلي أحمد بن بلة» في ماي 2005 والتي حضرها رئيس الجمهورية وألقى فيها كلمة بالمناسبة. هذا ودعا الوزير في ختام كلمته الاقتداء بمناقب هذا الرجل والسير على نهجه والحفاظ على عهد الشهداء والمجاهدين في خدمة الوطن والرقي به إلى مصاف الدول متمنيا بالمناسبة أن تكلل أشغال الملتقى بالنجاح. من جهته، أثنى والي ولاية تلمسان السيد «الساسي أحمد عبد الحفيظ» في كلمته على ابنة المرحوم السيدة «مهدية بن بلة» لإهدائها المكتبة الشخصية للرئيس الراحل والمتكونة من 8500 كتاب بعناوين متنوعة وقيمة بجامعة تلمسان، حيث سيخصص لها جناح باسم الفقيد، معتبرا أن هذه التكريمية المتواضعة لمن صنعوا تاريخ أمتنا المجيدة من المجاهدين والشهداء هي من التقاليد التي دأبت عليها الجزائر في الاحتفاء بعظماء الأمة والتشهير بمناقبهم الجليلة، تعد بحق رجل أعطى للتاريخ حقه وعد فأوفى وأنزل الناس منازلهم، وتعلم الكل من خطاه دروسا وعبرا في الوطنية، مثنيا بذلك على فخامة رئيس الجمهورية السيد «عبد العزيز بوتفليقة» الذي أعطى حسبه رعايته السامية لهذه الاحتفالية ولم يتوان يوما في هبّة منه ولدى كل مناسبة سانحة لذلك للإحتفال بجميع الزعماء ورموز تاريخ الأمة الجزائرية منذ توليه السلطة، داعيا في ختام كلمته أمام الحضور إلى التعلم من دروس هؤلاء الزعماء العظماء للوطن في الوطنية. التظاهرة عرفت أيضا تكريم فخامة رئيس الجمهورية السيد «عبد العزيز بوتفليقة» وتكريم ابنة الرئيس الراحل «أحمد بن بلة» والفائزين في مسابقة أحسن تأليف وأحسن بحث علمي عن حياة الرجل والتي عادت لكل من السيدة «دال يوسف بوغازي فاطمة الزهراء» والسيدة «عبو نجاة» وتكريم المؤسسة العمومية للتلفزيون عن الفيلم الوثائقي حول المجاهد «أحمد بن بلة» للمخرج «نبيل حمداش» الذي عرض على الحضور، كما تم أيضا تدشين مكتبة أحمد بن بلة للعلوم الإنسانية والاجتماعية برصيد من الوثائق للرئيس، أي مكتبته الخاصة تتكون من 8500 كتاب بعناوين مختلفة وهبتها ابنته السيدة «مهدية بن بلة» إلى جامعة تلمسان وبالخصوص إلى كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، إلى جانب نصب تذكاري للرئيس الراحل «أحمد بن بلة» بوسط مدينة تلمسان عرفانا لما قدّمه الرجل من تضحيات جسام من أجل الجزائر. السيدة «مهدية بن بلة» ابنة الراحل «أحمد بن بلة»: «هذا يوم كبير والرئيس الحاج «أحمد بن بلة» يكرّم من بلدته ولاية تلمسان ومن بلد الجزائر، وقد استغلت هذه الذكرى المئوية لكي أكرمه بطريقتي أني أهدي الكتب للمدينة التي درس فيها الإعدادي والثانوي وأنا جدّ سعيدة والشعب الجزائري يكرّم أحد آبائه وتاريخه، كما فرحت بالفيلم الوثائقي حول الحاج أحمد بن بلة للمخرج «نبيل حمداش» للتلفزة الجزائرية، وأنا سعيدة أيضا بأن الجيل الجديد من الجزائريين سيعرف من هو الرئيس أحمد بن بلة ويكتشف فكره أكثر من سياسته وكتبه ستعبّر أكثر عن شخصيته لأنها هي كتب علمية وثقافية أكثر ما هي كتب سياسية». السيدة «دال يوسف بوغازي فاطمة الزهراء» الفائزة بأحسن كتاب حول مسيرة «أحمد بن بلة» «لا أستطيع أن أعبر لكم عن هذا الإحساس، أنا جدّ سعيدة بهذا التكريم والنجاح والتتويج الذي يحمل عنوان الرواية التي تقدّمت بها هي «مداح» وهي باللغة الفرنسية، وأقصد ب «مداح»، أحمد، فرغم الوقت الضيق لكتابة هذه الرواية، لتزامنها مع أطروحة الدكتوراه إلا أنني حاولت أن أوفّق في ذلك وكانت فرحتين». الدكتور «حمزة الشريف علي» رئيس اللجنة العلمية للملتقى وعميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة تلمسان: أكثر من 39 مداخلة لدكاترة من 7 دول أجنبية و19 جامعة وطنية تعدّ هذه المناسبة إحياء الذكرى الأولى لمئوية الرئيس الراحل «أحمد بن بلة» تواصل تاريخي رفيع المستوى بين الأساتذة والباحثين والشخصيات الوطنية والدولية التي ستثري هذا الملتقى الدولي على مدار يومين كاملين لمعرفة أسرار وحقائق عن مسار هذا الرجل من خلال بعض المذكرات والشهادات الجزائرية والعربية والدولية، حقيقة أن اللجنة العلمية تفاجأت بالكم الهائل من المداخلات التي استقبلتها اللجنة، حيث تم قبول جل المداخلات التي التزمت بمحاور وأهداف الملتقى وعددها 39 مداخلة، مضيفا في سياق حديثه أن اللجنة العلمية للإشراف على الملتقى أمام هذا العدد المعتبر من المتدخلين في الملتقى ارتأت أن توزع أشغال الملتقى بين جلسات مفتوحة وورشات مخصصة للباحثين في التاريخ والعلوم السياسية باعتبار أن شخصية الرئيس أحمد بن بلة محورية في تاريخ الجزائر المعاصر، كما أن الأساتذة المشاركين في الملتقى يمثلون تقريبا 7 دول أجنبية و19 جامعة وطنية ومراكز البحث، حيث تميزت صبيحة اليوم الأول من الملتقى بكلمة افتتاحية من طرف والي ولاية تلمسان السيد «الساسي أحمد عبد الحفيظ»، وكلمة لمعالي وزير المجاهدين السيد «الطيب زيتوني»، ليفتح برنامج الملتقى بمحاضرة للأستاذ «عبد القادر مساهل» وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، وأمام المتدخلين الذين سيشرحون المسار التاريخي لبن بلة وفي مقدّمتهم مداخلة «أمينا درومان» الوزيرة السابقة بدولة مالي والصحفي «جون زغلار» من جامعة جنيف السويسرية، في حين ستتميز الفترة المسائية من اليوم الأول للملتقى الدولي بمداخلة تحت عنوان «أحمد بن بلة كما عرفته» للدكتور سعدي عثمان وهو دبلوماسي سابق، ومداخلة على أن يقدم بعدها الأستاذ عمر كارلي من جامعة باريس 7 (فرنسا) مداخلة حول «بن بلة والصراعات والتحديات الداخلية والدولية الراديكالية الجزائرية»، ومداخلة حول حقائق وأسرار في المسار النضالي لأحمد بن بلة سنتي (1949 1956)، من خلال بعض المذكرات والشهادات الجزائرية والعربية للدكتور مصطفى نويصر من جامعة الجزائر2، بالإضافة إلى مداخلة أخرى حول «المناضل أحمد بن بلة من خلال أحاديث وحوارات معه ومواقف وطنية وإقليمية» للدكتور جمال يحياوي من الجزائر العاصمة ومداخلة للأستاذين مناصرية يوسف من جامعة باتنة وعبد المجيد بوجلّة من جامعة تلمسان حول «دور الرئيس أحمد بن بلة في الثورة التحريرية 1954 1956»، في حين سيشهد اليوم الثاني من الملتقى عدة مداخلات من بينها مداخلة حول «الرئيس أحمد بن بلة في زيارة تاريخية إلى لبنان سنة 1997» للأستاذ معن بشور من بيروت، ومداخلة بعنوان «أحمد بن بلة المناضل الجمعوي بمغنية» للدكتور صادق بن قادة من تلمسان، ومداخلة حول «مؤتمر تونس أكتوبر 1956 وتداعيات على مسار الثورة الجزائرية المغاربية بالجمهورية التونسية» من تنشيط الدكتور لولب حبيب حسن من مركز الدراسات حول عبد الخالق صديقي من تونس، فضلا عن مداخلة للدكتور أحمد بن داود من جامعة تلمسان تحت عنوان «أحمد بن بلة ودوره في الإمداد بالسلاح عملية بخت دينا نموذجا»، ومن بين المحاضرين أيضا في هذا الملتقى الذي أعدت له لجنة التنظيم برنامجا موسعا الدكتور مصطفى خياطي الذي سيحكي عن الأثر التضامني لبن بلة وأثره في الدفاع عن حقوق الطفل في الجزائر. أما البعد الدولي للرئيس السابق للجزائر فسيتعرض له الأستاذ مارتان إيفانس من جامعة سويسيكس (المملكة المتحدة) من خلال محاضرته «بن بلة السياسي الدولي 1945-1965»، وكذا المختص في التاريخ بيار بلجيك من بروكسل، الذي سيسلط الضوء على بن بلة المدافع عن الوطنية، بالإضافة إلى صورة أحمد بن بلة من خلال محفوظات الأرشيف بفرنسا للدكتور جيلالي بلوفة عبد القادر من جامعة تلمسان، وأحمد بن بلة والفترة الانتقالية للدكتور عمار محند عامر من الجزائر العاصمة. كما سيتم في ختام هذا الملتقى الدولي تنظيم جولة سياحية عبر مختلف المعالم الأثرية والسياحية والثقافية لعاصمة الزيانيين.