صادق المجلس الشعبي الوطني يوم الثلاثاء بالأغلبية على نص قانون الجمارك خلال جلسة علنية ترأسها رئيس المجلس محمد العربي ولد خليفة بحضور وزير المالية حاجي بابا عمي. ويدرج هذا النص المعدل والمتمم للقانون 79-07 المؤرخ سنة 1979 المعدل في 1998 عشر محاور اصلاح جديدة تهدف أساسا إلى عصرنة واصلاح إدارة الجمارك وفقا لمتطلبات التحولات الجديدة للمحيط الدولي وتوجيهات النموذج الاقتصادي الوطني الجديد. وتشكل ترقية المهمتين الاقتصادية والأمنية للجمارك الامتداد الطبيعي للمهمة الجبائية التقليدية حيث تحرص ادارة الجمارك على ضمان مناخ سليم للمنافسة محفوظا من ممارسات الاغراق والتقليد مع فرض احترام المطابقة والمعايير . وستعزز بذلك المهمة الامنية من خلال دعم النصوص المتعلقة بمكافحة التهريب بانواعه سواء تعلق الامر بالسلاح او العملة الصعبة او المواد الخطيرة و كذا بالنسبة لتبييض الاموال و الاستيرا د و التصدير غير المشروعين و كل تجارة تمس بالامن العمومي مثل المواد النووية و المشعة و المتفجرات. وحسب نص القانون يلتزم اعوان الجمارك بواجب التحفظ على اسرار مهنتهم كما يجب عليهم الامتناع حتى خارج عملهم عن كل ما يتنافى مع مهامهم ويلتزمون كذلك بالحفاظ على السر المهني حتى بعد انهاء مهامهم. ولذلك تم تعديل المادة 48 لتحدد فئات الاشخاص والجهات المعنية التي لها "حق الاطلاع" خاصة البنوك والمؤسسات المالية مع توسيع مجال تدخل إدارة الجمارك إلى جميع الاشخاص المؤهلين بالتصريح لديها إلى جانب الوكلاء لدى الجمارك. ويتم في مجال احضار ووضع البضائع لدى الجمارك تدعيم الاحكام المتعلقة بالرقابة ومكافحة الغش من خلال وضع آليه للتتبع في مجال النقل البحري عبر الالزام بتحديد هوية المرسل اليهم وادراج التصريح الموجز عن الطريق الالكتروني إضافة إلى تحديد المسؤولية بين مستغل المستودع المؤقت والناقل خاصة في حالة سرقة او ضياع البضائع. أما في مجال الايداع الجمركي فيحدد القانون حالات الايداع للبضائع وتم تسهيل العملية بادخال نظام الاعلام الآلي في مجال تسيير الايداع إلى جانب التكفل بحالات البضائع رهن الايداع الخاصة بالمسافرين. أما في حالة اتلاف البضائع تعمل الجهات الوصية على تكريس قاعدة قانونية لإجراء اتلاف البضائع المعمول التكفل بتكاليف هذه العملية مع التأكيد على ان الترخيص بالاتلاف يمنح من طرف القاضي على شكل أمر قضائي وتحديد اجراءات تنفيذ هذا الامر. وبالنسبة لعمليات نقل البضائع على طول الساحل والنقل من مركبة الى اخرى حدد نص القانون قائمة البضائع التي يمكنها المكوث في المستودع بما فيها المستوردة من طرف غير المقيمين مع الترخيص لاجراء عمليات وضع الوسم على البضائع داخل المستودعات والتي ينبغي ان تكون ل "حاجة اقتصادية حقيقية" دون تحديد نوع هذه الحاجة وحدودها. وحدد نص القانون أجل ستة (06) أشهر لمنح "رفع اليد" على الكفالة الموضوعة على مستوى مصالح الجمارك وكيفيات حساب فوائد القرض المنصوص عليه في قانون الجمارك كضمان لرفع البضاعة في حالة الوضع للاستهلاك مع التكفل بحالات اللجوء إلى المخابر المختصة. وفي شقه المتعلق بالمسافرين يلزم القانون هذه الفئة بالتصريح بوسائل الدفع المحررة بالعملة الأجنبية مقابل منح ادارة الجمارك امكانية اجراء رقابة انتقائية للمسافرين باستغلال قواعد البيانات. وبخصوص الحقوق الجمركية والرسوم ينص القانون على امكانية دفع المبالغ المستحقة الى ادارة الجمارك نقدا أو بأية وسيلة دفع اخرى ذات قوة ابرائية مع تحديد آجال دفع الحقوق والرسوم المستحقة وتقدير فوائد التأخير في حالة انقضاء هذه الآجال. ويستهدف نص القانون أيضا اعادة هيكلة آليات المراقبة بوضع وسائل جديدة مبنية على مبدأ تحليل المخاطر وتكثيف عمليات البحث والمراقبة لاسيما فيما يخص مراقبة المسافرين. أما في الشق المتعلق بالاجراءات فينص القانون على الزامية اكتتاب التصريحات لدى الجمارك بالطريق الالكتروني بدلا عن الاستعمال اليدوي الحالي. وخصص نص القانون مجالا معتبرا للمنازعات الجمركية وهو ما يعكس عملية "اعادة هيكلة معمقة" ستمس العديد من الجوانب وذلك انطلاقا من مراجعة تعريف "الجريمة الجمركية". وتم في هذا الاطار توسيع طرق اثبات الجرائم الى وسائل القانون العام الأخرى بما فيها "وسائل الاثبات الالكتروني" وإثراء بيانات محاضر الحجز والمعاينة والنص. ويخول هذا القانون الجهة المعنية بتوقيف آجال تقادم دعاوى قمع الجرائم الجمركية عندما يتعلق الأمر بالتحقيقات الجمركية كما يمنح لرئيس المحكمة امكانية ترخيص بيع وسائل النقل المحجوزة في إطار مكافحة التهريب وكذا كل بضاعة أخرى عندما تبرر ذلك شروط استثنائية. كما وسع القانون من اشتراط الضمانات على الأجانب وغير المقيمين لتشمل المخالفات الجمركية على غرار الجنح ودعم سلطات أعوان الجمارك في مجال تبليغ دعاوى المتابعة للجرائم الجمركية. وبخصوص المسؤوليات تم اعتماد "مسؤولية الشخص المعنوي" نظرا لاعتماد هذا المفهوم في القانون رقم 04-15 المؤرخ في 10/11/2004 المعدل والمتمم لقانون العقوبات وإعادة تحديد مسؤولية الوكلاء لدى الجمارك والكفالة وربان السفن وربان الطائرات ومسؤولية إدارة الجمارك حول التعويض على وضعيات الحجز غير المؤسس. وفي سياق تحسين أداء أعوان الجمارك تم إعادة إدراج مفهوم "التواطؤ" ضمن المخالفات الجمركية وإعادة تصنيف بعض المخالفات حسب درجة خطورتها وتسقيف مبالغ بعض الغرامات. وفي مجال تدعيم حقوق مرتفقي إدارة الجمارك وتحقيق الشفافية تلزم الادارة بنشر المادة الاحصائية والتشريعات والتنظيمات الجمركية عن طريق الوسائل الملائمة واعلام المرتفقين عن الاسباب التي ادت الى القيام باجراءات المنازعات مع تمكينهم من القرارات القبلية حول الاجراءات الجمركية وعناصر احتساب الحقوق والرسوم. ويكرس نص القانون أيضا في مادته 98 مكرر مبدأ حرية اللجوء إلى طرق الطعن القضائية بعد قرار اللجنة الوطنية للطعن التي سيتم تكوينها وتحديد طرق عملها عن طريق التنظيم. وفي المجال الدولي يمنح هذا النص ادارة الجمارك امكانية ابرام اتفاقيات تعاون مع المتدخلين في سلسلة الامداد للتجارة الدولية الذين يمارسون نشاطهم في الجزائر قصد تحسين المراقبة الجمركية مع إلزام ادارة الجمارك بتقديم المعلومات التي تحوزها في مجال التجارة الخارجية الى المصالح المعنية.