أوضح خبراء و مختصون في العلاقات الدولية و القانون الدولي أن المغرب هو من يحتاج إلى الاتحاد الافريقي نظرا للثقل الذي أصبحت تتميز به المنظمة القارية, و ذلك مقابل العزلة الدولية التي أصبحت تعاني منها الرباط بسبب تعنتها في مسار الحل السياسي للنزاع حول الصحراء الغربية. الإتحاد الافريقي قائم على مبادئ راسخة تمثل هوية الشعوب الإفريقية و تاريخها النضالي و يلاحظ المختصون أن الإتحاد الافريقي قائم على مبادئ راسخة تمثل هوية الشعوب الإفريقية و تاريخها النضالي, إذ لا يمكن التلاعب بها. وقال الأستاذ بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية,الدكتور محمد سعيد مكي, أن المغرب سعى إلى الإنضمام إلى المنظمة القارية بسبب "المكانة الضعيفة التي اصبح يعاني منها على الصعيد الدولي خاصة فيما يتعلق بالنزاع حول الصحراء الغربية", معتبرا أن هذا الإنضمام "هو أمر عادي جدا لإعتبارات جغرافية". وأبرز المحلل السياسي أن قضية الصحراء الغربية أصبحت تحظى باهتمام دولي متزايد و أن كل المنظمات الإقليمية و الدولية في العالم أصبحت تعي عدالة الكفاح الصحراوي و بالتالي وجد المغرب نفسه معزولا عن العالم "و لهذا لجأ إلى الإتحاد الإفريقي الذي أصبح يكتسب زخما متزايدا". وأضاف أن المغرب هو اليوم أمام "إختبار جديد" سيكشف مدى إحترامه لقرارات الإتحاد الإفريقي الذي أصبح يعمل في إنسجام كبير مع هيئة الأممالمتحدة و مجلسها للأمن, "خاصة و أن الرباط وقعت على الميثاق التأسيسي للإتحاد بكل ما يتضمنه من تناقضات مع الدستور المغربي الذي يكرس +إحتلال الصحراء الغربية+". وذكر السيد مكي بقرار محكمة العدل الأوروبية حول إتفاق الزراعة و الصيد البحري مع المغرب و القاضي ببطلان هذا الإتفاق على الأراضي الصحراوية المحتلة, بالإضافة إلى إعادة النظر في إتفاقيات كانت تربط المغرب ببلدان أخرى, ناهيك عن الإنطباع السيئ الذي تركه المغرب بعد مرحلة التوتر الأخيرة مع هيئة الأممالمتحدة و البعثة الاممية من اجل تنظيم استفتاء تقرير المصير بالصحراء الغربية (المينورسو). المغرب بحاجة إلى الإتحاد الإفريقي و ليس العكس من جانبه, أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة مستغانم و المختص في الدراسات الإفريقية و الاستراتيجية,أبصير أحمد طالب, أن المغرب أدرك الآن أن انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية كان خطأ استوجب تصحيحه بعد 32 سنة, بحيث أن "الرباط أدركت قوة منظمة الإتحاد الإفريقي" وأنه "لا يمكن العمل بشكل منعزل عن هذا الهيكل القاري الذي أضحى أكثر قوة و زخما", و بالتالي فإن المغرب هو الذي صار بحاجة إلى الإتحاد الإفريقي و ليس العكس. ودعم المختص رأيه بالقول أن المغرب حاول في البداية طرح شروط مقابل انضمامه إلى الإتحاد لكنه سرعان ما تخلى عن كل شروطه ووقع على الميثاق التأسيسي دون أي تحفظ, "وهذا ما يؤكد حاجة المغرب إلى هذا الهيكل القاري على كل المستويات, السياسية والدبلوماسية منها و خاصة الإقتصادية". وأكد المختص في الشؤون الإفريقية أن إنضمام المغرب إلى الإتحاد الإفريقي يمكن أن يندرج في إطار الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي و دبلوماسي لقضية الصحراء الغربية من خلال العمل المشترك مع منظمة الأممالمتحدة التي تتعامل مع هذا الملف. كما أشار المختص في الشؤون الإفريقية أن هناك "إجماعا تاما" داخل الإتحاد الإفريقي على جملة من المبادئ المشتركة بين كل شعوب القارة و هي نبذ الإستعمار و تحقيق التنمية الشاملة في القارة, مؤكدا أن هذه المنظمة القارية "أصبحت بالفعل أكثر نضجا ووعيا برهاناتها و تحدياتها سواء على المستوى الداخلي أو في علاقتها مع العالم". المصادقة على نصوص الإتحاد, إعتراف بالجمهورية الصحراوية أما من الزاوية القانونية, فقد أكد المختص في القانون الدولي, الدكتور لنوار فيصل, أن فعل المصادقة على العقد التأسيسي للإتحاد الإفريقي "هو, من وجهة نظر القانون الدولي, بحد ذاته إعتراف بالجمهورية الصحراوية التي هي عضو مؤسس للاتحاد", مشيرا شيرا إلى أن هناك تعارض بين مضمون القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي والدستور المغربي, إلا أن هذا التعارض لا يمكن أن يؤثر على عمل الإتحاد الإفريقي لأن عمل هذه المنظمة القارية مؤطر بموجب القانون التأسيسي وعليه فالمغرب ملزم باحترام أحكام هذا القانون الذي يسمو على دستوره الداخلي. وأضاف أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بجامعة الجزائر (1), أن إنضمام المغرب تم بما يتوافق مع أحكام القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي لا سيما تلك المتعلقة باحترام الحدود القائمة عند الإستقلال و كذا إحترام الدول الأعضاء في المنظمة و الدفاع عنها, بما في ذلك الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي تعد عضوا مؤسسا كامل الحقوق. و أوضح, بهذا الخصوص, أن مبدأ سمو الإتفاقات و المعاهدات الدولية على القوانين الداخلية هو مبدأ دولي يعترف به الدستور المغربي, وعليه فإن التصريحات المتعلقة بعدم الإعتراف نظريا بالجمهورية الصحراوية يمكن ان يشكل "خرقا" لقانون الإتحاد الإفريقي و للدستورالمغربي نفسه الذي يقر بسمو الإتفاقات الدولية على كل الوثائق التشريعية الداخلية للبلد. وذكر الخبير القانوني أن الجمهورية الصحراوية من المنظور القانون الدولي هي "دولة قائمة بذاتها ترزح تحت الإحتلال", وهي تخضع لمسار تصفية إستعمار تحت رعاية الأممالمتحدة مثلها مثل كل الدول التي مرت عبر هذا المسار لتحقيق إستقلالها.