خلص المشاركون في ندوة حول "الإسلام و الغرب: نظرات متقاطعة"، نظمت عشية الجمعة بالصالون الدولي للكتاب، و التي أدارتها الصحفية بوكالة الأنباء الجزائرية أسماء كوار، إلى التأكيد على ضرورة تغليب "الحوار الداخلي" داخل المجتمعات الإسلامية و الغربية لمساعدتها على فهم الآخر. و أعرب باحثون و مختصون في الفكر الإسلامي و حوار الحضارات خلال مداخلتهم عن رغبتهم في رؤية المجتمعات الغربية و الإسلامية على حد سواء، تسعى إلى "فهم" الاختلاف،من خلال فتح قنوات التعارف و الإصغاء بهدف القضاء على المسببات التي تحول دون تقارب الطرفين و تزيد من التنافر و التباعد بينهما. واعترف الدكتور مصطفى الشريف، في مداخلته أن موضوع علاقة الإسلام بالغرب يبقى "جد معقد" و يستلزم "تحليلا علميا وموضوعيا"، وذلك بالابتعاد عن التحاليل "الذاتية و العاطفية" لفهم حقيقة "العيوب" التي تلصق "مجانا" على هذا الطرف أو ذاك. و فيما يحذر الباحث في العلوم الإسلامية، من وجود ما اسماه ب "سيروروات انحرافية" في كلا القطبين الغربي و الإسلامي، أوضح أن هناك "محطات مضيئة" في التاريخ الإسلامي يمكن الاقتداء بها الآن. مشيرا إلى ما كانت عليه الجزائر خلال القرن 15 إلى غاية القرن 19، حيث كانت قوة إقليمية كبيرة، حينما بادرت في تلك الفترة إلى إبرام اتفاقيات صداقة مع دول عدة -مثل معاهدة الصداقة الدائمة المبرمة سنة 1816 بين الجزائر و هولندا- وهو "دليل على سلوك متحضر للمسلمين" عبر فترات متعاقبة من تاريخهم. و خلص شكات إلى القول أنه متيقن بوجوب الإبقاء على "نوافد مفتوحة" للتبادل، و ذلك "على ضوء نصوص القرآن و نصوص الشريعة". من جهته، قال الأب هنري تيسيي، أسقف الكنيسة الكاثولوكية بالجزائر سابقا، أن النقاش يجب يكون "بين الأطراف المتفتحة التي تقبل الآخر وبين المنغلقين من الأفراد" الذين يمكن مصادفتهم سواء في المجتمعيين الإسلامي أو الغربي، بهدف القضاء على الأفكار التي قد تدفع بالمنغلقين بسلوكات عنيفة و رفض للآخر. و أوضح تيسيي أنه على هذه المجتمعات الغربية و الإسلامية أن تبحث عن نفسها من خلال "الحوار الداخلي الذي سيسمح لها بالانتقال بسهولة إلى مرحلة الحوار الخارجي، أي بين الحضارة الغربية و الإسلامية" : "على المسلمين أن يتحاوروا فيما بينهم لتتضح لهم الرؤية حول العلاقة بين الغرب و الإسلام و نفس الشيء يجب أن يقوم به الغرب" في ذات الموضوع يفسر الأب هنري. وخلص من جهته بوغوسلاف زاغورسكي،عضو المجلس المشترك الكاثوليكي ببولونيا، على ضوء واقع الجالية المسلمة ببلده، إلى القول إن بولونيا بلد متعدد اللغات و القوميات و الأعراق مند القرن 17 توجد به اليوم أقلية مسلمة قديمة وأخرى وافدة جديدة اختارت الاستقرار هناك، إلا أن هذا "الجيل الجديد من المسلمين" من أصول عربية و تركية و باكستانية و البانية و كذا إفريقية "لم يندمجوا كما يجب" في المجتمع البولوني.