اختار الباحث الدكتور صاري علي حكمت، أستاذ الأدب المقارن بجامعة تلمسان، ومندوب المنتدى الأورو متوسطي للحوار بين الأديان والحضارات، قسّ الجزائر السابق، المونسنيور هنري تيسيي، لكتابة مقدّمة مؤلفه الجديد الموسوم ”ألف ليلة وليلة من المولد النبوي الشريف.. ميلاد الإسلام أو روح الزوايا”، الصادر حديثا عن دار ”ثالة” للنشر. انتقد هنري تيسي بعض التيارات الإسلامية التي لا تجيز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وكأن ذلك ينقص من شأن عبادة الإله الواحد، حسب تعبيره. وأضاف تيسيي أن بعض التيارات والفرق الكلامية تعتقد أن هذا الاحتفال ينافس أعيادا شرعية في الديانة الإسلامية، محاولا التأسيس لمقاربة بين الاحتفالات بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلّم في أبعادها الروحية والشعبية، وبين احتفالات المسيحيين بميلاد النبي عيسى عليه السلام، حين قال: ”فعلا لقد احتلّ الاحتفالان مكانة كبيرة في الخشوع الشعبي الإسلامي والمسيحي”، في حين تحدّث الكاتب صاري علي حكمت، المعروف بتخصّصه في التراث الصوفي، عن الخلفية التاريخية والعائلية لاحتفالات المولد النبوي الشريف بمدينة تلمسان، مدعّما مؤلفه بنصوص شعرية وقصائد شعبية جمعها تحت عنوان ”مولديات تلمسان”، معتبرا إياها النصوص النفيسة التي تمثّل جزءا من التراث اللامادي للجزائر. قال الدكتور صاري، في تصريح ل”الخبر”، إن الكتاب يشكل تجربته في عائلة صاري المنتمية إلى الطريقة الدرقاوية، وكان والده المرحوم الدكتور كمال حبيب صاري علي، حريصا على الاحتفال بالمولد النبوي، وكان يلقّن أولاده الأشعار والأذكار التي تتلى ليلة المولد مثل همزية البصيري. وفي الجانب الشخصي، على صعيد تجربة الكاتب، يقول إن رواد الزوايا كانوا في صراع وجدال فكري مع تيارات أرادت إقناع سكان المدينة بحرمة الاحتفال بالمولد النبوي، وهي الحاضرة الثقافية والتاريخية التي انطلقت فيها احتفالات المولد من بلاط حكم بني زيان منذ سبعة قرون خلت. وتبدو جليا محاولة الكاتب إعطاء الانطباع الآخر من استعداد المسلمين الفكري للحوار الحضاري بين الأديان، من خلال إعطائه فرصة تقديم الكتاب لقسّ الجزائر هنري تيسيي.