تميزت الكثير من خطابات قادة الأحزاب السياسية خلال الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات المحلية، التي أدركت يومها الثاني عشر بالميل نحو التذكير بإيديولوجية و فلسفة الحزب و مواقفه السياسية، بدل التركيز على تقديم مقترحات للحلول التي تتماشى مع المشاكل المعاينة على المستوى المحلي. فعلى سبيل المثال، بقيت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون وفية للطابع المميز لخطاباتها و للطروحات المتبناة من طرف تشكيلتها السياسية، حيث أكدت يوم الخميس من بجاية أن الوضعية التي تعيشها البلاد لا يمكن أن تتغير دون إرادة سياسية قوية، لتضيف بأن هذا الأمر لا يدخل ضمن جدول الأعمال المسطر لان "التوجه العام يصب في قالب ليبرالي يدير ظهره لرفاهية المواطنين و يفضل منطق الربح". فمن وجهة نظر حنون، تعد سياسة التقشف التي تم إدماجها في قانون المالية القادم "أكبر دليل على ذلك"، حيث سيتسبب دخول هذا القانون حيز التنفيذ في "نزيف للطبقة الشعبية و حتى الطبقة المتوسطة". غير أنها أكدت بالمقابل أن الأزمة في الجزائر "ليست حتمية"، كما أنه يتعين البحث عن مصادر تمويل الاقتصاد من خلال وضع الأموال في مكانها الصحيح، لتضيف بأن هذه الأخيرة كان من المفروض أن تكون موجهة لمضاعفة الميزانية الحالية، "غير أن التهرب الضريبي و عدم تسديد القروض و انعدام الفوترة و إعادة التقييم الدائم للمشاريع وغيرها، تحد من القدرات التمويلية للدولة و توقف عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد". أما رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، فقد بنى الخطاب الذي ألقاه في التجمع الشعبي الذي نشطه بعين تيموشنت على بيان أول نوفمبر و أهميته ك"وثيقة مرجعية لتأسيس الدولة الجزائرية ببعدها الديمقراطي الاجتماعي، قائمة على مبادئ الدين الإسلامي"، مشيرا إلى أن هذه القيم "هي نفسها التي يتبناها حزب طلائع الحريات لبناء دولة قوية تكون كما حلم بها النوفمبريون"، كما جاء على لسانه. و دعا بن فليس إلى العمل على تقوية الجبهة الداخلية "بنظام سياسي يتمتع بثقة الشعب"، حيث تعد الشرعية و احترام سيادة الشعب و إيجاد الحلول الاقتصادية و الاجتماعية "مخرجا حقيقيا" يمكن من تحقيق هذا الهدف. و من تلمسان، شدد رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي على أنه "من الواجب إعادة السلطة إلى الشعب عن طريق بناء دولة ديمقراطية و أن تكون الرسالة الواردة في بيان أول نوفمبر مرجعية كل الجزائريين و أن تكون هذه المبادئ عملا و فعلا وليس شعارا فقط لأن الجزائر دولة اجتماعية تبنى على نظام ديمقراطي شعبي". و بعد أن حث تواتي الشعب الجزائري على "التمسك بسيادته و سلطته و أن لا يستقيل بمقاطعته للانتخابات و يترك أصحاب المال الوسخ يتربعون على عرش المجالس الشعبية البلدية و الولائية"، أضاف بالقول أنه يتعين على الحاكم أن "ينظر إلى الشعب ككل مع استشارته من أجل صنع القرار المناسب"، كما أنه "لا يجوز تحميل الشعب الأخطاء و سلبه سلطته لأنها سلطة دستورية". و حافظ تواتي على نفس الاتجاه في الخطاب الذي ألقاه بعد ذلك بعين تيموشنت أين دعا إلى عدم تفويت فرصة الانتخابات المحلية المقبلة ، ليقول في هذا الصدد : "لا يمكن ترك الجزائر في المتاهات، كما أنه لا بد من اليقظة و الفطنة لاسترجاع سيادة الشعب الذي يجب أن يمارس سلطته الفعلية و الانتخابية و لابد من الوقوف و مراقبة أصواتنا لأن الاستقالة الشعبية ليست الحل". و بدوره، لم يحد خطاب حزب جبهة التحرير الوطني عن المحاور التي يتطرق اليها في كل مرة، حيث ذّكر عضو المكتب السياسي للحزب، عبد القادر عجوج من سيدي بلعباس بأن حزبه يدعو للمحافظة على أمن واستقرار البلاد "من أجل مواصلة عمليات التنمية التي أطلقها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في مختلف القطاعات". و قال بهذا الخصوص أن "جبهة التحرير الوطني حزب عتيد لطالما ناضل من أجل المحافظة على أمن واستقرار البلاد التي بفضلها تحققت التنمية في مختلف المجالات"، لينوه مطولا بالمكاسب المحققة بفضل برنامج رئيس الجمهورية و التي "لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد". و خلص عبد القادر عجوج إلى المشاركة بقوة في التصويت واختيار مرشحي قوائم حزب جبهة التحرير الوطني سواء في المجالس الشعبية البلدية أو المجلس الشعبي الولائي "من أجل مواصلة عمليات التنمية والمحافظة على المكاسب التي تحققت في إطار المخططات الخماسية الأخيرة". و على صعيد مغاير، فضل رئيس حزب الفجر الجديد الطاهر بن بعيبش توجيه الخطاب الذي ألقاه بميلة نحو ضرورة العمل على تعبئة شعبية واسعة من أجل إنجاح موعد الانتخابات المحلية المقبلة. و أكد بن بعيبش على أن "الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد يحتم تضافر الجهود و التعبئة لإنجاح هذا الموعد الهام إذ أن الوسيلة الوحيدة لإحداث التغيير السلمي تكمن في الانتخابات و فرض سيادة الشعب"، مثلما أوضح. و أضاف في ذات الصدد بأن إنجاح المحليات المقبلة تستدعي توفر شرطين أساسيين يتمثلان في "مشاركة شعبية قوية" و "احترام نتائج الصندوق من أجل مجالس محلية تمثيل إرادة و رغبات الشعب". و من جهته، رافع رئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس من تيزي وزو لصالح تدعيم صلاحيات المنتخبين المحليين لتحقيق تنمية أفضل، حيث ترى تشكيلته السياسية بأن رئيس المجلس الشعبي البلدي و الولائي "يجب أن يكون القاضي الأول" على مستوى حيز سلطته. ولدى تطرقه للوضع الاقتصادي للبلاد، جدد المتحدث دعمه لقرار الحكومة القاضي باللجوء للتمويل غير التقليدي و الذي اعتبره الحل الوحيد لتسيير العجز في الميزانية. و من جهة أخرى، ناشد بن يونس ناخبي ولاية تيزي وزو -التي ما فتئت تحقق خلال السنوات الأخيرة أضعف نسب المشاركة في مختلف الاستحقاقات- الانتخاب بقوة "لإعطاء المنتخبين القادمين شرعية و مصداقية للقيام بمهامهم"، منددا بدعاة الانتفاضة السلمية في الجزائر، مما "يهدد بإعادة إغراق البلاد في فوضى عاشتها خلال العشرية السوداء"، مؤكدا أن الديمقراطية هي التي "تسمح بالخروج نهائيا من الشرعية التاريخية للدخول في الشرعية الديمقراطية". أما رئيس حزب جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد فقد أعرب من سوق أهراس عن قناعته بأن "أزمة الجزائر أزمة تسيير و حوكمة وليست أزمة مالية" . و أوضح بلعيد في هذا السياق بأن حزبه يصبو إلى إحداث التغيير. غير أن الأمر لا يتعلق -في منظوره- بتغيير الشخص بشخص آخر وإنما "تغيير المفاهيم و أساليب الحكم والتسيير والممارسات"، لأن الجزائر تعاني اليوم من "أزمة متعددة يعتقد الكثير بأنها أزمة اقتصادية لكنها أزمة أخلاقية وأزمة تسيير ليس إلا".