فضل شباب غوفي , القرية السياحية الواقعة ببلدية غسيرة (دائرة تكوت) على بعد 90 كلم جنوب مدينة باتنة استقبال رأس السنة الأمازيغية الجديدة "يناير" باستحضار عادة الوزيعة الضاربة في القدم بالمنطقة. وعلى غير العادة اتفق شباب القرية العاملين المساهمة كل حسب استطاعته لشراء عجل وذبحه وتقطيعه إلى حصص من اللحم توزع على كل الأسر الفقيرة والمعوزة بالجهة وتمكينها من الاحتفال بيناير . و تشهد هذه القرية الصغيرة بالمناسبة حركة نشيطة لم تألفها من قبل, أبطالها شباب في مقتبل العمر يهبون في وقفة تضامنية لترسيخ احتفالات يناير لسنة 2018 في الذاكرة كونها المرة الأولى التي يحتفل به كعيد وطني مدفوع الأجر بقرار من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لذا استوجب التحضير له بطريقة استثنائية وفي أجواء بهيجة وفقا لما ذكره ل"وأج" محمد يوسف أحد المشاركين في العملية . و صرح المتحدث وهو عامل ببيت الشباب بغوفي يبلغ من العمر 47 سنة: "أردنا دخول السنة الأمازيغية الجديدة بعمل تضامني كبير استفادت منه أكثر من 200 عائلة" و "الهدف منه بعث من جديد لعادتي التويزة وكذا الوزيعة اللتين غابتا عن الجهة في السنوات الأخيرة وأيضا لم شمل سكان المنطقة لإحياء عادات وتقاليد الأجداد". -- في الماضي كان الماعز أساس وزيعة ينار بغوفي... ويتذكر من جهته الحاج عثمان مليلي (87 سنة) الذي استحسن مبادرة شباب القرية التي استقطبت اهتمام كل سكان غوفي بما فيهم المسنين والأطفال و كذا النساء الماعز كان في السابق أساس وزيعة ينار بهذه الجهة التي كانت تشتهر بتربيته نظرا لطابعها الجبلي. و كان قبل حلول رأس السنة الأمازيغية بيوم أو يومين يضيف المتحدث جمع رؤوس من الماعز يساهم بها ميسورو الحال من السكان ليتم ذبحها وتقطيعها ويوزع لحم كل واحدة على 5 أو 6 عائلات مؤكدا على أن تقسيم لحم الماعز يتولاه ضليع في الميدان بحيث يجزأ الذبيحة بإتباع المفاصل ولا يقطعها عشوائيا . ويتميز إحياء يناير بهذه الجهة بالنسبة للنساء يضيف ذات المتحدث بالاستيقاظ باكرا يوم 11 من هذا الشهر الذي يسمى "ينار أقديم" أو "ينار القديم" لإحضار "هزويت" وهو وعاء من الحلفاء يشبه القفة يحملون فيه "أينين" أو المناصب وهي 3 حجارة توضع عليها "أقنوش" أو القدرة لطهي الطعام حيث يتم التخلص من الحجارة القديمة وينظف المكان وتوضع فيه الحجارة الجديدة . وتحرص ربات البيوت في هذا اليوم يضيف المصدر بتزيين باب المنزل وكذا قربة الماء بأعشاب و أغصان خضراء يتم جلبها من البساتين أو المناطق الجبلية القريبة تيمنا بسنة فلاحية مليئة بالخيرات مؤكدا بأن النساء يوم 12 يناير يقاطعن كل الأعمال المنزلية ويتفرغن لطهي لحم الوزيعة الذي يقدم إلى جانب طبق "إيرشمن" أو "الشرشم" وهو قمح ينقع في الماء ثم يطهى في الماء والملح وبعدها يصفى ويضاف إليه العسل ويزين أحيانا ببعض الفواكه المجففة . وفي هذا اليوم تقول الجدة زرفة معرف "لا نأكل التمر والعبرة في ذلك حسب ما ورثناه عن الأجداد والمسنين تفاؤل بعام خصب في المحاصيل لأن ترك النواة عارية معناه أن السنة تكون قليلة الخيرات ونتناول عوض ذلك التين المجفف" . وهناك الكثير من العادات التي ما زالت مقترنة بإحياء "ينار" بالجهة كإنهاء كل أشغال النسيج من حياكة المفروشات والزرابي وحتى الألبسة التقليدية على غرار "القشابية" و "البرنوس" أو ما يعرف محليا بأشغال المنسج قبل حلول رأس السنة الأمازيغية وحرص ربات البيوت على تحضير كميات كافية من الأطعمة والتأكد من أن كل أفراد العائلة قد شبعوا و إرجاع كل الأشياء التي تمت إعارتها حتى لا يبقى شيء من "ينار" القديم. فالاحتفال بيناير بهذه الجهة ما زال يحمل الكثير من الطقوس والعادات الموروثة ومنها تلك المتعلقة بالفلاحة والأرض والخصوبة حيث تجتهد النساء فيه لإضفاء لمسات على بيوتهن توحي بالتفاؤل بسنة خير في المحاصيل والزروع فيما يحلو للرجال التمتع بلعبة "ثاكورث" أو الكرة التي تعبر عن الابتهاج بهذه المناسبة.