يتميز إحياء رأس السنة الأمازيغية بمختلف مناطق ولاية باتنة لاسيما القرى والمداشر بطقوس وعادت ما زالت تحتفظ بنكهتها الخاصة لدى الكثير من العائلات التي توارثتها أبا عن جد. فبين ينار أقذيم أو القديم وينار أجديد أو الجديد هي نفس التقاليد التي تستحضرها العائلات كل مرة لكن بسحر الماضي حيث تحرص ربات البيوت -حسب حدة براهمية (59 سنة) من آريس- على استرجاع كل الأشياء التي تمت إعارتها لتكون في مكانها قبل حلول السنة الأمازيغية الجديدة. وقبل ذلك - تضيف المتحدثة - تبدأ الاستعدادات للمناسبة بأسبوع فتستبدل إحدى حجارة الموقد التقليدي الثلاث وتسمى هذه العادة بويني (أي واحدة) ثم تستبدل البقية صبيحة يناير و تطلى بالزبدة أو ما يسمى محليا بالدهان وهي زبدة يضاف إليها الملح. ويصادف يناير القديم الذي تطهى فيه الأطعمة باللحم المجفف المملح (أي القديد أو الخليع) يوم 12 يناير (جانفي) فيما يصادف يناير الجديد يوم 14 يناير وفيه يستخدم اللحم الطازج في الأطعمة, حسب حدة التي أكدت لوأج, بأن نساء المنطقة يحرصن يوم يناير على إحضار الحشائش والأغصان الخضراء تنبؤا بعام فلاحي جيد مليء بالخيرات. ويكون طبق إيرشمن أو الشرشم ( قمح ينقع في الماء ثم يغلى وبعدها يصفى وتضاف إليه كمية من الغرس أو التمر الطري) أو المخلطة (نفس القمح المنقوع لكن تضاف اليه كمية من الفلفل الحار) حاضرا بقوة على مائدة يناير, وفق المتحدثة, التي ذكرت بأن النساء يروحن عن أنفسهن في رحلتهن الاستجمامية إلى الحقول في هذا اليوم لقلب الحجارة ولكل حشرة أو نبتة وجدت تحتها تفسير خاص. فالنمل يدل على "ثيسرعاف" أو الماشية من غنم وماعز والحفر الصغيرة تعني مخازن المؤونة والمال والديدان هي العرائس أما "هيمزي" أو أم الأربعة والأربعين أو غيرضمث أو العقرب فدليل شؤم, حسبما اتردفت حدة. ومن جهته أكد عمار منزر من بوزينة (29 سنة) بأن يناير الذي يأمل الكل أن يحمل معه الخير والرفاهية لا تكتمل طقوسه إلا بتحضير 7 فواكه أو خضر مجففة خصيصا للمناسبة عادة ما تتمثل في العنب والتين والمشمش المجففين والجوز والرمان والتمر وغيرهما من المنتجات الزراعية الموسمية. إحياء تقاليد يناير يقاوم العصرنة كما لم يخف علي مزياني (47 سنة) عضو بالفرقة التراثية إيبوندا بآريس بأن أغلب العائلات بالجهة تصر على إحياء عادات يناير إلى حد اليوم وعلى الطريقة التقليدية. وبالنسبة للنساء فيناير يعد مناسبة سعيدة للفرح والتزين بأحلى الألبسة والمصوغات الفضية دون إغفال السواك والكحل فيما توضع في أيدي الأطفال أساور من الصوف لحثهم على الحيوية والنشاط وتكون لديهم رغبة كبيرة في العمل يضيف المتحدث. أما الرجال - يضيف مزياني- فدأبوا في مثل هذه المناسبة على ممارسة لعبة "أشارث" أو الشارة حيث يوضع هدف ويرمى بالحجارة بصفة فردية لمعرفة دقة وقوة المتنافسين في التسديد. وبالنسبة ل"أمنزون ينار" لسنة 2967 بعاصمة الأوراس فقد ارتأت جمعية ثامزغا أوراس فوروم باتنة في افتتاح الطبعة الثالثة للأسبوع الثقافي الأمازيغي للثقافة والحضارة الأمازيغية مساء أمس الاول الثلاثاء تنظيم تكريم خاص لعميد الأغنية الشاوية جمال صابري من أم البواقي ممثلا لفرقة "البربر" نظير ما قدمته للأغنية الأمازيغية. وكانت لحظات حميمية تلك التي التقى فيها الفنان المعروف فنيا باسم "جو" بعشاق الأغنية الشاوية الذين قدموا من باتنة وضواحيها وصفقوا مطولا لهذه المبادرة التي أضفت جوا مميزا على احتفالات يناير بباتنة.