تشهد مجموع المساجد عبر ولاية غرداية منذ مطلع شهر الأنوار ( ربيع الأول) حلقات إنشاد قصائد ومدائح دينية سيما منها (المولدية والبردة والهمزية) التي تعلو من مناراتها وباحاتها المزينة إحياء لذكرى مولد سيد الكائنات محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. وتعم هذه الأجواء الإحتفالية التي تقام بين صلاتي المغرب والعشاء مختلف قصور سهل وادي ميزاب وأيضا متليلي والمنيعة والقرارو وبريان، وعلى غرا جميع مناطق الوطن ، حسب العادات المتوارثة وذلك عبر المساجد ودور العبادة التي تسودها نفحات روحانية وابتهالات وقصائد محمدية تتغنى بصفات وشمائل خير البرية والأخلاق النبوية العظيمة والتي ترددها فرق من المنشدين وأحباب المصطفى -صلي الله عليه وسلم-. و"تشكل مناسبة المولد النبوي الشريف فرصة لإبراز رسالة الإسلام الحنيف التي نشرها الرسول الأعظم وشرح مقتبسات من السيرة النبوية العطرة لفائدة الأجيال الناشئة " ، كما ذكر الحاج بكير أحد سكان حي بلغنم بالضاحية الغربية لمدينة غرداية . وعادة ما يحبذ عديد المواطنين المنحدرين من غرداية المقيمين بمختلف مناطق بالوطن وأيضا من الجالية المهاجرة بالخارج كذلك إحياء هذه المناسبة الدينية العظيمة وسط الأهل بهذه المنطقة للإستمتاع بالعادات والطقوس الإحتفالية المتميزة التي لا زال يحتفظ بها السكان. و''تنطلق الإحتفالات بمولد خير الأنام منذ اليوم الأول من شهر الأنوار ( ربيع الأول) والتي تتواصل إلى غاية سهرة 11 منه بعد صلاة العشاء ، والتي تمثل ليلة مولد رسول الرحمة عليه الصلاة والسلام ، حيث تبلغ الإحتفالات ذروتها في هذه الليلة المباركة''، وفق ما أضاف السيد الحاج بكير. ومن جهته، يرى الحاج مختار أحد سكان حي الحاج مسعود الشعبي بالضاحية الجنوبية الشرقية لعاصمة الولاية " أن إحياء هذه الذكرى العطرة تعد مناسبة للتذكير بمكانة السنة النبوية الشريفة في الممارسة الروحية للفرد المسلم ، والتي تمثل النموذج القويم الذي ينبغي أن يقتدي به كل مؤمن ". وتتميز مظاهر الإحتفال بمولد الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وسلم) بقصر بني يزقن، بإحياء عادات موروثة ليلة المولد والتي تتمثل في إقامة استعراض ليلي بهيج عبر الأزقة الضيقة للقصر لجموع من المحتفلين من مختلف الأعمار سيما الأطفال الذين يتوشحون بملابس بيضاء ، وينشد الجميع مدائح محمدية عبر شوارع القصر حاملين أقداح زيتية تقليدية مضيئة تعرف محليا ب" إينارن" في مشهد في غاية الروحانية وذلك تعبيرا عن ابتهاجهم بميلاد خير البرية . وتلتقي تلك الجموع الغفيرة من المحتفلين بالمسجد العتيق الذي يتوسط قصر بني يزقن ، حيث يتم به جمع ما تبقى من الزيت المستعمل في تلك الأقداح ليعاد بيعه بطريقة البيع التقليدية (المزايدة أو الدلالة) بسوق القصر، حيث توجه المداخيل لفائدة صندوق المسجد لغرض التكفل بتغطية أعباءه المختلفة ، فيما تتحول تلك الأقداح الزيتية إلى مقتنيات للديكور . ويتوخى من إحياء تلك العادات والتقاليد بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف التي يتميز بها سكان غرداية استدامتها وأيضا المحافظة على التراث اللامادي وتعزيز العلاقات الروحية التي تربط بين أفراد الشعب الجزائري بأطيافه المتنوعة.