تم تقديم مساء الثلاثاء بالجزائر العاصمة العرض الأولي للفيلم الوثائقي "محرقة الظهرة، جريمة الحضارة" لمخرجه عبد الرحمان مصطفى الذي تناول احد الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها عن وعي المستعمر الفرنسي في حق قبائل أولاد رياح بمستغانم. ويتطرق هذا الوثائقي المطول على مدى 74 دقيقة إلى تفاصيل "محرقة الظهرة" التي قتل فيها خنقا ازيد من ألف جزائري نتيجة إضرام النيران داخل المغارة الواقعة بمرتفعات الظهرة شرق مستغانم بالقرب من تنس بولاية الشلف. ويستند الفيلم إلى شهادات مؤرخين حول الجرائم التي ارتكبها الكولونيل بيليسيه بأمر من "الجنرال بيجو" في 18 جوان 1845، الذي قام بإضرام النيران بمداخل المغارة التي لجأ إليها نساء و أطفال ورجال و شيوخ هروبا من قمع الجيش الاستعماري، بعدما عجز عن مقاومة قبائل الظهرة. وعكس هذا الوثائقي- باللغتين العربية والفرنسية- السياسة المنتهجة من طرف بيجو التي ارتكزت حول القمع وتدمير النسيج الاقتصادي والاجتماعي للأهالي وتجريدهم من كافة ممتلكاتهم بما فيها ثروتهم الحيوانية. كما سلط الضوء على معاناة الجزائريين في بداية الحقبة الاستعمارية التي اتسمت بأبشع أساليب التعذيب والإبادة و القمع المنتهجة من طرف قوات الاحتلال. وأدلى مؤرخون وباحثون في تاريخ الجزائر وقضايا الاستعمار بشهاداتهم حول "محرقة الظهرة" والتي تعد من أولى جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر. وقدم المخرج شهادات لكل من الباحث بالمركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية "كراسك"، سوفي فؤاد والمؤرخ عمار بلخوجة والباحث جيل مونسيرون مختص في قضايا الاستعمار الفرنسي إلى جانب المختص في قضايا تاريخ الاستعمار، اوليفيه لوكور غراند ميزون. كما تطرق المخرج إلى جرائم الظهرة بمنظور فني حيث قام باستدراج لوحات فنية تستحضر الماضي الاستعماري وتجسد مأساة و معاناة سكان أولاد رياح. وتم الشروع في انجاز هذا الفيلم منذ بداية التسعينات بتمويل من الوكالة الوطنية للإشعاع الثقافي (ارك) بعد سنوات من البحث في تاريخ قبائل أولاد رياح ومحرقة الظهرة. وسيعرض "محرقة الظهرة، جريمة الحضارة " قريبا في قاعات السينما عبر الوطن.