تتواصل في العراق المشاورات السياسية لإيجاد بديل يحل محل رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي وذلك على وقع جدل سياسي بشأن مذهب رئيس الحكومة القادم، في وقت لم تهدأ فيه أعمال العنف التي ميزت المظاهرات في مدينتي النجف وكربلاء جنوب البلاد رغم دعوات إقليمية ودولية لإنهائها. وقبل أن يبدي البرلمان العراقي الاحد الماضي موافقته الرسمية على استقالة عبد المهدي وحكومته، عقدت الاحزاب السياسية اجتماعات ولقاءات للبحث عن رسم ملامح المرحلة المقبلة، والتي تكثفت في الاونة الاخيرة من أجل اخماد صوت العنف الذي يسود الشارع منذ اكتوبر الماضي. وشدد رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، اليوم على ضرورة ان يتخذ الرئيس برهم صالح قرار تكليف شخصية جديدة لرئاسة البلاد خلال 15 يوما المقبلة وذلك إستنادا للمادة (76) من دستور البلاد. جدل سياسي حول المذهب الطائفي للرئيس الوزراء السابق تعقد المشاورات السياسية في العراق على وقع جدل سياسي، حول المذهب الذي ستذهب له رئاسة الحكومة المقبلة، حيث دعا نواب في البرلمان اليوم لإلغاء عرف محاصصة الرئاسيات الثلاث، وهو ما كان متعارف عليه في العراق، منذ سقوط نظام صدام حسين السابق في 2003، حيث يتولى رئاسة الوزراء أحد الشخصيات الشيعية، على أن تذهب رئاسة البرلمان للسنة، ويتسلم الأكراد رئاسة الجمهورية. وطالب نائب رئيس كتلة تحالف القوى النيابية رعد الدهلكي، بترشيح شخصية سنية لرئاسة الوزراء ، مبرزا أنه في الوقت الذي دعت فيه العديد من الجهات الى رفع المحاصصة "فلا بد من أن ترشح شخصية من مكون آخر غير الشيعي لرئاسة الوزراء وأن يترك خيار الموافقة عليه للجماهير بعيدا عن القوى السياسية". لكن نائبا آخر عن نفس التحالف الذي ينتمي إليه البرلماني الدهلكي، الذي يعتبر أكبر تحالف سني بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، نفى اليوم رغبة مكونه في تسلم منصب رئاسة الوزراء، محذرا من أن "الأوضاع في البلاد لا تحتمل بروز أي أزمة جديدة، وعلى الجميع تجاوز هذه المرحلة بتنفيذ المطالب المشروعة بلا تداعيات سلبية"، مشددا على "دعم تحالف القوى ومساندته لرئيس الوزراء من الكتل الشيعية". من جهتها، تنظر كتل الأكراد "بترقب كبير" إلى نتاج ما يدور من مشاورات في بغداد، إذ أعربت حكومة كردستان العراق عن أملها بتطبيق اتفاق مبدئي تم توقيعه قبل أيام من استقالة عبد المهدي رصد لها حصة في موازنة العام 2020 مقابل تصدير النفط الخام عبر قنوات حكومة بغداد. التظاهرات لم تهدأ في العراق وعدد ضحايا الاحتجاجات في ارتفاع مستمر تواصلت التظاهرات في بغداد ومدن جنوبية داعية إلى إنهاء نظام المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب، وهذا بعدما كانت مقتصرة على الدعوة إلى توفير فرص عمل وخدمات عامة، تصاعدت مطالب المحتجين الذين ما زالوا يسيطرون على ساحات التظاهر، لتشمل إصلاح كامل المنظومة السياسية التي أرستها الولاياتالمتحدة بعد سقوط نظام صدام حسين . وكانت المناطق الجنوبية لا سيما النجف وكربلاء من اكثر المدن دمية خلال اليومين الماضيين، حيث أضرم المتظاهرون النار من جديد أمام القنصلية الإيرانية في النجف ما أدى إلى إحتراق مدخلها. وكشفت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، من جهتها ، عن آخر إحصائياتها لأعداد الضحايا والجرحى والمعتقلين في المظاهرات منذ انطلاقها مطلع أكتوبر الماضي، في بغداد ومحافظات وسط البلاد وجنوبها. وقال عضو المفوضية علي البياتي إن "عدد القتلى بلغ 433 شخصا إضافة إلى نحو 20 ألف إصابة معظمها من المحتجين، إلى جانب إصابات داخل صفوف عناصر القوات الأمنية، مبرزا أن "إجمالي عدد المعتقلين بلغ 2597، أُفرج عن 2441 منهم وبقي 156 رهن الاعتقال". وكشف البياتي عن إطلاق السلطات العراقية، أمس الثلاثاء، سراح 15 معتقلا بعد تدخل مفوضية حقوق الإنسان وتبرئتهم من قبل القضاء ، وطالب ب"تعويض جميع المعتقلين الذي تمت تبرئتهم قضائيا و ماديا ومعنويا، نتيجة الأضرار التي لحقت بهم من عمليات الاعتقال". وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان قد بحثت أمس مع بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق ملف المظاهرات وما رافقتها من أحداث. وقال رئيس المفوضية عقيل الموسوي لبعثة الاتحاد الأوروبي، حسب بيان، إن "المفوضية نشرت أكثر من 400 من موظفيها في ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات ضمن فرق لرصد الانتهاكات".