أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون مساء امس الثلاثاء ان الجزائر تملك قدرات كافية لم تستعمل كلها بعد لمواجهة هذا الوباء لا من الناحية المادية ولا من الناحية المالية والتنظيمية. وقال الرئيس تبون في لقاء صحفي مع مسؤولي بعض وسائل إعلام وطنية ان "بلادنا في تمام الجاهزية" مبرزا ان الالتزام بهذه الإجراءات الوقائية يجعل هذه الأزمة "تمر بلطف" على الجزائر . وذكر أن الجزائر كانت من بين "البلدان الأوائل بخصوص القرارات المتخذة للتصدي لانتشار فيروس كورونا وذلك قبل بلدان أوروبية" ، مستدلا في ذلك باللجوء إلى "غلق المدارس والثانويات والجامعات وكذا الملاعب" كإجراء احترازي. واعلن رئيس الجمهورية، في هذا السياق عن تمديد غلق المدارس والجامعات ومؤسسات التكوين المهني وهذا في إطار إجراءات الوقاية من انتشار وباء كورونا ومكافحته. وأشار الى أن الجزائر شرعت مباشرة بعد التأكد من دخول أول حالة الى البلد من خلال رعية أجنبي في اتخاذ هذه الإجراءات اللازمة حيث كنا مثلما قال-- "الاوائل في القيام بالفحص في المطارات والموانئ، كما كنا اول من قام باجلاء الرعايا من الخارج خوفا عليهم من الخطر عندما تم استقدامهم من ووهان الصينية ووضعهم في الحجر الصحي". واعتبر الرئيس تبون ان الكلام عن تأخر الجزائر في اتخاذ اجراءات الوقاية من الوباء بمثابة "هجمة شرسة" تستهدف الجزائر مبرزا ان "هناك من لم يهضم الاستقرار الذي تعيشه البلاد". ولفت الى أن الجزائر "لا تخفي أي شيئ" بخصوص حالة الوباء في البلاد. واكد أن الجزائر "تسيطر على الوضع" و أنها تملك قدرات تسمح حتى بمواجهة الوباء في حال وصوله الى الدرجة الخامسة خاصة و أن قدرات الجيش الشعبي الوطني لم تستغل بعد. وبشان الوسائل المادية و نقص توفر بعض مستلزمات الوقاية اشار الرئيس تبون الى ان "عامل المفاجأة وحالة الطوارئ التي أعلنتها الدولة تسبب في بعض الاحيان في خلق بعض التذبذب في التوزيع" وذلك رغم "توفر الوسائل إجمالا". ولمواجهة هذا التذبذب، تم كما قال سحب بعض المخزونات من بعض الولايات وتوجيهها نحو ولايات أخرى. و لفت إلى أن وباء كورونا كان مناسبة لإعادة إطلاق الصناعة الوطنية في عدة مجالات مثل المطهرات والاقنعة حيث تحركت "آلة الانتاج الوطني " ليرتفع إنتاج هذه الأقنعة الى 90 الف قناع يوميا الى جانب ارتفاع محسوس في الإنتاج المحلي لمواد التطهير. واوضح ان هذه الامكانيات الوطنية ستضاف الى الطلبيات الى تقدمت بها الجزائر الى الصين للحصول على 100 مليون قناع و 30 الف طقم كشف الى جانب قفازات . وسيتم استلام هذه الطلبيات خلال "ثلاثة أو أربعة أيام". فيما يتعلق بالإمكانيات المالية للجزائر، ذكر السيد تبن بأنه تم لحد الان تخصيص 370 مليار سنتيم كاحتياط لشراء سائل الوقاية قبل أن يتم اضافة 100 ملين دولار أخرى مؤخرا لمواجهة الوباء. كشف السيد تبون عن اقتراح صندوق النقد و البنك العالمي تقديم مساعدة للجزائر يقدر مبلغها الاجمالي ب130 ملين دولار. وقال أن " المشكل ليس مشكلا ماليا...يمكنني حتى اتخاذ قرارا بتخصيص 1 مليار دولار للتصدي لفيروس كورونا" مستدلا على قوله بالتذكير بأن البلاد تملك احتياطات للصرف تقدر ب60 مليار دولار . وتابع بالقول: "من اراد مساعدتنا تلقائيا فمرحبا به وسيكون ذلك كإشارة صداقة ولكننا لن نطلب أي صدقة .. لدينا ما يكفينا". وأشاد رئيس الجمهورية في هذا الصدد بعلاقات الصداقة التي تجمع الجزائروالصين التي لها معها اتفاقيات تعاون استراتيجية في العديد من المجالات. وقال أن الصين "دولة صديقة تكاد تكون حميمة وهذا لا يعجب البعض" مضيفا أن بين البلدين صداقة قوية تعود إلى مرحلة حرب التحرير وتواصلت بعد الاستقلال. ذكر بهذا الخصوص أنه في اطار علاقات الصداقة بين البلدين لبت الجزائر نداء الصين وقامت بإرسال مساعدات بها في فبراير الماضي للمساهمة في الحد من تفشي وباء كورونا. أبرز رئيس الجمهورية أن الهبة التضامنية التي قدمتها الصين مؤخرا للجزائر والمتمثلة في مساعدات طبية وإرسال عدد من أطبائها الى الجزائر هو للاستفادة من تجربة هذا البلد الذي تغلب على هذا الوباء. وبشان ما تم تداوله بخصوص نقل الطاقم الطبي الصيني الى مستشفى عين النعجة العسكري قال رئيس الجمهورية أن المؤسسة العسكرية تملك الالاف من الخبرات الطبية وشبه الطبية ما يجعلها في غير حاجة لأي دعم طبي خارجي بل أكثر من ذلك ستقوم بتدعيم المستشفيات المدنية باطباء مختصين وممرضين للتصدي لهذا الوباء. عن دواء الكلوروكين الذي سيجري تطويره محليا قال رئيس الجمهورية ان بروتوكول علاج فيروس كورونا الذي اساسه دواء الكلوروكين "قد اظهر فعاليته "على بعض المصابين. وأوضح انه بعد الإقرار بالبدء في استعمال هذا البرتوكول في علاج المصابين بفيروس كورونا حدث نقاش بين المختصين في الطب حول مدى نجاعته غير أن تجربته اثبتت فعاليته على المرضى . وأشار إلى أنه استنادا إلى وزير الصحة فإن هذا العلاج أظهر "مؤشرات ايجابية" بحيث ستظهر النتيجة بعد عشرة أيام اي لما يكتمل البروتوكول. وأفاد الرئيس تبون أن الجزائر تملك حاليا مخزونا من هذا العقار يكفي لحوالي 200 ألف جزائري. وشدد رئيس الجمهورية على ضرورة التحلي ب "الانضباط" في مواجهة فيروس كورونا وقال :"ما ينقصنا هو الانضباط فقط" في تطبيق النصائح التي يقدمها الأطباء والالتزام بالحجر الصحي، داعيا في هذا الشأن المواطنين الى "تفادي التجمعات،والى ضرورة الخوف على أنفسهم وأهاليهم جراء هذا الوباء". و أكد ان الاطباء الجزائريين " من بين احسن الاطباء في العالم"، وان الجزائر تمتلك "كل الإمكانيات والوسائل" لمواجهة هذا الوباء. واعلن الرئيس تبون أنه وقع، صباح امس، على مرسوم لاستحداث علاوة استثنائية لفائدة مستخدمي الهياكل والمؤسسات العمومية التابعة لقطاع الصحة المجندين في إطار الوقاية من انتشار وباء كورونا ومكافحته. وأوضح أن هذه العلاوة تدفع شهريا لفترة استثنائية من ثلاثة (3) أشهر قابلة للتجديد. وتدفع هذه العلاوة، في شكل مبالغ جزافية، تتراوح ما بين 10 آلاف دج بالنسبة للمستخدمين الاداريين ومستخدمي الدعم، 20 ألف دج للمستخدمين شبه الطبيين و 40 ألف دج للمستخدمين الطبيين. كما أعلن أن المرسوم يمكن تمديد الاستفادة منه الى فئات أخرى من المستخدمين الذين هم على علاقة مباشرة بمهمة الوقاية من فيروس كورونا ومكافحته. ويدخل المرسوم حيز التنفيذ ابتداء من 15 فبراير وفي حديثه عن المشككين في الأرقام المقدمة بصفة منتظمة بشان وضعية هذا الفيروس في الجزائر، اكد الرئيس تبون أن ذلك يعد بمثابة "هجمة شرسة"، تستهدف " امورا حساسة " في الجزائر،على رأسها الجيش الذي يعتبر"العمود الفقري للبلاد" ،اذ "لم يهضموا بعد حمايته للمسيرات وللحراك". كما تستهدف هذه الهجمة يضيف رئيس الجمهورية "مؤسسات الدولة" من خلال محاولة إعطاء صورة كأنها في دولة "شمولية "، مبرزا في هذا المجال ما تتمتع به البلاد حاليا من "حرية التعبير و أجواء الديمقراطية". وفي رده على سؤال بشان مستقبل المؤسسات الاقتصادية في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بفعل تفشي الوباء و انهيار أسعار النفط، أكد السيد تبون أنه سيكون دوما "الى جانب المؤسسات و الحرفيين" و أن الدولة " ستتكفل بتوفير كل الوسائل الاقتصادية التي تسمح برجوع المؤسسات الصغيرة و المتوسطة دون خسائر". وأشار بخصوص مسألة المخزون من المواد الغذائية الى أنه " موجود بوفرة " مطمئنا المواطنين انه "لن تكون هناك أي ندرة في هذه المواد". واوضح أن انتاج مادة السميد، على سبيل المثال، تضاعف 3 مرات خلال الفترة الأخيرة بفضل ارتفاع طاقة انتاج المطاحن الى 100 بالمئة. و عن احتياطيات القمح، كشف رئيس الجمهورية عن قدوم بواخر تحمل شحنات من القمح للجزائر الى جانب احتياطي من القمح يكفي ل4 أو 5 أشهر. و أضاف "لدينا احتياطات صرف ب60 مليار دولار في حين لا تتعدى فاتورة استيراد الغذاء عندنا 9 ملايير دولار سنويا ..لا يمكن الحديث عن ندرة في الغذاء". وتأسف السيد تبون لبعض السلوكات السلبية ك"تخزين و تهريب" المواد الغذائية ومواد الوقاية من الوباء مثل الأقنعة مثمنا جهود "الوطنيين" الذي يبلغون عن مثل هذه التجاوزات. و عن سؤال متعلق بمدى استعداد البلاد لمواجهة تداعيات انهيار أسعار النفط، أكد السيد تبون أن الجزائر مستعدة لرفع هذا التحدي. و قال ان الجزائر قبل انهيار اسعار النفط كانت ستشرع في اعادة هيكلة الاقتصاد غير ان هذا الانهيار قد يتسبب في انخفاض المداخيل النفطية ب30 بالمئة أ و 40 بالمئة .. و "ربما تصبح هذه المداخيل كما قال لا تغطي سوى 20 بالمئة من حاجياتنا الاقتصادية الا ان هناك خطة مدروسة و النصوص تحضر و ستكون هناك تغييرات". من جهة أخرى، و فيما يتعلق بالرعايا الجزائريين العالقين بدول أجنبية و منها تركيا، أكد أنه سيتم في غضون يومين أو ثلاثة البدء في إجلاء ما تبقى من الجزائريين المتواجدين بهذا البلد. و ذكر بأنه تم لحد الان "اجلاء حوالي 8.000 جزائري من مختلف دول العالم تم وضعهم في فنادق فخمة لقضاء الحجر الصحي من بينهم 1.800 قدموا من تركيا". و عن سؤال لمعرفة سبب "تأخر" اجلاء باقي الجزائريين العالقين في تركيا، أوضح السيد تبون أن التحري عن حالات هؤلاء المواطنين، المقدر عددهم ب1850 شخص تطلب وقتا فضلا عن ضرورة انتظار توفر أماكن لوضعهم في الحجر الصحي. و قال بهذا الخصوص: "وجدنا من بين العالقين أشخاصا لا يملكون جوازات و اخرين لا يملكون تذكرة سفر صالحة" مجددا، مرة أخرى، التزامه الشخصي ب"عدم التفريط في أي جزائري" عالق خارج أرض الوطن.