عرف ملف استرجاع رفات وجماجم شهداء المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي للجزائر و المتواجدة بمتحف التاريخ الطبيعي في باريس مراحل عديدة منذ تفجير هذه القضية سنة 2011، لتتوج مساعي الجزائر الحثيثة بإعلان رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الخميس، عن إعادة 24 رفات من قادة المقاومة الشعبية ورفاقهم يوم غد الجمعة إلى أرض الوطن على متن طائرة عسكرية من القوات الجوية الجزائرية قادمة من فرنسا. وفي هذا الصدد، أولت الجزائر اهتماما خاصا لهذا الملف، بموجب ما ينص عليه الدستور من ضمان الدولة لاحترام أرواح الشهداء، وتطبيقا لأحكام القانون رقم 07-99 المؤرخ في 5 أبريل 1999، المتعلق بالمجاهد والشهيد، لاسيما المادة 54 منه التي تمنع "التنازل بأي شكل من الأشكال عن أي جزء من التراث التاريخي والثقافي". كما جاء الاهتمام بهذا الملف بالنظر لما تحمله قضية استرجاع رفات وجماجم شهداء المقاومة الشعبية المتواجدة بمتحف التاريخ الطبيعي في باريس، من رمزية والاعتناء الذي يحظى به هؤلاء الرموز من طرف الدولة الجزائرية. إقرأ أيضا: الرئيس تبون: إعادة 24 رفات من قادة المقاومة الشعبية ورفاقهم يوم الجمعة إلى الجزائر وبمناسبة استرجاع رفات 24 قادة من قادة المقاومة الجزائرية، ذكرت وزارة المجاهدين و ذوي الحقوق أنه منذ 9 يونيو 2016، تم تبادل مراسلات مختلفة وعقد اجتماعات تنسيقية عديدة بين القطاعات المعنية (الوزارة الأولى ووزارتي الشؤون الخارجية والمجاهدين)، لإدراج القضية ضمن المباحثات الجزائرية الفرنسية وإيجاد السبل المناسبة لاسترجاع هذه الرفات. وقد تم عقد أول اجتماع تنسيقي بتاريخ 23 يونيو 2016، وتضمن دراسة التقرير الذي أعدته الملحقة الثقافية بالسفارة الجزائريةبباريس بخصوص الإجراءات المقترحة من طرف مدير المجموعات المتحفية بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي. وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد تعهد في زيارته للجزائر في السادس من ديسمبر 2017 باستعداده لتسليم جماجم شهداء المقاومة الشعبية المتواجدة بمتحف التاريخ الطبيعي بباريس، و منذ ذلك التاريخ كلف الوزير الاول وزارة المجاهدين بالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية لإعداد الطلب الرسمي لاسترجاعها. سنة من بعد ذلك تقريبا، استقبل وزير المجاهدين الطيب زيتوني سفير فرنسابالجزائر، بطلب منه، و الذي سلمه نسخة من مراسلة وجهها وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي إلى وزير الشؤون الخارجية و التي يطلب فيها تحديد سويا بقايا الرفات التي ليست موضوع مناقشة والأخرى التي يجب أن تكون محلا للمزيد من التوثيق العلمي من خلال دراسة ستجريها اللجنة العلمية، وذلك وفقا لتوصيات اللجنة الحكومية المشتركة الرفيعة المستوى المجتمعة في 7 ديسمبر 2017. وقد تم عقد اجتماع تنسيقي في 3 سبتمبر 2018 تضمن ادراج تعديلات على الوثيقة الواردة من الطرف الفرنسي حول طريقة العمل وتشكيلة الفوج وتعيين تشكيلة اللجنة العلمية الجزائرية. وعقدت اللجنة العلمية الجزائرية-الفرنسية، المكلفة بتحديد هوية الرفات، اجتماعات على مستوى متحف الانسان بباريس، في 12 سبتمبر 2018 برئاسة كل من البروفيسور بلحاج من الطرف الجزائري والمدير العام للتراث بوزارة الثقافة الفرنسية، تمحورت أساسا حول تنظيم العمل وتحديد دور اللجنة المشتركة و التفاوض حول إمكانية توسيع القائمة لتشمل كل الرفات المتواجدة على التراب الفرنسي والمصادقة على جدول الاجتماعات الثنائية و مناقشة الوثائق التي سيقدمها الطرف الفرنسي لتحديد قائمة الرفات الجزائرية الموجودة بفرنسا. إقرأ أيضا: ولد قابلية: إعادة جماجم المقاومين الجزائريين "حدث تاريخي" وبتاريخ 5 فيفري 2019، عقدت اللجنة المشتركة الجزائرية-الفرنسية اجتماعا بمقر وزارة الشؤون الخارجية بالجزائر، تضمن التأكيد على ضرورة تدارك التأخر وتسريع وتيرة العمل، تفعيل قائمة ال06 جماجم المكتملة وضبط البرنامج الزمني لعقد لقاءات دورية بواسطة تقنية التحاضر المرئي عن بعد و التأكد من مدى مطابقة نتائج الأبحاث للمنهجية المتفق عليها والاتفاق في الأخير على عقد لقاء في 28 مارس 2019 بباريس لعرض نتائج البحث التي توصل إليها الطرف الجزائري. من 18 إلى 26 مارس 2019، اجتمعت اللجنة العلمية المشتركة لإجراء التحاليل على الرفات المتواجدة بمتحف التاريخ الطبيعي بباريس و لفحص العينات وفقا لبروتوكول العمل العلمي المعتمد. في شهر مارس 2020، عقدت نفس اللجنة عدة اجتماعات متتالية أسفرت عن إعداد التقرير النهائي و تحديد الرفات و الجماجم القابلة للاسترجاع وتلك الغير قابلة للاسترجاع والتي تحتاج إلى تدقيق.