تندرج زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية, ستافان دي ميستورا الى المنطقة, و التي استهلها اليوم السبت بزيارة مخيمات اللاجئين الصحراويين, في سياق اللقاءات الهادفة الى "تعميق المشاورات مع كل الأطراف المعنية" بالنزاع في الصحراء الغربية, في محاولة لإيجاد حل له. وفي أول اجتماع له مع القيادة الصحراوية, التقى المبعوث الاممي بالوفد الصحراوي المفاوض, برئاسة مسؤول التنظيم السياسي لجبهة البوليساريو, خطري أدوه, رفقة وزيرة التعاون الصحراوية فاطمة المهدي, وممثل جبهة البوليساريو في الأممالمتحدة, سيدي محمد عمر. كما التقى بعد ذلك بالوزير الأول الصحراوي, بشرايا حمودي بيون. وأوضح سيدي محمد عمر في تصريح للصحافة عقب اللقاء, بأن جبهة البوليساريو "ملتزمة بالسلام العادل تماما, كما هي ملتزمة بالدفاع عن حق الشعب الصحراوي بكل الوسائل من أجل تحقيق الأهداف المشروعة في تقرير المصير و الإستقلال", مجددا استعداد جبهة البوليساريو للتعاون مع الأممالمتحدة, و مبعوثها الشخصي, في جهودهما الرامية إلى التوصل إلى "حل سلمي وعادل ودائم يقوم على الإحترام الكامل لحق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف, وغير القابل للمساومة في تقرير المصير والإستقلال". كما اجتمع المبعوث الشخصي الاممي بوفد عن النساء الصحراويات حيث تخللت اللقاء عدة مداخلات أبرزت واقع المرأة الصحراوية, في ظل ما تتعرض له في المناطق الصحراوية المحتلة من قمع وتنكيل على يد قوات الاحتلال المغربي, الى جانب دورها النضالي من أجل الحرية و تقرير المصير. و أوضحت الأمينة العامة للإتحاد الوطني للمرأة الصحراوية, الشابة سيني, في ختام اللقاء, أنهن عبرن عن انشغالهن العميق تجاه مصير الشعب الصحراوي الذي "لا يزال ينتظر تدخل الأممالمتحدة من أجل حلحلة النزاع وتصفية آخر مستعمرة في إفريقيا". وأشارت نفس المسؤولة الصحراوية أن "45 سنة من الإنتظار في وضعية اللجوء أمر غير مقبول في الوقت الذي ينتظر فيه من الأممالمتحدة أن تشرف على تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية منذ سنة 1991". كما طالبت باسم النساء الصحراويات من دي ميستورا "بضرورة زيارة المناطق المحتلة من أجل تقصي الحقائق ومواجهة السلطات المغربية في منع زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لهذه المناطق", متسائلة عن سبب رضوخ الأممالمتحدة لرغبة الإحتلال المغربي في هذا الإطار. الشباب الصحراوي يطالب بحق تقرير المصير و التقى بعدها الدبلوماسي الايطالي-السويدي ممثلين عن الشباب الصحراوي, بمقر الضيافة بالشهيد الحافظ. وعبر الحضور وبصراحة عن آماله وطموحاته ورؤيته لطبيعة النزاع, حيث كانت المداخلات تطالب بمطلب الشعب الصحراوي وحقه المشروع المتمثل بالأساس في التمكين من تقرير المصير ونيل الحرية والاستقلال. كما زار معرضا إنتاجيا يضم لوحات فلكلورية تبرز العادات الصحراوية الأصيلة, بالإضافة إلى معرض فوتوغرافي, إلى جانب جناح خاص بعادات وتقاليد الشعب الصحراوي, وآخر عن الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المواطنون الصحراويون بالمناطق المحتلة من الصحراء الغربية, إضافة إلى جناح إعلامي ورواق للصناعة التقليدية وكذا لوحات تشكيلية. ومن المنتظر أن يختم دي ميستورا زيارته الى مخيمات اللاجئين الصحراويين يوم غد الأحد بلقاء مع الرئيس الصحراوي, الأمين العام لجبهة البوليساريو, إبراهيم غالي. وكانت الناطقة باسم الأممالمتحدة, إيري كانيكو, قد أشارت أمس الجمعة الى ان المبعوث الأممي "يتوق لتعميق المشاورات مع كل الأطراف المعنية على أمل التقدم بالمسار السياسي في الصحراء الغربية بطريقة بناءة". وستكون نتيجة كل هذه المحادثات "جزء" مما سيرفعه دي ميستورا إلى مجلس الأمن خلال الإحاطة التي سيقدمها للمجلس شهر أكتوبر القادم عندما يحين موعد تجديد ولاية بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء بالصحراء الغربية (مينورسو). و سبق و ان اجرى دي ميستورا أول جولة له للمنطقة في يناير المنصرم, بعد تعيينه في أكتوبر الماضي, و ذلك في محاولة لإعادة بعث المسار السياسي في الصحراء الغربية, استهلها بالمغرب, ثم مخيمات اللاجئين الصحراويين, حيث التقى بالعديد من مسؤولي جبهة البوليساريو, الممثل الوحيد للشعب الصحراوي, قبل أن يحط به الرحال بموريتانيا, ليختتم زيارته بالجزائر على اعتبارهما بلدين جارين وملاحظين, حسب ما تنص عليه خطة التسوية المشتركة بين الأممالمتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا), وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وفي شهر يوليو الماضي, عاد المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي الى المنطقة بزيارته المغرب, في مسعى جديد للدفع نحو مفاوضات بين طرفي النزاع (المغرب و جبهة البوليساريو), غير أنه منع من قبل الرباط من زيارة الأجزاء المحتلة من الصحراء الغربية, وهو ما نددته جبهة البوليساريو بشدة, مستنكرة "الغياب التام للإرادة السياسية من الرباط للمشاركة بشكل بناء" في عملية السلام التي ترعاها الأممالمتحدة في الصحراء الغربية.