تخلد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية, غدا الاثنين, الذكرى ال47 لتأسيسها, في ظروف خاصة يطبعها تصعيد القتال من اجل طرد الاحتلال و استكمال السيادة الوطنية على جميع الاراضي المحتلة, لتسير بخطى ثابتة نحو الحرية و الاستقلال برصيد كبير من الانجازات على كل المستويات. و يستحضر الشعب الصحراوي في ذكرى تأسيس جمهوريته, في 27 فبراير 1976, الرهانات الكبيرة خلال تلك المرحلة بعد انسحاب الاستعمار الاسباني, اثر توقيع اتفاقية مدريد المشؤومة في 14 نوفمبر 1975, واجتياح المغرب للأراضي الصحراوية شهر اكتوبر من نفس العام, والشعب الصحراوي لا يزال يلملم جراحه, ليبدأ معركة جديدة ضد الاحتلال المغربي, ما زالت متواصلة الى غاية اليوم. وموازاة مع معركة الكفاح المسلح, انطلقت منذ اليوم الأول مسيرة تشييد المؤسسات لبناء جمهورية عصرية تحتضن جميع الصحراويين ضمن اطار وطني جامع يلبي طموحاتهم و يستجيب لتطلعاتهم في مختلف الميادين, في افق طرد الاحتلال وتحقيق الاستقلال. ويرى السفير الصحراوي لدى الجزائر, عبد القادر طالب عمر في تصريح ل/وأج, أن "47 سنة من الكفاح دليل قاطع على إصرار الشعب الصحراوي على تحرير جميع اراضيه, وهو ما أجهض كل محاولات الاحتلال لشرعنة احتلاله للأراضي الصحراوية, رغم كل الاساليب القذرة التي لجأ إليها من شراء للذمم ودفع للرشاوى وتضليل و ابتزاز وتهديد وتطبيع". و أبرز في السياق ان الجمهورية الصحراوية "كشفت الوجه الحقيقي للمخزن كنظام توسعي فاسد مستعد لأن يتحالف مع الشيطان لخدمة مصالحه وتكريس مقارباته, وعلى رأسها استعباد الشعوب ونهب الثروات والتآمر على دول الجوار والعبث بأمن و استقرار المنطقة". كما أكد عبد القادر طالب عمر ان "الشعب الصحراوي يملك رصيدا كبيرا يمنحه ثقة أكبر في استكمال سيادته على جميع اراضيه, وهو يسير اليوم بخطى ثابتة وموثوقة نحو انتزاع حقه في الحرية والاستقلال". مسيرة حافلة بالانتصارات الدبلوماسية والمكاسب القانونية ورغم ما تفرضه ظروف الاحتلال والحرب من عوائق, اكد من جهته الدبلوماسي الصحراوي ابي بشرايا البشير, ان "الجمهورية الصحراوية حققت انجازات كبيرة على كل المستويات داخليا و خارجيا, لا سيما على الصعيدين السياسي والدبلوماسي, والتي جعلت منها حقيقة قائمة و رقما لا يمكن تجاوزه في حل اي من معادلات المنطقة أو القارة". و أشار في هذا الصدد الى الاحصائيات الرسمية التي تجعل من الجمهورية الصحراوية في مقدمة البلدان الافريقية الاكثر نجاحا في محو الامية والتعليم, وهذا بالرغم من ظروف اللجوء والاحتلال والجدار العسكري الفاصل. اما على الصعيد الدبلوماسي, يضيف, حققت الجمهورية الصحراوية مكاسب كبيرة اخلطت أوراق الاحتلال, وعلى رأسها العضوية في الاتحاد الافريقي من موقع المؤسس والبلد الفاعل والذي يكتسي وجوده بالنسبة للأفارقة رمزية كبيرة, بالنظر الى تاريخ القارة الحافل بالكفاح والنضال ضد الاستعمار. و أبرز أبي بشرايا ان أكثر من 80 دولة تعترف بالجمهورية الصحراوية وتربطها بها علاقات دبلوماسية, ناهيك عن حضورها المتميز في قمم الشراكات الدولية و التزامها الفعال بمكافحة الجريمة المنظمة والارهاب, الذي يشكل الاحتلال المغربي مصدرا كبيرا له بشهادة تقارير المنظمات الدولية المتخصصة. وتأتي هذه الحصيلة كنتيجة للمعركة القانونية التي تخوضها جبهة البوليساريو في أوروبا منذ سنوات, حيث تعززت صفتها القانونية من خلال قرار المحكمة الاوروبية سبتمبر 2021, والذي أكد على الشخصية القانونية الدولية للجبهة وأهليتها للمرافعة امام الهيئات القضائية الأوروبية للدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي, وكذلك الاحكام القضائية التي تقضي ببطلان الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الاوروبي والمغرب والتي تشمل الاراضي الصحراوية المحتلة. ولعل من اهم الانتصارات القانونية التي حققتها الدبلوماسية الصحراوية ايضا, قرار المحكمة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب الصادر في سبتمبر 2022, والذي أكد على احتلال المغرب لأجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية, مع دعوة الدول والشعوب الافريقية للتضامن مع الشعب الصحراوي. وعلى وقع هذه الانتصارات الدبلوماسية وتورط المغرب في فضائح دولية تستهدف تشويه كفاح الشعب الصحراوي, التأم شهر يناير الماضي المؤتمر ال16 لجبهة البوليساريو لأول مرة منذ استئناف الكفاح المسلح في 13 نوفمبر 2020, حيث اكد على ضرورة تصعيد القتال كأولوية قصوى لطرد الاحتلال من اجل استكمال السيادة الوطنية على جميع الاراضي المحتلة. ويأتي هذا القرار في ظل تماطل المجتمع الدولي في انصاف الشعب الصحراوي و اجبار الاحتلال على الانصياع للشرعية الدولية, ليبقى حسم المعركة بيد الجيش الصحراوي, الذي اكد الرئيس الصحراوي ابراهيم غالي مؤخرا, أنه رأس الحربة في معركة الوجود والمصير والكرامة و استكمال مهمة التحرير. ويرى السفير ابي بشرايا أن "العالم أصبح مقتنعا أكثر من اي وقت مضى ان القفز على ارادة الشعب الصحراوي في الحرية و الاستقلال مستحيل, و ان احترام ارادته هو مفتاح السلام العادل والنهائي في المنطقة التي لا تتحمل المزيد من التوتر", مشددا على أن القضية الصحراوية تفرض نفسها اليوم في اكبر المحافل الدولية.